من ذا الذى يجرؤ على الزعم بأن هذا الشعب لم يكن يستحق الديمقراطية، ومن ذا الذى تسوّل له نفسه أن يلتف على إرادة هذه الملايين التى لم تكن تحتاج إلى نخبة تعلمها، أو إلى قيادة ملهمة ترشدها إلى الطريق الصحيح. هذا الشعب اختار الطريق الصحيح بلا قيادة كاريزمية، وبلا نخبة تحدد ما الصواب وما الخطأ فى الاستوديوهات المكيفة.
الملايين خرجت فى مصر لتنعم بإرادة الاختيار، وخرجت لتتحدى كل من سخر من المواطنين البسطاء، وأطلق عليهم (حزب الكنبة)، هذه الملايين تسخر الآن من كل ما سمعته، وكل ما قرأته، وكل من توهّم أنه لا صوت لها فى معركة الحرية. مصر خرجت رغم التخويف الأمنى، ورغم الاضطرابات السياسية، ورغم أنف كل من أراد لأهل هذا البلد أن يلزموا بيوتهم، رعباً وفزعاً، لتعود أسطورة (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد).
حزب الكنبة هذا هو الذى حمى مصر بعد الانهيار الأمنى فى جمعة 28، وحزب الكنبة هذا هو الذى ساند الثورة حتى لحظة التنحى، وحزب الكنبة هذا هو الذى صرخ من أجل المحاكمات العادلة، وقرر بوعى وطنى مدهش أن يحمى بلاده وحريته بصناديق الاقتراع، وحزب الكنبة هذا هو الذى صنع الديمقراطية بالأمس أمام لجان الانتخاب.
عظيمة يا مصر.
