محمد بركة

التحرير وعَلَم السعودية.. تعليق أخير

الخميس، 11 أغسطس 2011 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين توجهت فى المقال السابق بعدد من الخواطر إلى «أول من رفع علم السعودية فى ميدان التحرير»، لم يكن هدفى الهجوم على هذا البلد أو ذاك، وإنما الرصد الأمين لترمومتر الشارع المصرى تجاه سلوكيات بعض السعوديين! وقبل أى كلام أو سلام، أبادر منذ اللحظة لأؤكد أننى أحترم الجميع من المحيط إلى الخليج!

كل ما فى الأمر أننى أرصد - وبشكل موضوعى - المزاج الشعبى العام تجاه أهل المملكة دون أن أتبنى ذلك أو اعتبره حقاً مطلقاً بالضرورة، ودعونا نكون صرحاء وواضحين.. العلاقات الشعبية العربية - العربية ليست فى أحسن حالاتها.. وإذا كانت الخلافات الرسمية بين الحكام تنتهى بجلسة صلح فى قمة عربية، فإن الشوائب بين الشعوب تحتاج إلى وعى ودراسة والخطوة الأولى هى أن نعترف بأن هناك انطباعات سلبية مسبقة وصور نمطية جاهزة.. وقبل أن ننادى بمعرفة الآخر.. فلنعرف أولاً أنفسنا.. وبما أن الوجدان الشعبى المصرى يُغرم بأهل الإمارات، ويعتبر العُمانيين أهل تواضع، والبحرينيين أهل حضارة، والقطريين أهل غموض.. «لا يوجد موقف واضح تجاههم بالسلب أو الإيجاب»، والكويتيين يهود الخليج لم يبق سوى أهل السعودية لنتقصى الموقف تجاههم بعيداً عن المراوغة والدبلوماسية.. وهكذا يمكن أن يصبح هذا المقال نقطة البداية فى حوار عربى - عربى نجريه بعقول وقلوب منفتحة بدلاً من أن يكون الرد عليه بحشد أكبر كم من الشتائم المتعصبة وفق تراثنا العربى القديم منذ حرب البسوس هنا طائفة إضافية من شواهد ومواقف دالة!

لا ينسى تلاميذ ومحبو المفكر الإسلامى الراحل الشيخ محمد الغزالى حملة الهجوم، التى شنتها بعض الدوائر السعودية ضده بسبب أفكاره المستنيرة الوارد فى كتابه «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث».. اتهموه بإنكار السنة وقالوا إنه كافر!

يندهش المصرى حين يقرأ - عبر الصحف - الـ c.v الخاص بغلاة المتشددين فيجد أن معظمهم درسوا فى جامعات مثل جامعة أم القرى وجامعة الإمام محمد بن سعود أو تتلمذوا على مشايخ هناك.. «تنظيم القاعدة بيدحرج التماسى».

تعاطف كثير من المصريين مع المخرج خالد يوسف حين قرر رفع دعوى قضائية ضد قناة art أفلام بسبب قرارها المتعسف بحذف العديد من المشاهد فى أفلامه خصوصاً لتوجهها السعودى «الريس عمر حرب.. زعلان يا رجاله!».

يعتقد المصريون اعتقاداً راسخاً أن السعوديين لديهم عقدة تاريخية تجاه أبناء النيل منذ أن أرسل محمد على ابنه إبراهيم باشا فى تجريدة عسكرية ضخمة لفرض السيطرة المصرية على الحجاز ونجد عام 1816.. «إن كنت نسيت اللى جرى.. هات الدفاتر تنقرا».
يشعر المصريون أن أهل السعودية لم يردوا الجميل حين كانت مصر «الغنية» - فى عهد محمد على والمماليك - ترسل موكب المحمل محملاً بالهدايا والعطور لأهل الجزيرة العربية «فقراء ما قبل النفط» فضلاً عن كسوة الكعبة.. «دوام الحال من المحال».
المصرى متدين بطبيعته لكنه لا يستوعب كيف يقوم لأداء فريضة الصلاة رضوخاً لعسكرى يحمل كرباجاً.. «الحق بتوع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وصلوا».

فرح المصريون بشرائط تلاوة القرآن، التى كانت توزع مجاناً فى الحرم لمشايخ سعوديين، وبمرور الوقت شعروا بأن الأمر ليس بريئاً وإنما مخطط يهدف إلى إغراق السوق بالتلاوة السعودية حتى ينشأ جيل جديد من سائقى التاكسى والميكروباص فى مصر لا يعرفون سوى الشيخ الحذيفى ولا يسمعون عن رموز المدرسة المصرية فى التلاوة... «فينك يا عبدالباسط».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة