اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 01:17 ص

يوسف أيوب

التوافق الشعبى أول الخيط لنجاح الحوار الوطنى

بقلم: يوسف أيوب الجمعة، 01 يوليو 2022 11:00 ص

أيام قليلة تفصلنا عن الانطلاقة الرسمية للحوار الوطنى، الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال إفطار الأسرة المصرية، يوم 26 إبريل الماضى، فبعد إعلان إدارة الحوار أسماء مجلس الأمناء، وسبقه المنسق العام، ورئيس الأمانة الفنية، من المقرر أن تنطلق أولى الجلسات الرسمية هذا الأسبوع، وفقا لما سبق وأكدته إدارة الحوار فى بيان.
 
المتابع لأداء الأحزاب والقوى السياسية، خلال الأيام الماضية، سيجد أنها ربما المرة التى يحدث فيها هذا التوافق على أهمية هذا الحوار، وما يتضمنه من أفكار ورؤى تتناسب مع التحديات، التى تواجه ليس فقط مصر، وإنما الإقليم، وأكثر ما أثار انتباهى فى التوافق المجتمعى حول الحوار الوطنى، أن الجميع لديه قدر كبير من تحمل المسؤولية، آخذين فى الاعتبار أن دعوة الرئيس للحوار لم تأت كما جرت العادة فى مثل هذه الدعوات، والدولة مأزومة سياسيا أو اقتصاديا، بل جاءت والدولة فى قمة الاستقرار السياسى والاجتماعى والاقتصادى والأمنى، وأنها جاءت فى إطار الاستراتيجية التى وضعها الرئيس منذ أن تحمل المسؤولية فى 2014، بأن يكون المصريون كافة، على اطلاع بكل التفاصيل، وفق منهج «المصارحة والمكاشفة» الذى يتبناه الرئيس دوما.
 
كما أن الدعوة للحوار الوطنى جاءت بعدما تخطت الدولة المصرية كل الصعاب، التى تراكمت خلال السنوات الماضية، وكانت بحاجة إلى قرار جرىء يتصدى للصعاب وقادر على المواجهة، وهو القرار الذى اتخذه الرئيس السيسى، سواء بتحدى خطر الإرهاب أو السير فى طريق التنمية، بما يتناسب مع آمال وتطلعات وأحلام المصريين، وزاد على ذلك، أن طريق التنمية رغم ما اعتراه من صعوبات، سواء كانت اقتصادية بسبب تقلبات دولية وإقليمية، فرضت على الدولة مزيدا من الضغوط، أو ظروفا طبيعية كانت شديدة الأثر على الاقتصاد العالمى، مثل جائحة كورونا، رغم كل ذلك واصلت الدولة طريق التنمية، ولم تفعل مصر مثلما فعلت دول أخرى، قررت أن توقف عجلة الدوران فى انتظار انفراجة.
 
لذلك لم يكن مستغربا أن نرى هذا التوافق الشعبى حول دعوة الحوار الوطنى، بعدما أيقن الجميع أن هذه الدعوة جاءت فى إطار دولة قوية ومستقرة داخليا، وتسير وفقا لخطط تنمية شاملة، وتتمتع بعلاقات مميزة وقوية على المستويين الإقليمى والدولى، بل ولديها قيادة وطنية تحقق كل يوم إنجازات عظيمة، الأمر الذى يعنى أن الحوار لا يهدف مطلقا إلى البدء من نقطة الصفر فى معالجة قضايا العمل الوطنى أو يسعى إلى تحقيق مصالحة وطنية مفقودة، وإنما الهدف هو تدشين الجمهورية الجديدة بتفعيل مبدأ المشاركة السياسية، وطرح القوى المختلفة رؤاها تجاه كل قضايا العمل الوطنى بكل شفافية من أجل الاستفادة بها، وحتى يكون الجميع مساهما بأدوار مختلفة فى عملية بناء الجمهورية الجديدة، لأن القيادة المصرية مؤمنة بحق، أن مستقبل مصر يجب أن يكون من صنع كل المصريين، لذلك كان القرار بفتح أبواب الحوار أمام الجميع، كل يدلى برأيه، وفى النهاية، يتم النقاش والحوار بين المتخصصين وصولا إلى رؤى شاملة للقضايا والملفات التى تحتاج إلى توافق.
 
هذا التوافق هو ما نبحث عنه فى الحوار الوطنى، فليس مطلوبا أن يكون هناك اتفاق كامل بين كل المجتمعين تحت راية الحوار الوطنى، وإنما يكفى وجود توافق حول الخطوط الرئيسية لكل قضية من القضايا المطروحة، لأنه من الصعب التوصل إلى اتفاق أو شبه اتفاق، فى ظل اختلاف الأفكار السياسية والأيديولوجية للمدعوين إلى الحوار، وهو أمر طبيعى، فالمطلوب هو التوصل إلى أرضية مشتركة تؤسس للجمهورية الجديدة والمستقبل الذى ننشده جميعا، المستقبل الذى يحفظ الأمن القومى المصرى، خاصة عن القناعة الرئيسية للقيادة المصرية، بأن الأمن القومى هو مسؤولية جماعية لكل المصريين، وأن المستقبل يتطلب مشاركة جماعية فى صياغته، للوصول إلى اتفاق عام فى كل القضايا، وفق شعار صاغه الرئيس بدقة شديدة، وهو «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية ».
 
ولا يمكن أن نفصل هذا الحوار، وما سيخرج عنه من توصيات وقرارات، عن الحراك الإقليمى والدولى، فالمؤكد أنه لا يمكن الحديث عن قدرة الدولة على مواجهة المخاطر التى تواجهها، سواء داخليا أو خارجيا، دون أن تكون هناك ركيزة داخلية تستند عليها فى مواجهة التحديات والمهددات، فما أكثر التحديات التى تواجه مصر فى الوقت الراهن، والتى تتزايد يوما وراء الآخر، بسبب التقلبات الدولية المتتابعة أو الصراعات السياسية الدولية، فضلا عن أزمات إقليمية بكل تأكيد لها تداعيات على الإقليم بأكمله ومن ضمنه مصر، لذلك فإن الرؤية المستقرة أن مصر وهى تدخل جمهوريتها الجديدة بحاجة لجبهة داخلية قوية ومتماسكة، وقادرة على التصدى لكل التحديات، ورغم تمتع مصر بقوة جبهتها الداخلية منذ 30 يونيو 2013، فإن القيادة السياسية وهى تؤمن بالحوار، فإنها تستهدف مزيدا من التقوية.
 
فلا عجب أن نرى اهتماما دوليا وإقليميا بكل التفاصيل الخاصة بالحوار الوطنى المصرى، لأن الجميع يدرك أن نتائجه سيكون لها صدى كبير على الأمن القومى العربى والإقليمى، لأن مزيدا من الاستقرار السياسى والأمنى والاقتصادى المصرى ستكون له انعكاسات كبيرة على المنطقة، خاصة دول الجوار التى تتطلع للتجربة المصرية وترصد كل حركة بها، على أمل أن تستفيد منها فى المستقبل.