هشام الجخ

«علّمونا فى المدارس» أن النظافة عقاب!!

الأربعاء، 30 أكتوبر 2013 05:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذا الموقف سيفهمه فقط مواليد السبعينيات والثمانينيات الذين درسوا فى مدارس حكومية (مثلى).

كنا قديما.. إذا تأخرنا عن ميعاد الطابور.. يأمرنا (مدرس الألعاب) أن نجمع الورق الملقى فى فناء المدرسة كشكل من أشكال العقاب.. وبالتالى نشأنا ونحن نفهم أن النظافة عقاب، وأن من يقوم بالنظافة هم الطلبة المهملون فقط.

التعليم هو حجر الزاوية المفقود فى مصر.. دعونا نواجه أنفسنا بالحقيقة الكارثية التى نحياها.
لقد كان التعليم فى مصر فى مستهل فترة حكم (جمال عبدالناصر) هو التعليم الأعلى والأرقى فى العالم العربى، وذلك من موروث التعليم الإقطاعى فى مصر، والذى كان قاصرا على أصحاب البكوات والباشوات وأصحاب الألقاب الرفيعة.. وكان أصحاب الألقاب الرفيعة هؤلاء يغدقون العطايا والمنح والتبرعات لمؤسسات التعليم فى مصر والتى – أقصد المؤسسات – لم تكن تقدم خدماتها بالمجان أصلا.. فتوفرت لدى مؤسسات التعليم موارد مالية كبيرة جدا، أثّرت فى، وأثْرت العملية التعليمية فى مصر حتى أصبحت مصر هى المحجّ لكل طالبى العلم فى الوطن العربى.. وأصبح العرب الحاصلون على شهادات من جامعات مصرية، يتباهون بشهاداتهم على أترابهم الذين حصلوا على شهادات من جامعات أخرى
وبعد ثورة 23 يوليو 1952 اتجه (جمال عبد الناصر) لمجانية التعليم.. وهى سياسة بها ما بها من مميزات، وعليها ما عليها من عيوب.. ولكن إحدى النتائج النهائية لهذه السياسة أن عدد المتعلمين فى مصر بدأ فى الزيادة، وبدأت مصر فى تصدير المعلمين إلى كل أنحاء الوطن العربى.. ولا نبالغ إذا قلنا إن الوطن العربى بالكامل فى فترة السبعينيات والثمانينيات أجاد اللهجة المصرية من خلال المدرسين الذين نزحوا للتدريس فى الدول العربية.
كان هذا فى السبعينيات والثمانينيات.. أما التسعينيات وما بعدها.. فالأمر اختلف تماما.. لقد أدركت الدول العربية رداءة المنتج التعليمى المصري.. وبدأت تستعين بمناهج تعليمية متطورة وطرق تعليم مختلفة من دول العالم المتحضر.. ولهذا تجد طفرة لافتة للنظر بين دول الخليج فى الألفية الثالثة ودول الخليج فى السبعينيات والثمانينيات فى الألفية المنصرمة.
الفاصل فى هذه الطفرة كان التعليم.. التعليم السريع والتعليم المعتاد.. الفكر المصرى مازال يعتقد أن الحاصلين على شهادات البكالوريوس هم المتعلمون، وليس بعد علمهم علم.. على حين أدرك الناس فى دول الخليج أن التعليم لا سقف له، وأن الدورات التدريبية للعاملين أنفسهم لا غنى عنها لرفع كفاءة الموظف (حتى ولو لم يكن جامعيا فى الأصل)، ولكن الدورات التدريبية التى يحصل عليها (وهو ما يسمى بالتعليم السريع)، هى التى ترفع كفاءته وانتاجيته أضعافا مضاعفة عن الشباب الجامعى المصرى الذى يدرس قرابة العشرين عاما، ولا يخرج فى النهاية بغير الشهادة الورقية التى تسمى (شهادة البكالوريوس أو الليسانس). أنا واحد من هذا الجيل.. درست فى مدارس حكومية وبرعت فى الشعر من صغرى، درست فى كلية التجارة – التى لا صلة لها بميولى – وتخرجت فيها، وظللت على تفوقى فى مجال الشعر وتحولت شهادة البكالوريوس إلى (مخطوط قديم) لا فائدة منه.
التعليم فى مصر يحتاج تغييرا لمفهوم كلمة تعليم.. ومصر فى هذه الفترة لن تصبر لتخرج جيلا جديدا بعد عشرين عاما ليقود المنظومة.. لابد من تعليم الكبار والقيادات والاعتماد على الخبرات الأجنبية، وبشكل عاجل، وإلا سيخرج لك جيل يشبه الجيل الذى قبله، وسندور فى منظومة الفشل إلى ما لا نهاية. هذه رسالة من رجل درس فى المدارس الحكومية، ويعلم جيدا ما هو شكل التعليم فى المدارس الحكومية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة