محمد بركة

لماذا كرهت انتخابات الصحفيين؟

الخميس، 06 أكتوبر 2011 04:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تانى تانى تانى
راجعين لوجع الدماغ تانى..
للتربيطات والتحالفات
ومستقبل من غير أمانى

إذا كان هذا الاستهلال الشعرى الحلمنتيشى قد راق لك، فاسمح لى أن أتوكل على الله وأدعوه سبحانه أن يجعل عتبة هذا المقال «خضرا» ويجيب العواقب سليمة...

لسبب ما، لا أدخل إلى مقر نقابة الصحفيين التى لا أعرف رقم عضويتى بها إلا فى الشديد القوى، وعندما أمر أمام مبناها الفخيم الأنيق الذى شيدته القوات المسلحة على أعلى مستوى بشارع عبد الخالق ثروت، أتطلع إلى واجهته الزجاجية وألوانه الزرقاء كما يتطلع متشرد جائع إلى فيلا أحد الأثرياء.

الانتخابات الجمعة بعد القادمة. إذاً لقد بدأ الصداع. مواكب المرشحين من كل المؤسسات تتوالى، وعشرات الملصقات الدعائية تتراكم على مكتبك، والقوم عشمهم فى محسوبك كبير:
هاه يابو حميد.. أنا توكلت على الله وقررت دخول انتخابات النقابة.. اعتمادى على الله ثم عليك.. دعمك يا صديقى ودعم كل محبيك!

عشرات المرشحين يريدون الدعم. بعضهم يصر على أن ترافقهم فى مواكبهم، وأنت فى النهاية لا يسعك سوى أن ترسم على شفتيك ابتسامة وتتمنى للجميع حظاً موفقاً وتتظاهر بالحماس حين تسمع من هذا أو ذاك أنه قرر باسم الأمة خوض المعركة.

الكل يعد بتنمية موارد النقابة، فضلاً عن كادر خاص للأجور وتطوير مشروع العلاج وإلغاء الحبس فى قضايا النشر والضغط بهدف سن قانون ينص على حرية تداول المعلومات مع ما تيسر من شعارات عامة وكلام فى المطلق عن كرامة الصحفى وحصانته وقيادته للرأى العام ودوره فى محاربة الاستبداد، ومع مستجدات الأحداث، تضاف بعض الهوامش فى كل موسم انتخابى فتجد من يبرز قضية الفصل التعسفى أو مد سن المعاش لـ65 فى انتهازية واضحة لكسب أصوات شريحة تعانى من مشكلة بعينها...

إنه نفس الكلام الذى أسمعه منذ التحاقى ببلاط صاحبة الجلالة «أغسل وأسيأ» قبل 15 عاماً... وعود عظيمة لا تنفذ وتعهدات كبيرة مصيرها سلة القمامة. الزميل المحترم الذى يخطب ودك بمنتهى الحرارة هذه الأيام لن تراه إلا فى الانتخابات القادمة حسب سنة حسنة سنها مرشحو الحزب الوطنى فى البرلمان، والمدهش حقاً أن تجد من يقدم نفسه باعتباره «خادم الصحفيين» ومن يرفع حرارة لغة المزايدة فيبدأ كل جملة من برنامجه الانتخابى بـ«سأُقاتل من أجل...».

المهم بعد أن ينفض المولد ونتأكد مرة أخرى أن العروسة للعريس والجرى للمتاعيس، ستكتشف أننا معشر الصحفيين لا نختلف كثيراً عن ذلك الذى رفع لافتة فى «جمعة استرداد الثورة» توضح خارطة توزيع مصر حيث الرئاسة للمجلس العسكرى والحكومة للوفد والبرلمان للإخوان والصابونة للشعب. الفارق أن الصحفيين يحبون أن يوهموا أنفسهم فى كل مرة أن شيئاً جديداً سيحدث، وأن «المرة دى بالذات مختلفة عن اللى قبلها» فى حين تؤكد كل المؤشرات أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء «المتشحتفين» على المهنة هم فى حقيقة الأمر متشحتفين على مشروعهم الخاص ومجدهم الشخصى.

طبعاً مع كل انتخابات جديدة تظهر وجوه جديدة، ورغم أنها تبيع بضاعة قديمة فإنها - والحق يقال - تجتهد فى طباعة الملصقات وتعليق اللافتات واختيار أفضل الزوايا عند التصوير، والتشاور كثيراً قبل الاستقرار النهائى على الصورة الشخصية التى سيعتمدونها فى الحملة الدعائية حتى يخيل لك فى النهاية أن الصحفيين تحولوا إلى نجوم سينما ولم يعد يتبقى شىء سوى أن نضرب معهم موعداً للتوقيع فى الأوتوجراف.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة