هشام الجخ

الإعلام فى 2013.. يا رب المرة دى

الخميس، 03 يناير 2013 07:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل عام وحضراتكم بخير
فى بداية كل عام هناك بعض الأشياء وبعض المشاعر تتكرر.. أذكر فى التسعينيات عندما كنت يافعا وكانت الأحداث الجسام قليلة، أو غير معلنة، وكان التليفزيون المصرى يعرض فيلما وثائقيا فى نهاية كل عام عن الأحداث التى حدثت فى العام المنصرم على مستوى العالم بأسره.. أذكر جيدا أن هذا الفيلم الذى يتحدث عن أهم الأحداث فى العالم بأسره كان لا يزيد فى مدة عرضه على العشرين دقيقة أو يقل.. وكانت الأحداث التى تُعرض معظمها خارج مصر -اللهم إلا الأحداث التى لا يمكن التعتيم عليها- كأحداث الأقصر وأحداث إمبابة ووفاة الشيخ الشعراوى وزلزال 92.. وغيرها من الأحداث «القليلة» التى لا يمكن إخفاؤها ولا التعتيم عليها.
كنا نعيش فى «حالة إعلامية» مميزة جداً.. تميزت بها جميع الأنظمة العربية وبعض الأنظمة الآسيوية مثل «كوريا الشمالية» وبعض الأنظمة فى أمريكا الجنوبية مثل «فنزويلا وبيرو».. هذه الدول سابقة الذكر هى الدول التى أطلقَ عليها العالمُ المتقدم «دول العالم الثالث» وهو لفظ مهذب -إلى حد ما- كبديل عن لفظ «العالم المتخلف».
العالم المتخلف هو العالم الذى يعيش شعبه حالة من التعتيم الإعلامى والتغييب الفكرى ويظل حكامه يدعمون هذا التغييب ويحاربون كل وسائل الإعلام الجريئة التى تفضح ما يدور فى كواليس العمل السياسى أو تعتنق آراء ووجهات نظر مخالفة للرأى الرسمى للدولة.
يختلف رد فعل كل نظام فى دول «العالم المتخلف» بحسب ضراوة وعنف وغباء المسؤولين.. فهناك صنف من القيادات «الفاسدة» ولكنها تتمتع بقدر من الذكاء فتجدها تحاول استقطاب الإعلاميين وأصحاب الرأى والشخصيات العامة لجانبهم، وتحولهم لأبواق إعلامية تهتف لسياساتهم وتحشد الجموع من أجل أهدافها.
وهناك صنف آخر من القيادات يستخدم القضايا العامة والحروب والعداوات بين القبائل أو بين الشعب وشعب آخر مجاور لكسب التعاطف العام مع النظام الحاكم.
وهناك أيضا صنف من القيادات يستخدم الترويع والتهديد والبطش بكل معارض وكل قلم حر أو إعلامى أو مبدع فى أى مجال لدحر أى محاولة لتوعية الشعب وإخباره بحقائق الأمور.. وهناك أيضا صنف -وهو الأخطر من وجهة نظرى- الذى يستغل الدين والمقدسات فى توجيه الشعوب على هواه السياسى ويستمد قوته وتأييده من حماسة الشعب تجاه الدين وإيحائهم -بشكل غير مباشر- أن قرارات الحكام هى قرارات بوحى من الله، وأن الحاكم هو الرجل الورع التقى، وأن المعارضة هم الكفار والفجرة والفاسقون الذين يريدون أن يعيثوا فى الأرض فساداً.
الأنظمة الحاكمة فى «العالم المتخلف» تخاف أكثر ما تخاف من الإعلام، وإذا فشلت فى إخراسه فهى تهاجمه وتحاول تقييده وتصرف الناس عنه بكل الوسائل وتسعى لتشويهه ومحاربته.. وتنفق مبالغ ضخمة جداً -كان الإصلاح أولى بها- فى خلق تيار إعلامى مضاد يسعى لتشويه صورة الإعلام المعارض.
لهذا يُسمى الإعلام بالسلطة الرابعة.. وتُسمى الصحافة بصاحبة الجلالة..
إن أى دولة متقدمة فى العالم يبدأ تقدمها من إعلامها..
الولايات المتحدة الأمريكية لم تنتصر فى الحرب العالمية الثانية إلا بالإعلام، حيث لم تكن تمتلك قنبلة ثالثة ولكنها أوهمت العالم بالقنبلة الثالثة فانسحبت اليابان.
إسرائيل لم تقم كدولة إلا بالإعلام وكسب أرضية وشعبية عند الغرب وحصلت على مساندة وتعاطف العالم بأسره من خلال الإعلام.
«هتلر» لم ينتصر على فرنسا إلا بالإعلام، حيث نجح فى كسب الشعب النمساوى وإقناعه بالنازية وضمه لصفوف الجيش الألمانى «صاحب الدماء الزرقاء على حد زعمه».
«هولاكو» لم يكن سينتصر على جيش الخلافة العباسية فى بغداد لولا الإعلام وإشاعة الفتنة بين طوائف المسلمين «السنة والشيعة».
والثورة المصرية 25 يناير لم تكن ستنجح لو لم تجد دعما إعلاميا من قنوات -غير رسمية- وعبر مواقع التواصل الاجتماعى.
وها نحن فى مستهل عام جديد نأمل منه ما نأمل.. وندعو الله عز وجل أن يحقق لنا فيه ما لم يتحقق بعد.. ونتوقع من القائمين على المؤسسة الإعلامية فى مصر والعالم العربى أن يكونوا أكثر ذكاء وإخلاصا لمجتمعاتهم العربية، وأن يحرروا الإعلام من القيود التى يضعها «العالم المتخلف» لكى يصلح المجتمع ولكى يكون الإعلام رقيبا ذاتيا على مؤسسات المجتمع بأكمله، ويكون فاضحا ومقوما لكل عوج وكل خلل يصيب المجتمع المصرى والمجتمعات العربية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة