هشام الجخ

سألنى بطريقته الشهيرة: «هشام الجخ.. لماذا تكتب؟»

الإثنين، 14 يناير 2013 08:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنتُ ضيفاً على أحد برامج (التوك شو) فى إحدى الفضائيات المعروفة عندما فاجأنى الإعلامى الكبير الأستاذ مفيد فوزى بأن أجرى معى مداخلة هاتفية..

كان ودوداً ولطيفاً معى.. وتنحّتْ المذيعة (النجمة) جانبا لتتيح المجال كاملا لأستاذها وأستاذنا جميعاً لكى يدير حواراً كاملاً معى.

كان حوارا شيّقا عندما شاهدتُه على اليوتيوب ولكنه كان مُربِكاً ومفاجئاً جدا لى وأنا فى الاستوديو أجيب على أسئلة (المحاور) مفيد فوزى صاحب أكبر رقم قياسى فى إحراج ضيوفه مهما كانت مناصبهم وألقابهم.

سألنى بطريقته الشهيرة: (هشام الجخ.. لماذا تكتب؟)
كان يفخّم الخاء ويقلقل الباء ويتحدث بعربيته السليمة والواثقة والمربِكة.. وكنت أنا – ومازلت - رقما لا يقارن بشيخ المذيعين الأستاذ مفيد فوزى مما أعطانى جرأة الصغار وإقدام التلاميذ أمام أساتذتهم.. ولا أنكر طبعا أننى تلعثمتُ تلعثمَ الأبناء أمام والديهم ولكن خرجaنها ليست ككل الجُمل.. وشعرت وقتها أن تحديد الأهداف – ليس فى الكتابة فقط وإنما فى كل مناحى الحياة - ضرورة واجبة لكى يشعر الإنسان بالتقدم وبالإنجاز.. لأنك إن لم تحدد هدفك بشكل دائم ومرن تبعا للظروف القائمة ومقتضيات الأمور فإنك لن تشعر بإنجاز أى شىء وستكون شخصاً بلا طموح وستحركك الظروف والأحداث دون أن تشارك أنت بشكل حقيقى فى صناعة هذه الأحداث.

أنا طبعاً لا أكتب مقالى لكى أقدم محاضرة فى (التنمية البشرية) والأهداف والدوافع والبواعث وما إلى ذلك من مصطلحات علم النفس التى كنا ندرسها فى مناهج الثانوية العامة.. ولكنى أردت أن أطرح ظاهرة ربما ساعدتُ من خلالها بعض أصدقائى من القراء للاعتبار بها وتغيير بعض من مسارات حياتهم لما يفيدهم بشكل حقيقى.. هذه الظاهرة تتلخص فى كلمة (لمــاذا)..

لماذا نعمل؟
لماذا نلتزم – أو لا نلتزم - بقواعد المرور؟
لماذا أقبل – أو أرفض – العمل خارج مصر؟
لماذا أنظم – أو لا أنظم – عدد الأبناء فى أسرتى؟
لماذا أجلس على الفيسبوك بالساعات بدون إنجاز حقيقى؟
لماذا أدخن؟
لماذا أمارس الرياضة؟

(لمـــاذا) هى الكلمة السحرية التى ستحدد لك أهدافك وستدير لك وقتك وستمنعك من هدر الوقت فى أشياء ليس لها عائد وليس لها مردود حقيقى..

والمردود الحقيقى هذا لا يعنى مجرد المكاسب المادية أو المالية.. وإلّا تحوّل الإنسان منّا إلى آلة تعمل بلا مشاعر.. ولكن أقصد من كلمة مردود أى نتيجة إيجابية يشعر بها الإنسان من جراء استثمار وقته. الذهاب إلى المسرح مردود حقيقى للوقت ومشاهدة مباراة لكرة القدم مردود حقيقى للوقت والذهاب إلى دار للأيتام لزيارة أطفال تحتاج مساعدتك مردود حقيقى للوقت.. ولكن الجلوس أمام التليفزيون لمدة 8 ساعات ومشاهدة أربعة أفلام على إحدى قنوات الأفلام بشكل شبه يومى لا يمكن أبدا أن يعتبره أحد متعة أو مردودا.. حتى لو كان من يفعل ذلك لديه من الثراء والغنى الفاحش ما يغنيه عن العمل.

الشخص الكسول هو الشخص الذى يسىء استغلال وقته ويعتقد أنه بهذا يستمتع بحياته وبوقته.. والحقيقة أن الشخص الكسول هو الشخص الوحيد الذى لا يضيع وقته وإنما يستثمره فى تحميل أعباء إضافية على الوقت الذى يليه ثم فى الوقت الذى يليه يكون مطلوبا منه مجهود أكبر ليتم ما تأخر عليه من الوقت المنصرم فيمنعه من هذا المجهود (الأكبر) كسلُه.. فيقوم بتحميل هذا المجهود إلى وقت آخر.. وهكذا تستمر المسؤوليات فى التقادم والتراكم على عاتق الشخص الكسول إلى أن يفاجأ بنفسه مطالبا بأعمالٍ لا يمكن لأكثر الناس نشاطا أن يقوموا بها، فيبدأ مسلسل الفشل والهروب والإسقاط واختلاق الأعذار وإلقاء اللوم على أى شىء من الأشياء الجاهزة (الظروف – النصيب – الحكومة) ويبدأ الشخص الكسول فى عدم فهم ما يجرى من حوله من نجاحات أترابه وأصدقائه رغم أنه لا يراهم يبذلون مجهوداً كبيراً.. ويفشل صديقنا الكسول فى استيعاب فكرة المجهود الدائم والعمل المستمر والتخطيط المسبق المرن الذى يستوعب المتغيرات.

وليس غريبا بالطبع أن يكون معلمنا وهادينا (صلى الله عليه وسلم) من أكثر وأدوَم من كانوا يستعيذون من الكسل.

لقد عشتُ – بحكم الغُربة - حياةً غير مُتْرَفة.. وعاشرتُ أُناسا من كل الطبقات.. وشاهدت بأم عينى أن الناجحين هم الذين يخططون ويعلمون - مسبقا – أهدافهم فى المرحلة الحالية.. وأن الفاشلين – فقط - هم الذين ينتظرون الحدث ليكونوا هم مجرد رد فعل لهذا الحدث.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة