محمد بركة

الرئيس وحرب المانجو

الخميس، 27 سبتمبر 2012 06:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لأول مرة أشعر بالتعاطف مع الدكتور مرسى الذى لم أنتخبه، وأعارضه! الرجل تحرك بكفاءة وسرعة فى العديد من الملفات الخارجية، لكن وسط القاهرة مازال فى قبضة الباعة الجائلين، وأهرامات الزبالة تتحدى أهرامات الجيزة، والناس مستعدة لأن تعصر على نفسها ليمونة، مستعدة لأن تشد الحزام كما اعتادت منذ 30 عاماً، لكنها ليست مستعدة لاستفزازات بعض قيادات الإخوان الذين يرفعون شعار: «الريس بتاعنا ومرسوم على دراعنا». هذه القيادات التى تدلى بتصريحات تحدد فيها ملامح السياسة الخارجية لمصر، وتلتقى سفراء ووفود أجانب دون أن تكون لها صفة رسمية!

دكتور مرسى تحدث بشكل جيد فى حواره التليفزيونى الأخير حتى وقع فى شر أعماله، وتحدث عن تراجع أسعار المانجو.. بالطبع ما ذكره كان دقيقاً، لكنه أغفل أن تراجع هذه الفاكهة التى تعد نوعا من الرفاهية للسواد الأعظم من الشعب، يأتى وسط موجة شرسة من ارتفاع أسعار سلع أساسية على رأسها الطماطم والبيض، فضلاً على أزمات البنزين والسولار والزيادة الجنونية فى «بونديرة» التاكسى الأبيض، كما أن سلعة مثل المياه المعدنية أصبحت بحكم الأمر الواقع أساسية لدى كثيرين، وشهدت سعرها قفزة مرعبة مؤخراً.

أعتقد أن هذا هو السبب الحقيقى وراء حرب «إفيهات المانجا» التى اندلعت شرارتها على الـ«فيس بوك»، فالناس أرادوا أن يتحدوا الأصوات الإخوانية التى تريد قمع المعارضة وتدجين النقد بحجة احترام هيبة المقام الرئاسى.. طوفان من الرسومات والنكات نالت «مرسى» و«الجماعة» ومشروع النهضة، والتى اتضح فى النهاية أنها «شِدة وهتزول»!.. أعترف أن النقد كان مبالغاً فيه، والتركيز على «المانجا» حجب الرؤية عن مناطق أخرى حقيقية بحاجة إلى نقد ونقاش، أهمها لماذا نستعيد تراث مبارك فى إجراء حوارات تليفزيونية يقوم فيها المذيع بدور المستمع المطيع الذى لا يتجاوز دوره سوى الإيماءة بالرأس، علامة الإعجاب والموافقة.

فاصل
مذيع شهير يملك صلعة شهيرة سأل ضيفه مؤلف المسلسلات الشهير:
- هل تُحب الله؟
أجاب الضيف بسرعة شديدة:
- ومن منا لا يُحب الله!
سأل المذيع:
- وهل تُحب مخلوقات الله؟
«الضيف تعثر فى الإجابة ونبتت قطرات العرق على صلعته هو الآخر، فاضطر المذيع للخروج لفاصل»

هذه واحدة من لقطات ذكية، سريعة، مكثفة، تنفتح على تأويلات شتى ضمن المجموعة القصصية «لضم الإبر» الصادرة مؤخراً للصديق الأديب محمد إسماعيل جاد. يضم الكتاب أربعين قصة قصيرة «فى عين العدو» ستجد فيها العاشق المراهق الذى يحرق بشرته فى شمس الريف، ليؤكد لحبيبته أنه كان فى المصيف مثل جيرانها الأغنياء، ومدام «نحيلة» التى ولدت بهذا الاسم الذى يتناقض مع جسدها الضخم البدين، والخناقات الزوجية لدى موظف متقاعد.. إنها دراما إنسانية موجعة لكنها قادرة على أن تجعلك تبتسم لأن «جاد» يحب البشر ويحنو عليهم بشكل مدهش.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة