قصة 72 ساعة قضتها «اليوم السابع» داخل المنطقة الخضراء ببغداد

الخميس، 13 يناير 2011 09:08 م
قصة 72 ساعة قضتها «اليوم السابع» داخل المنطقة الخضراء ببغداد موسى يستمع لرجال دين مسيحيين فى بغداد
رسالة بغداد - آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ موسى يصر على زيارة كنيسة سيده النجاة رغم النصائح الأمنية.. وطائرات هليكوبتر صاحبت الموكب لتمشيط المنطقة
ارتديت خوذة عسكرية لأول مرة فى حياتى، وتلقيت التعليمات الأمنية بهدوء أثناء مرافقتى لرحلة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى بغداد، لحث الدول العربية على كسر عزلة العراق، ودعم وحدة أراضيه، واستقلال قراره، والوقوف أمام الإرهاب ضد بلد عربى كبير.

الرسالة واضحة ووصلت من خلال زيارة عمرو موسى للعراق، التى استغرقت 72 ساعة مابين بغداد والنجف وأربيل، وهى «لا تنازل عراقى عن عقد القمة العربية المقبلة فى بغداد».

وعلمت «اليوم السابع» من مصادر عراقية أنه منذ علم القادة العراقيون بزيارة الأمين العام لبغداد، عقدوا اجتماعات موسعة لتوحيد خطابهم أثناء زيارته، خاصة بالنسبة لوسائل الإعلام، حتى تصل الرسالة بوضوح، وذلك بعد أن تنامى إلى علمهم رفض ومعارضة كبيرة من قبل العديد من الدول العربية، على رأسها دول الخليج والجزائر وسوريا.

وأشارت المصادر إلى أنه كانت هناك مطالبات عراقية خلف الأبواب المغلقة بقيام موسى بإقناع القادة العرب للحضور إلى بغداد، ولو لساعات قليلة، وأن يقوم قبل موعد القمة المحدد بجولات بالمنطقة يعرض خلالها وجهة النظر العراقية فى هذا الشأن، موضحين أنه ربما تنشأ مشكلة ما بين العراق ومحيطه العربى إذا تخلى عنه القادة العرب فى هذا التوقيت، كما طالبوا باستغلال فرصة القمة الاقتصادية التى ستعقد الأسبوع المقبل فى شرم الشيخ ليعرض خلالها موسى تقريرا عما شاهده من تحضيرات فى بغداد لاستضافة القمة العربية.

وعلمت «اليوم السابع» أيضا أن جميع فنادق بغداد أغلقت أبوابها تحت شعار «مغلق للتحسينات»، و يأتى هذا الإغلاق- كما قال أحد المسؤولين- لفترة مؤقتة استعدادا للقمة العربية المقبلة التى يعقد كل العراقيين عليها آمالهم بأن تعيد للعراق مكانته فى العالم العربى.
وأشار مصدر مسؤول إلى أن فنادق بغداد كلها بدأت تستعد لاستضافة الوفود المشاركة بالقمة، لذلك أغلقت أبوابها لإجراء تعديلات فى مبانيها وغرفها لهذا الهدف، فضلا عن الشروع فى بناء فنادق أخرى لاستيعاب كل المشاركين.

تلك الآمال العراقية لاستضافة قمة ناجحة بأعلى تمثيل- كما قال المسؤولون هناك- تصطدم بالواقع فى الشارع العراقى، وإن لم يكن قاتم السواد.

وداخل المنطقة الخضراء التى تعتبر أكثر المناطق أمانا فى بغداد لسيطرة الأمريكان، وإحكام قبضتهم الأمنية عليها، لا توجد بها سوى الحواجز الأمنية وكمائن التفتيش والأسلاك الفاصلة والمدرعات والمصفحات فى كل مكان، والمنازل المهدمة، وجود مازال عالقا به أنقاض الحرب الأمريكية لتشعر أنك داخل ثكنة عسكرية كبرى أو جبهة حرب مشتعلة، حتى إن الكثير من الطرق مازال مغلقا ولم يتم فتحه أمام المارة.

زيارة الأمين العام والوفد المرافق له الذى لم يتعد 30 شخصا استغرق تأمينها أسابيع طوالا، استدعت وجود فرق أمنية مصرية وعراقية للعمل على تمشيط جميع المناطق التى سيزورها الوفد، ورافق الموكب فى شوارع بغداد ما لا يقل عن 15 سيارة مصفحة، بالإضافة إلى جنود مسلحين على جانبى الطريق، وحلّقت فى الجو أربع طائرات هليكوبتر لمراقبة الأوضاع والتعامل مع أى خطر بشكل سريع، فكيف سيتم تأمين 22 رئيس دولة عربية، بالإضافة إلى الوفود الدبلوماسية والإعلامية المشاركة التى تتعدى أعدادها الألف شخص؟!

كما تلقى الوفد الإعلامى والأمانه العامة، والذين وصلوا إلى بغداد قبل موسى بيوم، تعليمات أمنية داخل المقر الذى استقر به، وهو أشبه بمكان عسكرى منه إلى فندق، عن كيفية التعامل مع أى قصف، وتم تسليم الجميع خوذة وسترة واقية للتعامل مع الخطر، وتم شرح طرق الاحتماء من القصف، وكيفية التعامل معها، أما مطار بغداد الدولى فهو يتعرض بصورة شبه يومية إلى قصف صاروخى.

القمة العربية والانقسام حول عقدها فى بغداد لم يكن الملف الوحيد فى الزيارة التى قام بها عمرو موسى، بل فتح أكثر الملفات الشائكة فى الشرق الأوسط، والملتهب مؤخرا بسبب الحوادث الإرهابية التى شهدتها الكنائس فى العراق ومصر، وهو ملف «الأقباط فى الشرق الأوسط»، وهو الكارت الجديد الذى بدأت بعض الأصوات الخارجية تضغط به للتدخل فى شؤون الدول العربية.

وداخل الجلسات المغلقه، خاصة مع رئيس الوزراء نورى المالكى، أثار موسى ملف الأقباط فى العراق، وطالب موسى من المالكى بضرورة الجلوس معهم، وسماع مطالبهم، واحتواء غضبهم بشكل عاجل، ثم وضع تصور لكيفية الرد على الانتقادات الخارجية فى هذا الأمر، خاصة بعد دعوات كثيرة من قبل دول أوروبية للتدخل لحماية الأقباط فى الشرق الأوسط عقب تفجير كنيسة القديسين فى الإسكندرية، الذى راح ضحيته أكثر من 20 قتيلا و79 جريحا، وهو الأمر الذى أثار حفيظة مصر بشكل كبير وساندها فى ذلك موسى، وقال إن المسيحيين جزء من النسيج العربى، وإن أى دفع لهم للمغادرة أو الهجرة يعتبر شيئا مؤسفا، مطالبا بعدم مساندة هذه الدعوات، رافضا أى تدخل فى الشؤون الداخلية للدول العربية، قائلا: «استغلال مثل هذه الأحداث لأى تدخل شىء لايمكن قبوله، ويجب أن يكون هناك وضوح فى هذا الأمر».

وطلب موسى من العراق سرعة وضع حد لهذا الأمر، ومعالجته بحكمة قبل انفلات الأوضاع.
مصادر دبلوماسية قالت لـ«اليوم السابع» إن موسى هو الذى طلب زيارة كنيسة «سيدة النجاة» التى تعرضت فى نوفمبر الماضى إلى تفجيرات إرهابية فى بغداد راح ضحيتها أكثر من 50 قتيلا، ورغم النصائح الأمنية لموسى بخطورة هذه الخطوة، خاصة أن المنطقة المتواجدة بها غير آمنة، فإنه قال لمساعديه إن الزيارة سيكون لها مردود إيجابى كبير.

ورغم أن زيارة موسى لـ«سيدة النجاة» كانت أخطر محطة من الناحية الأمنية، حيث تم تكثيف التمشيط للمنطقة جوا وبرا، فإنه نجح فى توصيل رسالة بأن هناك تنسيقا عربيا لدعم الأقباط داخل أوطانهم وليس خارجه، وأن أى تهديد لا يمس الأقباط فقط، سواء فى مصر أو العراق.

وقال السفير شريف شاهين إن الحكومة العراقية اتخذت إجراءات أمنية مشددة تجاه العراقيين المسيحيين عامة، وأقباط الجالية المصرية خاصة، لافتا إلى أن هناك أعدادا كبيرة من الجالية المصرية فى العراق من الأقباط، إلا أنهم جميعم مؤمّنون جيدا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة