بسمه موسى

البحث عن القيم فى عصر المتغيرات

الأحد، 16 أغسطس 2009 06:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن العالم اليوم يرزح تحت الكثير من المشكلات التى أصبحت عالمية فى طبيعتها مثل الفقر، البطالة, انتشار أسلحة الدمار، دور المرأة، الأمراض الفيروسية مثل أنفلونزا الخنازير والإيدز وغيرها، التجارة العالمية، الدين، التغيرات المناخية والتصحر، رفاه الطفل، الفساد، وحقوق الأقليات السكانية.

وبات من الواضح أنه لا يمكن إيجاد حل لأى من هذه المشاكل التى تواجه البشرية على نحوٍ كافٍ بصورة منعزلة عن بعضها البعض.

إن الرؤية غير الواضحة للحدود الفاصلة الوطنية فى وجه الأزمات العالمية أظهرت دون شك أن هيكل البشرية يمثل كياناً عضوياً واحداً كاملاً، ومنذ أكثر من ستين عاما وعقب الحرب العالمية الثانية والتى كانت الأشرس فى تاريخ البشرية تأسست الأمم المتحدة كبارقة أمل لتعطى رؤية لعالم أرهقته الحروب نحو تعايش سلمى مستدام، ووضع معيار جديد لاتحاد الشعوب والأمم المتنوعة فى ظل تكاتف شعوب الأرض على ذلك؛ درءا للمخاطر التى تواجهها شعوبهم.

إن إيجاد منظمة عالمية تحفظ الكرامة وتعمل على تحقيق المساواة فى الحقوق وضمان أمن كل الناس والأمم، يعد عملاً بطوليًّا فى فن الحكم على النطاق العالمى.

ولتقييم التجربة بعد مضى هذه السنوات فإن الأسئلة المثيرة التى طرحت فى مؤتمر سان فرانسيسكو تطرح نفسها من جديد: هل ساهمت فى توفير الأمن والازدهار ورفاه العالم؟ ما هى مسئوليات أمم العالم تجاه جيرانهم ومواطنيهم؟ ما القيم الأساسية التى يجب أن توجه العلاقات بين الأمم وفى داخل كل أمة لضمان مستقبل سلمى، و لماذا انقسم العالم على نفسه بشدة؟ ولماذا نجد المأساة العالمية التى تهاجم بعنف العلاقات بين الثقافات المختلفة والمذاهب والأديان والانتماءات السياسية والاقتصادية، والتمييز الواضح على أساس الجنس؟

للإجابة على هذه الأسئلة يجب أن نتفحص بشكل محايد المعايير القانونية والاقتصادية والقيم والصيغ الدينية، التى توقفت عن الترويج لرفاهية البشر، إن التقدم الذى حازه الرجال والأولاد على حساب النساء والبنات قد حدّ بشدة إبداع المجتمعات وطاقاتها للتقدم ومعالجة مشاكلها؛ وأشعل تجاهل الأقليات الثقافية والدينية جذوة التعصبات القديمة لدى الناس والأمم ضد بعضها البعض؛ وتتفجر النزاعات فى الدول الفقيرة؛ وأدّت الفوضى والتدفق الهائل للاجئين إلى ضيق البرامج الاقتصادية التى تعمل على انتشار الرخاء المادى، وخنقت الازدهار والتطور الاجتماعى والأخلاقى المطلوب للاستخدام العادل والمناسب للثروة.

لقد وضعت هذه الأزمات فى مواجهة الأمم المتحدة السؤال المحتوم حول القيم: ما القيم القادرة على إرشاد أمم العالم وشعوبه لتخرج من فوضى المصالح والعقائد المتنافسة نحو جامعة عالمية قادرة على غرس مبادئ العدل والإنصاف على كل المستويات فى المجتمع الإنسانى.

وفى هذا المنعطف فإن البحث عن القيم المشتركة– فى معزل عن تصادم الفئات المتشددة– هو شىء أساسى للعمل الفاعل، إن الاهتمام المقصور على الاعتبارات المادية ستفشل فى تقدير مدى تأثير المتغيرات الدينية والأيدلوجية والثقافية على الدبلوماسية واتخاذ القرارات، وفى محاولة التقدم إلى ما بعد ارتباط مجموعة الدول بواسطة العلاقات الاقتصادية إلى مستوى المسئوليات المشتركة لأمن ورفاهية كل من تلك الدول تجاه دولة أخرى، فإن مسألة القيم يجب أن تأخذ المكان الرئيس فى المشاورات بين الشعوب، وأن تحظى بالتفصيل والوضوح؛ فمثل هذه الجهود المنفردة على الرغم من كونها خطوة فى الاتجاه الصحيح إلا أنها لن توفر القاعدة الكافية لبناء جامعة دولية تشمل أمم العالم، ولا يمنح التعاون بمفرده الشرعية أو الضمان للنتائج الحسنة والصالح العام، وحتى تنجز وعود ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والمعاهدات اللاحقة والقرارات، لا يمكننا أن نبقى قانعين بالسلبية التى تطبع قبولنا بأفكار وآراء الآخرين حول المسائل العالمية؛ فالمطلوب هو، البحث النشط جماعيا عن تلك القيم المشتركة والمبادئ الأخلاقية التى سترفع من شأن كل امرأة ورجل وطفل بغضّ النظر عن الجنس أو الطبقة أو اللون أو الدين أو الرأى السياسى أو أى اختلافات على أى أساس كان وتطبيقها عمليا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة