محمد بركة

لماذا يثير النقاب فزع فرنسا؟

الثلاثاء، 27 يوليو 2010 07:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل أصبحت فرنسا بلداً يضيق بالاختلاف وتتآكل فيه قيمة التسامح ويفتقر إلى الكفاءة فى إدارة علاقته بالآخر؟
هذا السؤال هو أول ما يتبادر إلى ذهنك وأنت تقرأ تصريح وزير الهجرة البريطانى "داميان جرين" معلقاً على قرار الحكومة الفرنسية بحظر النقاب فى الأماكن العامة على أراضيها. يقول جرين: "بريطانيا ليست بلداً علمانياً متشدداً، ونحن مجتمع متسامح وقائم على الاحترام المتبادل"، وصحيح أن الوزير سرعان ما استدرك – فى نبرة دبلوماسية ليخفف من وقع كلماته – قائلاً: "خطوة حظر النقاب كانت مقبولة سياسياً فى فرنسا لأنها دولة أكثر علمانية".
اللافت أن منظمة العفو الدولية أدانت القرار الفرنسى بشدة ورفض البرلمان الأسبانى أن يحذو حذوها وتعالت أصوات فى واشنطن تستنكره، وهذا يؤكد أن الفرنسيين وإن كانوا يحتجون بأن تغطية وجه المرأة لأسباب دينية يتناقض مع مبدأ الفصل بين الدين والدولة، والذى تقوم عليه الجمهورية العلمانية الفرنسية، فإنهم وقعوا فى مطب انتهاك الحريات العامة كحق أساسى من حقوق الإنسان ومن ضمنها حرية العبادة وحرية المظهر العام.
والحق أنه قد يكون من حق فرنسا حظر النقاب (تماماً كما يحق لمصر حظر ارتداء الأوروبيات للمايوه فى شوارع وسط البلد) لكنك لا تستطيع أن تشعر بالراحة لهذا القرار الذى اتُخذ فى ظل وجود الرئيس ساركوزى صاحب السجل المدهش مع سكان ضواحى باريس ومعظمهم من العرب (قال عنهم يجب كنس هذه القمامة)، ويبدو أن الرجل بحكم منصبه السابق كوزير داخلية مازال يخلط بين ما هو (أمنى) وما هو (اختلاف حضارى).

لنكن واضحين أكثر، لن أشعر بأن ثمة مؤامرة على الإسلام بسبب حظر النقاب، لكنى فقط أتمنى على العقل العربى عموماً – والحركات الإسلامية خصوصاً – ألا ينزلق أكثر من ذلك فى فخ (نظرية المؤامرة) والأهم من ذلك ألا ننظر للغرب باعتباره شيئاً واحداً يتحد فى العداء للإسلام، فهذا الانقسام داخل الحكومات والبرلمانات الغربية فى نظرتها للنقاب يجب أن يستدعى لدينا رد فعل أكثر نضجاً فنتساءل: إلى متى نعتبر الغرب كافراً؟ وإلى متى نعتبر أوروبا دار حرب؟
وقبل أن أنهى هذا المقال دعونى أطرح هذا التساؤل: ماذا سيفعل الفرنسيون مع مئات الأمراء والأثرياء من السعودية والخليج ممن اعتادوا قضاء الصيف فى أفخم المنتجعات الفرنسية ويضخوا مئات الملايين من اليورو للاقتصاد الباريسى، فالأغلبية الساحقة من هؤلاء ترتدى نساؤهم النقاب؟
.... وللحديث بقبة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة