محمد بركة

مشاعر دافئة لإنسان آلى!

الإثنين، 20 أغسطس 2012 05:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أربعون عاماً يحملها على ظهره شريف الشافعى، لم يفقد خلالها إيمانه بالشعر فى زمن الرواية، وإيمانه بالحساسية والرهافة فى زمن الصهد والزحام، والشعراء فى بلدنا حظهم قليل، فهم كائنات غريبة الأطوار فى نظر البعض، وبضاعتهم لا تلقى رواجاً عند دور النشر التى ترى أن كتاب السحر والشعوذة أفضل ألف مرة من مجموعة قصائد مكتوبة بحبر القلب.
صدر لشريف ديوانه الأول "بينهما.. يصدأ الوقت" 1994 و"وحده يستمع إلى كونشرتو الكيمياء" 1996 و"الألوان ترتعد بشراهة" 1999، ثم كانت مغامرته الكبرى "الأعمال الكاملة لإنسان آلى" والتى صدر منها الجزء الأول 2008، وها هو الجزء الثانى يصدر مؤخراً ـ عن دار "الغاوون" ببيروت ـ بعنوان "غازات ضاحكة".
إيه الحكاية؟

يتقمص الشاعر شخصية الإنسان الآلى "الروبوت".. يحاول أن ينفذ إلى أعماقه ويستقرئ مشاعره المصنوعة من تروس ويرصد انفعالاته المغزولة من أسلاك حساسة! وعبر 532 صفحة من القطع الكبير، تكتشف ـ بالتلميح لا بالتصريح ـ أننا فى نهاية ذلك الروبوت، وما تفاعلنا مع الوجود ورؤيتنا للحياة إلا تفاعلا آليا لإنسان فقد إنسانيته من زمن بعيد. يقول شريف على لسان تلك الآلة ذات المشاعر الدافئة فى عدد من المقاطع المنفصلة التى اخترتها لك: كانت "المُقًبَّلاتُ" فتافيت شفاهها.

كان "الحساءُ" رحيقً قبلاتِها
قبل أن تنضجَ الوجبةُ
كاملةُ الدسمِ،
كنتُ قد تبخَّرتُ فى رائحتها!

أيتها الأرقامُ الكثيرةُ المبعثرةُ
كأوراقِ شجرةٍ تناثرتْ فى الخريفِ
لا أريدُ تاريخَ ميلادى
ولا أىّ تاريخٍ آخر
أريدُ فقط أن أعرفَ بدقَّةٍ
متى تَبَعثرتِ هكذا؟
فهذا هو التاريخُ اللازمُ
لاستخراجِ بطاقةِ هُويَّتى الجديدةِ

ألأنّ رسالتكِ الأولى
معقَّدةٌ جدّاً،
تخيَّلتِ أن جوالى لَمْ يهضمها؟
ألأنّ رسالتكِ الأخيرةَ
فارغةٌ،
ظننتِ أننى لَمْ أفهمها؟

ألأنكِ أحياناً
ترتبكينَ كأنثى،
تصوَّرتِ أننى أحياناً
تُرْبِكُنى أنثى؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة