بسمه موسى

بيكار سندباد الريشة والألوان

الأحد، 27 يونيو 2010 07:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان بيكار يعشق الأطفال بعالمهم الصغير والبرىء، وكان يرى فيهم الطهر والنقاء، لذا كانت إحدى إبداعاته الفنية هى الرسم للأطفال فى الكتب المدرسية وغير المدرسية والمجلات، وبالفعل كان لها تأثير قوى على تشكيل وجدان الأطفال والعبور بهم إلى عالم من التخيل، من خلال إرساء مبادئ وأخلاقيات عظيمة.

وقد ساعده فى ذلك الخبرة التى حصل عليها بعمله كمدرس للرسم فى عدة مدارس من بحرى إلى قبلى وتفرد بعدها كأول فنان مصرى تخصص فى رسوم الأطفال لسنوات طويلة ورسم بعدها فى مجلات كثيرة.

وعندما أصدرت دار المعارف مجلة الأطفال الشهيرة "سندباد" والتى رأس تحريرها الأديب الكبير الراحل محمد سعيد العريان، كان الفنان بيكار هو الوحيد الذى كان يرسم غلافها، وشخصيات موضوعاتها وقصصهاـ وأبرزها طبعاً رحلات سندباد فى عالم الغرائب والمغامرات ـ بريشته الساحرة، وخطوطه التى ينفرد بها.

وقد هذبت مجلة السندباد وجدان أجيال عديدة من أبناء مصر، فقد كانت ريشة الفنان بيكار شقية وطبيعية تشد العين والقلب فى لوحاته فى مجلة السندباد ولم يستطع الزمن تخطيها، فهى كالعطر يعتق ويزداد نفاذه وتأثيره الأخاذ، كلما مر الوقت، وإلى الآن نتذكر شخصية السندباد بنفس الصورة التى رسمها عاشق الألوان والظلال.

استطاع هذا الفنان، وبرغم الإمكانيات البسيطة، أن يدخل إلى عالم الطفل بريشته، وأن يخلق تلك الحياة الشقية والألوان المبهجة والشخصيات الخالدة على الورق حتى أنك للحظات تتخيل أنها شخصيات موجودة بالفعل، ومن خلال كتاب القراءة الرشيدة المدرسى، الذى كان مقررا فى الخمسينيات من القرن الماضى، استطاع بحرفية وحساسية شديدة أن يرسم البهجة فى عيون الأطفال ويشدهم إلى الدرس.

وفى تناغم جميل، عبر د خالد منتصر عما تعلمه من بيكار قائلا: لم أكن قد عرفت أن نصف المتعة التى تسربت إلى روحى فى طفولتى عند قراءة كتاب «الأيام» تعود إلى ريشة بيكار، الذى رسم غلافه ورسومه الداخلية، هذا الغلاف العبقرى الذى رسم الصبى الكفيف فى مراحل مختلفة أمام فراغ كبير هو فراغ الحياة وخواؤها أمام طفل لا يرى إلا الظلام والليل واللون الأسود، استطاع ساحر الألوان أن يتخلى عن فرشاته الطاووسية ويكتفى بالأبيض والأسود، ويختزل لنا حياة طه حسين فى خطوط وانحناءات وظلال، قمة الاقتصاد فى التعبير والبعد عن الترهل والطرطشة والثرثرة الفنية، صاحبه هذا الاقتصاد وهذه البهجة فى كل الكتب التى رسمها لدار المعارف ولقصص كامل الكيلانى، كانت هذه هى الرتوش التى وضعها بيكار على بورتريه جيلى وما سبقه من أجيال..

استحق بيكار لقب سندباد الريشة والألوان التى زرعت الحب فى أفئدة الأطفال والكبار، وحتى آخر لحظة فى حياته ظل بحارا فى بحر العطاء الإنسانى رافعا فرشاته وألوانه بأحلى الرسوم والأشعار.

تحية إعزاز وتقدير إلى روحه الطاهرة، وأنهى مقالى بزجل خطه قلمه فى أيامه الأخيرة، وهو على فراش المرض فى عشق محبوبته مصر، ولم يمهله القدر لنشره بعنوان "موال ربيعى"

فتحت شباك الأمل على أرض سمرة معجونة بدم الشهيد
ولمحت شمس الأصيل مسجونة جوه قفص من سلك وحديد
وفجأة بصيت لفوق لقيت أسراب الحمام مليا القريب والبعيد
وفرحانة بالوشوش اللى بتبنيها وكأنه مهرجـــان أو عيد
قلت سبحــــانك يارب قادر تــبدل العتيـــــق بالجديد
وتصبح مصر عروسه زمانها شباب من غير تجاعيد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة