مى الشربينى

لا لإلغاء الإعدام

الخميس، 13 أغسطس 2009 04:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ظهرت بعض الأصوات تطالب بإلغاء عقوبة الإعدام فى مصر والدول العربية، واعتمد الداعون إلى إلغاء العقوبة على ما سموه «بالبذخ» فى استخدامها مع ارتفاع عدد أحكام الإعدام الرادعة هذا العام من ناحية وعلى حقيقة أن الدول المتقدمة الأكثر ديمقراطية ألغت هذه العقوبة من ناحية أخرى.

ويخشى بعض ناشطى حقوق الإنسان فى مصر، ومعهم بعض التقارير الغربية، أن تكون زيادة عدد أحكام الإعدام نتاج عدم الحصول على محاكمة غير عادلة أو استخدام التعذيب لانتزاع اعترافات المتهمين، هنا أتفهم تماما كل دعوة حقوقية عظيمة لمواجهة التعذيب بشتى صوره وكل دعوة إلى ضرورة أن تكون الإدانة مبنية على أدلة وإثبات وتحقيق محايد عملاً بمبدأ «المتهم برىء حتى تثبت إدانته» وانطلاقا من رفض أدنى إدانة لأى إنسان برىء، أما الدعوة إلى إلغاء الإعدام بشكل مطلق فتبدو لى بغير أساس، إلا إذا استطاع مَن يدعو إلى ذلك أن يقنعنا بأن مجتمعنا عليه أن ينقل بشكل أعمى كل ما وصلت إليه الدول الغربية الديمقراطية المتقدمة بغض النظر عن دستورنا وشريعتنا وموروثاتنا الثقافية وظروفنا الاجتماعية وبغض النظر أيضا عن حقنا فى التشكيك العقلانى فى جدوى ما تؤمن به وتتوصل إليه العقلية الغربية ومدى توافقها مع طبيعتنا. النص والمعنى واضح وصريح فى الآية 178 من سورة البقرة، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِى الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } فليأذن لى كل من يدعو إلى إلغاء الإعدام دفاعا عن حق المُدان فى الحياة بأن أذكره أن حق المجتمع المجنى عليه أولى وأن أسانيد دعوته مهما وصلت من بلاغة وقوة لن تربو فى أى جانب منها إلى الحكمة الإلهية فى وجوب تطبيق القصاص، وأسأله: إذا كنا ندافع عن حق ظالم قاتل مُدان، أين حق المجنى عليه المظلوم؟ أين حق ذويه فى الحياة الكريمة إذا هرب مَن سلب روح ابنهم دون عقاب يتوازن مع فظاعة جريمته؟ أين حق المجتمع بأكمله فى أن يعيش دون رعب من قتلة يقطعون جثث ضحاياهم ويلقون بأشلائها فى مقالب القمامة ويغتصبون النساء اغتصابات جماعية ويطعنون ضحاياهم فى وضح النهار لأسباب تافهة؟ إذا كان لابد من الجدل فى هذا الشأن، فربما يجوز الحديث عن بعض التعديلات القانونية الخاصة بتطبيق عفو أهل المجنى عليه عن الجانى إذا اختاروا ذلك أو النظر فيما إذا كانت فعلاً كل التهم التى يُعاقًب عليها بالإعدام تحمل «فسادا فى الأرض»، وهذه أمور يناقشها ويحسمها فقهاء القانون والشريعة مع المجتمع المدنى، لا للإعدام التعسفى، لا للإعدام بدون محاكمة عادلة، لا للإعدام لأغراض سياسية ضيقة، لا للإعدام لأى برىء، لا لإلغاء عقوبة الإعدام.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة