خريطة حكومة 2011 تضع وزارات التنمية المحلية والإدارية والاقتصادية والاستثمار فى مهب الريح

الجمعة، 24 ديسمبر 2010 02:10 ص
خريطة حكومة 2011 تضع وزارات التنمية المحلية والإدارية والاقتصادية والاستثمار فى مهب الريح عثمان محمد عثمان
د. فاطمة سيد أحمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ توقعات بعودة وزارة للحكم المحلى وارتفاع أسهم د. لبنى عبداللطيف لشغلها.. وتحويل وزارة الاستثمار إلى هيئات تابعة لوزارات أخرى.. ومهام جديدة لوزارة التضامن
◄◄ كيان جديد لإدارة أصول الدولة يتبع مجلس الوزراء.. و«المغربى» يسعى لضم جهازى استخدام الأراضى وحماية أملاك الدولة

تدخل مصر على مشارف 2011 عام الحسم السياسى، لما يمثله من فاصل هام يضاهى فى الشأن عام 1972للحسم العسكرى، ويحتاج عام الحسم السياسى إلى شكل حكومة يحدث فيه مثلما حدث فى قيادات الجيش فى عام الحسم العسكرى، فمنهم من خرج قبل الحرب بعدة أشهر، ومنهم من استمر وتقلد منصبا ليقود الحرب.

هكذا يتماثل أمامى شكل حكومة 2011 القادمة، والتى أخذت أوضاعها عدة تكهنات بين التغيير والتعديل وبين المحدود والواسع، وقد وضعت لها عدة مناسبات، ولكن واضح أن المناسبة ستكون مفاجأة؛ ومع ذلك فهناك رأى يقول بأن الصورة ستتضح قبل مؤتمر الحزب، ورأى آخر يرى أنه ما المانع أن تكون بعده، خاصة أن التكليفات والتوجيهات التى سيكلف بها الحزب الحكومة هى التى على أساسها سيتم حسم المسار الحكومى لبعض الوزارات للاستمرارية من عدمه.

فى كل الأحوال، المشهد لا ينقصه إلا التقنين، ومن خلال متابعاتنا لنشاط مجلس الوزراء فى الشهور الثلاثة الأخيرة نرى أن هناك وزارات يتحد مسارها، مثل وزارة التنمية المحلية التى سحب منها ملفان هما محور عملها، مما يؤكد تغيير شكل ومسار الوزارة، أو ربما لايكون لها وجود بمسماها السابق.

والدليل هو سحب الملف الأول الذى يأخذ مسمى «تطبيق اللامركزية» القائمة عليه د. لبنى عبداللطيف التى تتولى عرضه على لجنة السياسات بالحزب، والأكثر من ذلك أنها تحضر اجتماعات غير معلنة مع أمين السياسات والمحافظين. وعلى الرغم من أن د. لبنى تحضر كمستشارة لوزير التنمية المحلية، فإن الواقع يقول إنها أتت من الصف الجامعى الذى ينتمى إلى الحزب الوطنى، ومن هنا فإننا لا نستبعد أن يكون قريبا ولأول مرة فى مصر وزيرة للحكم المحلى.

والملف الثانى الذى تم سحبه منذ أيام قليلة من وزارة التنمية المحلية، وتحديدا يوم الأربعاء الماضى، فى مجلس المحافظين رقم 101 هو صندوق تطوير العشوائيات المسؤول عنه د. على الفرماوى الذى حضر مجلس الوزراء المذكور، وعرض أعمال صندوقه فى الفترة المقبلة، وصار الصندوق منذ يوم الأربعاء الماضى تابعا لمجلس الوزراء مباشرة، بعد أن كان تابعا لوزارة التنمية المحلية منذ عام 2008، وهو تاريخ إنشاء الوزارة، وكان الوزير عبدالسلام المحجوب يقوم بتقديم أوراق تفيد بما قام به الصندوق، إلا أن هذا لم يكن كافيا حسب توجيهات الرئيس فى اجتماعه الوزارى الأخير، مما جعل د. أحمد نظيف ينقل تبعيته للمجلس مباشرة. وسيتم سؤال الفرماوى عن أعماله.

وحسب د. مجدى راضى، المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء، فإنه نظرا لأهمية الصندوق فى المرحلة القادمة، سيتعاون مع وزارات التعاون الدولى والمالية والاسكان، ومن هنا لا يبقى أمام التنمية المحلية إلا شىء واحد، وعليها أن تسعى إليه، وإن كان مرتبطا هو الآخر بملف اللامركزية، وهو «قانون الإدارة المحلية الجديد» الذى لم ير النور منذ سنوات ولا يُعرف لماذا، غير أن البعض يقول إن تطبيق اللامركزية سوف يُظهر ثغرات يتداركها هذا القانون، فى حين يقول آخرون إن قانون المحليات الجديد هو الذى سيسرع بعملية تطبيق اللامركزية فى جميع محافظات مصر، وبين هذا وذاك يظهر مأزق وزارة التنمية المحلية، هل ستلغى أم ستكون جهاز إدارة المحليات أم سيرجع اسمها السابق وزارة الحكم المحلى؟
وتأتى فى إطار وزارات التنمية المختلفة عقبات جمة، حيث لا يتعدى عملها وظيفة الجهاز، وليس وزارة مثل وزارة التنمية الإدارية التى كان عملها من قبل يدخل فى إطار مهام جهاز التنظيم والإدارة، وإن فصلهما لم يأت بجديد بل العكس، صار عملهما متضاربا، وتصريحات الوزير ورئيس الجهاز متشابهة ومتطابقة، فيما عدا بعض الأفكار التى يبتدعها وزير التنمية الإدارية بخصوص شكل الموظفين، وجهاز لمكافحة الفساد الإدارى، مما يعد من أعمال أجهزة الرقابة الإدارية وجهاز المحاسبات، وفى نفس الخصوص تظهر وزارة التنمية الاقتصادية، وإن كان الاسم قد تجنى على عمل الوزارة التى هى فى الأساس وزارة تخطيط، ولأن اللامركزية التى ستطبق ستجعل التخطيط فى كل محافظة من أمور المحليات بعد استقلالها عن تبعية الحكومة؛ فإن هذه الوزارة سيقابلها هى الأخرى مأزق يتمثل فى نوع المهام التى ستسند إليها بالضبط، وهل ستكون وزارة للتخطيط المستقبلى لمصر، حيث أسند إليها مشروع ممر التنمية المعروف باسم «ممر فاروق الباز»، ورغم تشكيل لجنة بالوزارة لهذا المشروع فإن الحكومة أرجأته للمرحلة المقبلة ليصير ضمن مشروع مصر 2050 الذى يتبناه الحزب الوطنى.

ومع الملاحظات السابقة يمكننا التنبؤ بمصير وزارات التنمية بكل أنواعها، وتأتى وزارة التضامن لتنضم لنفس مأزق سابقيها، ومع أن اسمها سيستمر كعنوان لها، فإنه ستعاد صياغتها، وتأتى ملاحظاتنا فيما أسند للوزارة من أعمال من المفروض كانت تؤدى أهدافا تخدم على بعضها، مثل إضافة وزارة التموين، حيث كانت تأمل الحكومة ربطها بالفئات التى تحصل على معاش تضامنى، أى أنها لا تنتمى إلى أى جهة تحصل منها على معاش، فصارت الحكومة متضامنة مع تلك الفئة لتحدد لهم معاشا استثنائيا، ويطلق عليهم اسم «معدومى الدخل». ومن وجهة نظر الحكومة فإن هؤلاء فقط هم الذين لهم حق الحصول على البطاقات التموينية للسلع المدعمة، لكن توقف هذا الاقتراح وقتيا عندما ظهرت فئة أخرى لم تعمل الحكومة حسابها، وهم فئة «محدودى الدخل» والموظفين الذين يحصلون على راتب حكومى محدود للغاية.

ومن هنا فإن الحكومة تفكر جديا فى أن تجعل وزارة التضامن باقية، مع تفعيل دورها وإلغاء كلمة «التموين»، لتصير وزارة تضامنية مع الفئات المحتاجة جميعها، سواء كان هذا التضامن ماديا أو عينيا مع رفع كفاءة خدمات المجتمع المدنى ممثلة فى الجمعيات الأهلية التى تريد الحكومة تفعيلها، ووضعت لها قانونا وشكل إدارة جديدا، وأسندت أعمالها لرئيس وزراء مصر الأسبق عبدالعزيز حجازى كونه رجل اقتصاد يعمل الآن بأسعار السوق الحرة، ولكنه عاصر وعمل بآليات الاقتصاد الاشتراكى من قبل، والحكومة الآن فى حاجة للمزج بين المسؤولية الاجتماعية للرأسمالية الوطنية معبرة عنها فى الجمعيات الأهلية، وبين دور الدولة ممثل فى وزارة التضامن.

يأتى بعد ذلك ما يطلق عليه إدارة أصول الدولة التى احتارت الحكومة بشأنها هل يشارك فيها كل الشعب بأنصبة معينة أم تخصصها وتأخذ حصيلتها لإقامة مشاريع جديدة؟، والحقيقة أن الفكرتين قابلهما الفشل وعدم قبول المجتمع لهما، ومن هنا صارت فكرة أن يوجد كيان لإدارة أصول الدولة متشابه ووزارة «قطاع الأعمال» السابقة، وتم الاستغناء عنها، وأدمج عملها فى وزارة الاستثمار.

وتفكير الحكومة الآن ينصب على رجوع أعمال هذه الوزارة منفصلة، ولكن فى شكل جهاز لإدارة أصول الدولة يتبع مجلس الوزراء مباشرة، وهذا يلقى بشكل كبير علامات استفهام على مصير وزارة الاستثمار بعد أن تركها د. محمود محيى الدين، وأسندت بالإنابة إلى المهندس رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة والتجارة، الذى يرى أن الوضع الطبيعى أن تكون هيئة الاستثمار تابعة له، حيث تكتمل بذلك مهام وزارة الصناعة والتجارة، وهم جناحا الاقتصاد الوطنى، ومن وجهة نظره الآن صار الشكل الصحيح باستكمال وزارته بضم هيئة الاستثمار لها، وهذا ماسوف يحدث حسب كلام د. أحمدنظيف عندما سُئل عن تسمية وزير الاستثمار، فقال إن الرئيس مبارك كلّف المهندس رشيد بعمل دراسة وافية عن مصير وزارة الاستثمار ومشتملاتها، خاصة أنه- أى الوزير رشيد- حقق إنجازات استثمارية خلال فترة وجيزة وعليه متابعتها.

إلى هنا انتهى كلام د. نظيف ليصير لدينا يقين بأن المهندس رشيد سيحتفظ بهيئة الاستثمار ضمن وزارته، وسيقدم رؤية فى شكل دراسة لباقى مشتملات وزارة الاستثمار، بحيث تكون هيئات منفصلة يمكن أن يتبع بعضها وزارة المالية والبعض الآخر مجلس الوزراء، وكان من المفروض أن يقدم رشيد هذه الدراسة إلى د. نظيف يوم الأحد فور انتهاء الرئيس مبارك من إلقاء كلمته أمام مجلسى الشعب والشورى، إلا أن المقابلة قد أرجئت لأسباب تخص توجيهات الرئيس مبارك.

ونستخلص من هذا أن مجلس الوزراء سيكون محملا بكم من الأجهزة والصناديق والإدارات التى ستتبعه بشكل مباشر، وبالطبع ستدخل فى تخصص متابعة أمين عام المجلس لهم د. سامى سعد زغلول. وينسحب الشكل السابق ذكره لبعض الأجهزة على جهازين آخرين، هما الجهاز الوطنى لاستخدامات أراضى الدولة، وجهاز حماية أملاك الدولة، حيث تأتى المراجعة لأعمالهما على الرغم من إنشائهما بقرار جمهورى، إلا أن وزير الإسكان يرى أن هذين الجهازين يجب أن يتبعاه، فى حين كان وزير الاستثمار السابق د. محمود محيى الدين يرى أنهما كانا يجب أن يتبعاه، لأنه هو الذى يجب أن تكون لديه الخريطة الاستثمارية للدولة والأراضى الصالحة لها، وقد كان هناك بعض الشد والجذب بينه وبين اللواء عمر الشوادفى، رئيس الجهاز الوطنى لاستخدامات أراضى الدولة،حيث كان متأثرا بفكر البنك الدولى فى إدارة الاستثمارات وتخصيص أراضى الدولة، فى حين كان الشوادفى يرى أنه لم يأخذ رأيه ورأى جهازه، وفى المقابل كان الشوادفى يضع بعض العقبات أمام الجهات الاستثمارية، مثل أن الأرض تابعة لوزارتى الدفاع والبترول، وهكذا من باب المماطلة. وأعتقد أن الشوادفى هو المسؤول وحده عن نزع اختصاصاته، لأنه من وجهة نظر الوزارات المعنية لم يكن متعاونا.

أما جهاز حماية أملاك الدولة فيكاد لا يُسمع له صوت يذكر، وبالتالى فإن دمج الجهازين وعمل قانون ينظم عملهما يقوم عليه بالفعل وزير الإسكان المهندس أحمد المغربى الذى قدم بالفعل مسودة القانون لرئيس الوزراء، فى حين قال لنا الشوادفى إنه لا يعلم شيئا عن هذه المسودة، على الرغم من أنه ضمن فريق العمل المشارك لوضع القانون، وأنه كان يجب أن يخطر لأنه حضر حوالى خمسة اجتماعات حتى الآن مع مجموعة عمل وضع القانون. وعقّب الشوادفى قائلا: «المفروض نشوف آراء بعض ولا ينفرد التخطيط العمرانى بها وحده، وأنه يجب أن تضع جهة محايدة الأطر التى سيتم على أساسها سن القانون»، وأضاف: كيف تعرض مسودة القانون على رئيس الوزراء والمفروض أن تكون هناك توصيات من اللجنة القانونية بوزارة العدل؟.. ويتضح مما سبق أن تبعية الجهازين السابقين ستكون من نصيب وزارة الإسكان، ومن هنا نضع علامة استفهام: هل مايحدث من دمج هو من باب «التكويش» للوزارات أم أنه تصحيح أوضاع؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة