اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 07:41 م

أحمد إبراهيم الشريف

سيكولوجية الجماهير.. أفكار تتحدى الزمن

أحمد إبراهيم الشريف السبت، 18 فبراير 2023 09:54 ص

يستوقفنى كثيرا أن كتابا يتحدى الزمن، ويواصل تأثيره الكبير، ويصير مرجعا فى مجاله، حتى إن كان ينتمى إلى مجال  اجتماعي كل يوم فيه جديد والبحث فيه لا يتزقف، ومن ذلك كتاب "سيكولوجية الجماهير" لـ جوستاف لوبون، الذى اطلعت مؤخرا على ترجمة جديدة له قام بها ماجد محمد فتحى، وصدرت عن دار العلم العربي.

هذا الكتاب المهم نشره جوستاف لوبون فى سنة 1895، يعنى منذ نحو 128 عاما، والمعروف أن جوستاف لوبون هو مؤسس علم نفسية الجماهير  وقد عاش فى الفترة (1841- 1931)، كما أنه عاصر في أوروبا مراحل مهمة من الحركات الشعبية والجماهيرية.

 في البداية علينا أن نفرق بين الشعب والجمهور، وربما أهم ما جاء فى الكتاب أن المؤلف يرى أن الجماهير لا تعقل، فهى ترفض الأفكار أو تقبلها كلا واحداً، من دون أن تتحمل مناقشتها، وما يقوله لها عماؤها يغزو عقولها سريعاً فتتجه إلى أن تحوله حركة وعملاً، ومايوحى به إليها ترفعه إلى مصاف المثال ثم تندفع به، فى صورة إرادية، إلى التضحية بالنفس، إنها لا تعرف غير العنف الحادّ شعوراً، فتعاطفها لا يلبث أن يصير عبادة، ولا تكاد تنفر من أمر ما حتى تسارع إلى كرهه.

وفى الحالة الجماهيرية تنخفض الطاقة على التفكير، ويذوب المغاير فى المتجانس، بينما تطغى الخصائص التى تصدر عن اللاوعى، أما الذين لا يشاطرون الجماهير إعجابها بكلام الزعيم فيصبحون هم الأعداء، لا جماهير من دون قائد كما لا قائد من دون جماهير.

 

هذا الكتاب يجعلنا نفكر جيدا فيما نراه من جماهيرية مندفعة في أكبر الأمور مثل الاضطرابات وفى أبسطها مثل مباريات كرة القدم، إنه كتاب مهم يصف حال الجماهير بشكل دقيق جداً ويفسر سلوكهم.

 بالتأكيد هناك نظريات أخرى وأبحاث علمية أخرى تقدم وجهات نظر مغايرة فى فهم الجماهير أو أكثر تركيزا أو تطبيقا على مستوى العالم، وربما أحب أن أشير هنا، فى عالمنا العربي، إلى الدراسات المهمة التى يقدمها الدكتور عماد عبد الطيف فى بلاغة الجمهور، إنشاءً وتلقيًا، فمنذ قرأت له كتابه المهم جدا "لماذا يصفق المصريون؟" وأنا أتتبع خطاه وأعرف أن لديه الجديد دائما فى فهم كيف تفكر الجماهير وكيف تنشئ خطابها.

إن مثل هذه الدراسات مهمة جدا  لأنها تجعلنا نعرف موقفنا من القضايا الكبرى والصغرى، كما أنها  تكشف بصورة أو بأخرى أين موقعنا من العالم.