محمد الدسوقى رشدى

الخطة الخبيثة لسرقة ميدان التحرير

الأربعاء، 02 فبراير 2011 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل هذه الفرحة التى تغزو القلب مع كل تطور جديد فى تلك الانتفاضة الشابة، أو مع كل تنازل أو خطوة للأمام تقدمها الدولة وهى خاضعة، وخائفة لأول مرة من كيان جديد تشكل فى مصر على يد تلك الثورة الشابة اسمه.. الشعب، يطل على أسماء أولئك اللصوص من الشبابيك الفضائية ليسرق فرحتى ويزيد من قلقى على الأيام الصعبة التى قضيتها فى ميدان التحرير مع أبناء جيلى نطالب بالتغيير والإصلاح الذى يضمن لنا مستقبلا لا سواد ولا غبار فيه.

كلما سمعت صوت الدكتور البرادعى أو صوت أحد قيادات الإخوان أو أحد قيادات الأحزاب التى لا نعرف لها اسما ولا وصفا، يصيبنى ذلك الإحساس بالخوف والقلق على انتفاضتنا الشابة التى يحاول هؤلاء الصامتون منذ زمن سرقتها وتشويهها وحرق البلد عبرها، كلما سمعت صوت الدكتور النووى الذى كان هاربا كالسائح بين دول العالم، بينما الشباب المصرى يختنق بالغاز المسيل للدموع، أدركت أن ثورتنا الشابة فى خطر، كلما سمعته وهو يتحدث "متأتأ" ليطالب المجتمع الدولى بالتدخل، أو سمعت الإخوان وهم يتحدثون عن دورهم فى مستقبل البلد، أتأكد تماما من أن الثورة الشابة يحيطها خطر هؤلاء الذى أسرعوا للقفز فوق سفينتها وسرقة دفتها لقياداتها نحو اتجاه آخر غير ذلك الذى نتمناه، اتجاه مختلف فى آخره مصالحهم لا مصالح الشعب.

أعرف أن من يتعرض للإخوان والبرادعى بسوء سيراه الناس خائنا للثورة وللشباب، على اعتبار أن هذا الكلام ليس وقته، ولكن دعنى أخبرك أننا ظللنا لسنوات طويلة نكرر نفس الكلمة مع النظام الحالى حتى اكتشفنا أن "وقته هذا" لم يأتِ، وأننا تأخرنا كثيرا فسقطنا فى فخ المشاكل والأزمات والتوهان، أنا لا أناديكم بوأد ثورة الشباب لأن أحداً لا يستطيع ذلك، ولكن أناديكم بحمايتها وحماية الوطن الذى اشتعلت من أجله تلك الثورة، أناديكم بحمايتها من هؤلاء اللصوص الذين جاءوا لميدان التحرير فى أوقات متأخرة بعد أن هدأت ضربات الأمن، وأصبحت الكفة تميل بقوة إلى جانبنا نحن الذين تحمل أجسادنا أثار الخراطيش وعصيان الأمن المركزى، أناديكم بحماية ثورتنا من هؤلاء الذين يريدون أن يقذفوا بمكاسبها إلى أبعد مدى، ويخرجوا للشاشات متحدثين عن رؤيتهم للإصلاح بعد سنوات ظلوا فيها كالشياطين الخرس، أناديكم بأن نحفظ حقوقنا وحق هذا الوطن علينا من أى محاولة تخريبة تحت وطأة التخويف باتهامات العمالة والتخوين، فلنقف أمام مرآة الوطن، ونفكر فى طرق أخرى غير طرقهم الملتوية لإنقاذ هذا الوطن مستخدمين حالة خضوع السلطة، وما يمكن أن تقدمه من تنازلات لحماية هذا الوطن من دوامة فوضى تقف على أبوابه، وتدفعها قوى خارجية الله وحده أعلم بنواياها.

اغضبوا وحاكموا كل هؤلاء، سواء كان البرادعى ذلك المتغيب الغائب، أو الإخوان هؤلاء الذين ظلوا لسنوات لا هم لهم سوى حماية تنظيمهم قبل حماية الوطن أو قيادات الأحزاب الكرتونية الورقية التى لا تعرف ألف السياسة من جوز الذرة، حاكموهم بقسوة مثلما سنحاكم كل رموز النظام الفاسد، اجعلوا من هذا الأمر عقيدة لا تنازل عنها فلن يسرق أحد جهدنا، ولن يقفز أحد فوق سفينتنا من أجل تخريب مستقبلنا، فمن لم ينزل إلى الشارع فى 25 يناير أو فى جمعة الغضب، من لم يشاهد الهتافات الخارجة من القلب بانتظام، وهى تطالب برحيل النظام والرئيس، من لم يحمل مصاباًَ على كتفيه وتغرق ملابسه بدمائه، ومن لم تسقط بين رجليه قنبلة غاز مسيلة للدموع ويحملها بيديه ليعيدها إلى من ضربوها أو يلقيها بعيداً ويخرج مسرعاً من سحابة دخانها ليجد البص والخل فى انتظار من أيادٍ لم يشهد وجه أصحابها من قبل، ومن لم تلسعه طلقات الخرطوش الصغيرة، أو تضربه عصا لجندى أمن مركزى، ومن لم يتحدَ عجزه وتدهور حالته الصحية ليكمل مشوار التظاهرة ضاربا المثل للشباب والكبار.. من لم يفعل أى من هذه الأشياء من الأفضل ألا يتكلم عن تلك الثورة، أو يحكى عن بطولاتها وعظمتها أو يكتب تنظيراً أو تحليلاً حول مستقبلها، ومن الأفضل ألا يحاول أن يركب موجتها ويتصدر مشهدها لأن تلك الثورة ستلفظ كل من لم ينكوى حتى آخر نفس بتعبها ورصاصها ودخان قنابلها.

هى فقط ثورة الشعب ولا دخل لأى حزب سياسى أو حركة سياسية أو أى مناضل، سواء كان قديما أو جديدا بها، انظر كيف اشتعلت وستعرف الحقيقة، وستعرف أن الشعب أقال فى ثورته هذه النظام والمعارضة معا.

كان الشباب والرجال والنساء أبناء المناطق الشعبية والراقية يتساقطون من بلكونات وشبابيك منزلهم كلها سمعوا نداء "يا أهالينا ضموا علينا" أو "انزل يا مصرى"، كانوا يتساقطون بسرعة بلا تردد وبلا خوف ولا تفكير لدرجة تجعل المسيرة تنتهى فى آخر كل شارع بضعف حجمها، الأمر إذن لم يكن منظما، والآلاف التى خرجت فى القاهرة وفى السويس والمحلة والإسكندرية ودمياط وسيناء لا يجلسون على الفيس بوك، ولا يتبادلون رسائل المحمول، ولم يجمعهم إخوان أو جمعية تغيير أو حزب سياسى أو جريدة معارضة، كما حاول بيان الداخلية أن يروج الآلاف الذين خرجوا جمعهم الغضب، وضرب معهم نفاد الصبر موعدا، الآلاف الذين خرجوا لم يضحك عليهم حزب سياسى أو يتلاعب بعواطفهم بيان دينى من جماعة الإخوان، أو رسالة على تويتر من الدكتور البرادعى، الآلاف الذين خرجوا فى محافظات مصر المختلفة خرجوا لأن عرق الكرامة وجعهم، وأخبرهم بأن الوقت قد حان ليقولوا للنظام الأعور أنت أعور فى عينه، وليس عبر أحاديث المقاهى أو حوارات الإنترنت.

وحتى تكتمل الصورة أمام عينيك راجع أحداث المظاهرات بهدوء لتكتشف أن قيادات المعارضة وبعض النشطاء والمثقفين ظهروا فى 25 يناير واختفوا حينما ضرب الأمن قنابله بغزارة، بينما استمر الشباب الذى لا يعرف له أحد اسماً يطارد الأمن فى الشوارع الخلفية على مدار يومين متتاليين حتى جاء موعد جمعة الغضب، وعادت بعض الأسماء الشهيرة للظهور مرة أخرى، ولكنها اختفت مع أول قنبلة غاز وأول خرطوم مياه مثلما فعل الدكتور محمد البرادعى الذى لم يتحمل أن يدفع ثمن النضال والتغيير، وسقط مع أول قنبلة غاز وخرطوم مياه، ولم يجد تبريراً سوى الإدعاء بأن الأمن حدد إقامته غافلا عن أن البلد فى جمعة الغضب لم يكن بها أجهزة أمن لكى تفعل ذلك، الدكتور البرادعى الذى ظل لمدة عام ونصف العام يخبرنا بأنه لا يريد السلطة ثم عاد فجأة من الولايات المتحدة بعد بداية الثورة، ليفاجئنا بأنه سيتنازل ويقبل بالرئاسة، لم يتحمل غاز القنابل وضربات الأمن، بينما كان بجوارنا فى المظاهرات سيدات تعدى عمرهن الثمانين أصابتهن القنابل بضيق تنفس وأزمات قلبية، ومع ذلك رفضن الرحيل معلنات خوفهن من أن يؤثر رحيلهن على معنويات الشباب.

الثورة التى بدأت فى 25 يناير أرادها الله أن تكون خالصة للشعب فأشعل شرارتها فى نفوس الناس فى ظل غياب البرادعى وكفاية والإخوان والأحزاب والمثقفين والكتاب أصحاب الصوت العالى لتظل خالدة فى التاريخ لصالح البسطاء، ولا أحد غيرهم.

الثورة التى بدأت فى 25 يناير واشتعلت وتوهجت فى جمعة الغضب قادها شباب العشرينيات والثلاثينيات الذين تمردت عيونهم على صور مبارك ورجاله، وأرادت وجوهاً جديدة، وظلوا هم وحدهم فى الشارع طوال اليوم بليله يدافعون ويهاجمون ويستقبلون الجيش ويحمون المنشئات دون أن يظهر واحد من هؤلاء الذين قدموا أنفسهم طوال السنوات الماضية على أنهم معارضون أفذاذ، ليشد من أزر الشباب أو يوجه من ضل منهم عن سبيل الثورة، أو يشرح أو يفسر لمن تاهت منه الحقائق أو الأهداف.

الآن لا نداءات لنا سوى أن نقاوم هذا السطو الذى دخل على الثورة، وننقذ انتصارات الشباب بتنازلات مبارك قبل أن تغرق البلاد فى الفوضى اللاخلاقة التى تريدها أمريكا وكل أعداء مصر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة