محمد بركة

حوار ممتع مع «فَل» كبير

الخميس، 23 يونيو 2011 05:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مثلما آمنت بما أنزل على محمد «ص»، المبعوث رحمة للعاملين، آمنت بأن «الفلول» حقيقة وأن «ذيول النظام» واقع... بعد أن كنت أستغرب كلمة «الفلول» هذه التى لم أسمع بها سوى فى المسلسلات التاريخية، حين كان القائد يدخل على قائده الأعلى فى خيمة منصوبة بالصحراء، مرتدياً خوذة نحاسية كبيرة جداً على مقاسه وتكاد تسقط من رأسه، ويمتشق سيفاً طفولياً لا يقنع حتى الأطفال ويقول بصوت جهورى «وكأنه مصدق نفسه»: لقد دمرنا قواتهم يا سيدى... وجنودنا يطاردون فلول جيوشهم الآن!

فجأة أصبحنا جميعاً نتحدث عن الفلول وكأننا نعرف الكلمة «من زمن الزمن» وتربينا عليها ونحن عيال فى حِجر أمهاتنا، ويبدو أننا وجدنا ضالتنا فيها بعد أن اتضح أن مصطلح «الثورة المضادة» ثقيل على اللسان ولا يصلح إلا للأفندية والبهوات فى برامج «التوك توك شو» فى حين أن الفلول ابنة عم الفول، وما أدراكم ما الفول وعلاقتنا الحميمة به التى طبقَّت الآفاق وذاع صيتها عبر العالم.

طبعاً حضرتك سيد العارفين وتدرك أن الفلول مفردها «فَل» وهى حقيقة لغوية لم يقررها معجم لسان العرب أو مختار الصحاح بقدر ما قررها لسان شباب بولاق وشبرا بتوع:

الجدع جدع.. والجبان جبان
واحنا يا جدع... بايتين فى الميدان

أسعدنى الحظ أخيراً والتقيت «فَلاً» كبيراً وجهاً لوجه فى حوار قادتنى الصدفة إليه دون ترتيب أو تدبير. أقول «حوار» على سبيل المجاز، فقد كان الحديث تقريباً من طرف واحد. المهم أننى اكتشفت أن «الفَل» شخص عادى، مثلى ومثلك، لم يطلع له ذيل ولم ينبت فى رأسه قرنان أحمران، كل ما هنالك أنه يؤمن بأن العلم ليس فى «الراس» وإنما فى «الكراس» كما أنه على يقين كامل أن «القوالب» التى كانت تحكم مصر وتقودها نحو الأمن والنهضة والاستقرار «نامت» وأن «الانصاص» بعد ثورة 25 يناير «قامت».

صديقنا «الفَِل» قصير، مدكوك القوام، يتحرك مثل برميل يترجرج بالمياه، وحين يتكلم يبدو صوته كما لو كان قادماً من بئر عميق. لا تفارق النظارة السوداء عينيه حتى وهو داخل مكتبه ولا أثر للشمس، كما لا يفارق السيجار «المطفى دوماً» شفتيه.

قال الرجل وهو ينظر لى شذراً:

أنا عارف إنك من بتوع التحرير.. وعارف إنك شاركت بهمة ونشاط فى المظاهرات الاحتجاجية التى أطاحت بأسامة سرايا من عندكم فى الأهرام... لكن لماذا نسيتم يا أساتذة يا محترمين إن عصام بيه شرف واحد من الحزب الوطنى... ألا يعنى ذلك أن القيادة كان لها بعد نظر فى الاختيار والترشيح... عموماً أنا أتمنى له النجاح لأنه فى النهاية مننا وعلينا وإن كنت أشك فى ذلك... لأن هذا الشعب يخاف ميختشيش.

واستطرد الفَل الكبير قائلاً:

إياكم تكونوا صدقتم إنكم قمتم بثورة بصحيح... ما حدث هو نتاج مناخ الحرية التى منحناها للشعب.. لقد تركنا أصحاب المطالب الفئوية يعبرون عن أنفسهم وسمحنا بالتظاهر منذ عام 2005... وتسامحنا مع حركة 6 أبريل فى الإضراب الذى دعت إليه على الفيس بوك... وما حدث فى 25 يناير إن شوية بنات وعيال «سيس» أحبوا أن يمارسوا بعض «الروشنة» ويعملوا حركة «كول» وانضم لهم أصحاب المطالب الفئوية فى طول البلاد وعرضها وحين عاد «العيال» لبيوتهم ظل أصحاب المطالبات والاعتصامات فى الشارع، لأنهم الوجه الحقيقى لثورتكم المزعومة: مجموعة من الرعاع هبوا علشان قرشين! وكان بإمكان «الراجل الكبير» أن يعيدهم إلى بيوتهم والموضوع فى أوله لو كان رمى لهم حتة عضمة وأعلن عن 1500 جنيه حداً أدنى للأجور!».

هنا قررت أن أنهى هذا الحوار «الممتع» بعد أن أصبح الجو خانقاً والهواء ثقيلاً يكبس على أنفاسى، فقمت فجأة ومددت يدى لأصافحه قائلاً:

فلان بيه.. أشكرك بشدة على هذا التحليل الرائع!

تهللت أساريره وبدت علامات البِشر والسرور على وجهه، بينما أكملت أنا قائلاً: أشكرك فعلاً... لأنك عرفتنى يعنى إيه فلول وضفادع ومستنقعات النظام البائد... روح يا راجل يا فَل.. وتعالى بسرعة!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة