اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 03:32 ص

الدكتور رمضان بدرى والصحفى أحمد منصور وجانب من الحوار

رحيل مكتشف أول ورشة تحنيط.."اليوم السابع"يعيد نشر حوار الدكتور رمضان البدرى

أحمد منصور الأربعاء، 09 مارس 2022 02:30 م

رحل عن عالمنا اليوم عالم الآثار الدكتور رمضان بدرى، رئيس البعثة المصرية الألمانية، بعد صراع مع مرض السرطان، وهو صاحب اكتشاف أول ورشة للتحنيط، فى منطقة آثار سقارة، فى عام 2018م، ولهذا نستعرض تفاصيل وكواليس تلك الاكتشاف كما سردها لنا الدكتور رمضان بدرى خلال حواره مع "اليوم السابع" عقب الإعلان عن العثور عن أول ورشة للتحنيط.

وكان الدكتور رمضان بدرى قد أعلن فى 2018 عن نجاح البعثة المصرية الألمانية التابعة لجامعة توبنجن فى الكشف عن ورشة كاملة للتحنيط ملحق بها حجرات للدفن بها مومياوات تعود إلى عصر الأسرتين السادسة والعشرين والسابعة والعشرين (664- 404 ق.م)، وذلك أثناء أعمال المسح الأثرى بمنطقة مقابر العصر الصاوى، الموجودة جنوب هرم أوناس بسقارة.

كما عثرت البعثة أيضا على قناع مومياء مذهب و مطعم بأحجار نصف كريمة كان يغطى وجه أحد المومياوات الموجوده بأحد حجرات الدفن الملحقة، هذا بالإضافة إلى ثلاثة مومياوات و مجموعة من الأوانى الكانوبيةً المصنوعة من الكالسيت ( الألباستر المصري)، وعدد من تماثيل الاوشابتى المصنوعة من الفاينس الأزرق، وأوانى لزيوت التحنيط مكتوب عليها باللغة المصرية القديمة.

قال رمضان البدرى، إن البعثة المصرية الألمانية من جامعة توبجن بدأت العمل بموقع جنوب هرم أوناس فى مارس 2016، والمنطقة كانت مشهورة بمجموعة مقابر يعرفها الناس بأنها مقابر عصر الصاوى، اكتشفها عالم الآثار الفرنسى ماسبيرو مدير مصلحة الآثار آنذاك، حيث عمل بالمنطقة فى نوفمبر 1899 حتى يناير 1900م، وعثر على مقابر تعود إلى الأسرة الـ26 فى هذه المنطقة.

وأوضح رئيس البعثة المصرية الألمانية، أن المنطقة مشهورة للغاية وكانت مفتوحة للزيارة، وهى عبارة عن آبار عميقة وفى نهاية كل بئر هناك حجرة دفن وحجرات الدفن بها نصوص دينية مسجلة على الجدران وتعرف باسم نصوص الأهرام، وكانت تحقق معدلاً كبيرًا فى الزيارة حتى عام 1996، وتم غلقها بعد ذلك، ورغم أن المقابر معروفة لم يتم تسجلها ولا نشرها علميًا، وفى 2012 وبالاتفاق مع جامعة توجهن وتمويل من هيئة البحث العلمى حصلت على منحة لتنفيذ مشروع ترميم فى الأصل وتوثيق ونشر علمى لهذا المقابر التى اكتشفها ماسبيرو 1899.

 


الدكتور رمضان بدرى والصحفى أحمد منصور وجانب من الحوار

ويقول الدكتور رمضان البدرى، أن الهدف الأساسى للبعثة المصرية الألمانية كان ثلاثة عناصر "الترميم لمقابر اكتشفت من 117 عامًا بالتحديد، والتوثيق والنشر العلمى"، وذلك فى إطار ما أؤمن به أن الآثار المصرية فى الوقت الحالى، وبعد 200 سنة من علم المصريات تحتاج إلى جولة ثانية من التوثيق والترميم للآثار التى تم اكتشافها من 100 عام، مع تنفيذ تقنيات العصر الحديث منها التسجيل الرقمى مع تطبيقات الليزر سكان "المسح بالليزر" والتصوير ثلاثى الأبعاد"، وهذه من ضمن التقنيات الجديدة حتى نسجل هذه المقابر الثلاثة.

وأوضح رمضان البدرى أن الخطوة الثانية فى المشروع هى تنظيف المنطقة حول هذه المقابر وعمل خريطة مساحية لموقع هذه المقابر، ومع هذه اللحظة بدأنا فى المرحلة الثانية من المشروع وهى مرحلة استكشاف، لأنه اتضح أن ماسبيرو لم يكن قد استكشف كل المنطقة جنوب هرم أوناس واكتفى بـ3 مقابر بالمنطقة، وهما فى الحقيقة كنوز من المقابر وتوابيت من البازلت منقوشة وأوانى كنوبية وتمائم ذهبية، إضافة إلى النصوص على الجدران.

ويستكمل رئيس البعثة حديثه قائلا: ومن حسن الحظ أن مناطق الرديم التى كان يردم فيها ماسبيرو مجاورة لهذه المقابر ومعنى ذلك أن كل الرديم الذى كان يحمله يضعه تحت قدميه وبالتالى يخفى مناطق أثرية أسفله، وخلال عمل خريطة مساحية لـ 3 مقابر، بدأنا التنظيف وبالتحديد فى متر واحد جنوب المنطقة التى توقف عندها العالم الفرنسى، بدأنا نكتشف مجموعة مبانٍ للتحنيط، ونسميها فى الحضارة المصرية بئر خبيئة المحنط، وورشة للتحنيط وبداخلها بئر كبير ودفنة عمومية يدفن فيها البشر بعد الانتهاء من أعمال التحنيط، ومن الواضح جدًا أن المكان يوضح الفروق الاجتماعية والاقتصادية بين الناس قديمًا لكل من دفن فى هذا البئر.

وعن أهمية المكان، قال رمضان البدرى إن هذه أول مرة نكتشف مكانا يختص بالتحنيط، ووجدنا فيها أسماء زيوت تحنيط موجودة على الأوانى الفخارية الموجودة داخل الورشة، ولدينا الآن مشروع تحليل بقايا المواد الموجودة داخل الأوانى الفخارية، ونستطيع التعرف على التركيبة الكيميائية لكل زيت.

وأشار إلى أن التحنيط كإجراء وأسلوب له أنواع كثيرة وليس نوعًا واحدًا فقط، وهو فى الأصل عملية اقتصادية بحتة إلى جانب كونها طقسًا دينيًا، لكن العنصر الاقتصادى متحكم بها بشكل كبير، حيث إن هناك اختلافًا كبيرًا بين المواد المستخدمة، وكل نوع من التحنيط له تكلفة محددة، وموضوع التحنيط كبير ومتشعب، وما يخصنى فى البحث العلمى الخاص بى وهو التعامل مع المبنى والأدوات المكتشفة، ونلجأ خلال العمل لعلوم مساعدة وهى الكيمياء حتى نعرف التركيبة الكيميائية للزيوت التى نقرأ أسماءها وهى مدونة على الأوانى فنعمل على الحفائر والتحليلات الكيميائية للزيوت.

وأوضح أن من أجمل ما تم اكتشافه أيضًا البئر الملحق بهذه الورشة ويبلغ عمقه 30 مترًا، وتوجد به دفنات على أعماق متباعدة وأظن أن هذا البئر استخدم للدفن خلال الأسرة 26 و27، بمعنى أن الفترة من 664 ق.م، وحتى 404 ق . م، حوالى 150 سنة هذا البئر يستخدم مكان للدفن، فعمر هذه المؤسسة هى فى الأصل مؤسسة اقتصادية، لأن البعد الاقتصادى لمرحلة التحنيط مهم جدًا، وكانت الورشة تعمل مشروع "بيزنس" ويتم بداخله خلق مساحات للناس حتى تدفن به وكل واحد حسب قدراته الاقتصادية، فيوجد أشخاص تم دفنهم فى حجرات خاصة بها تحتوى على أموانى من الالبساتر وتمثال اوشابتى وتمائم، ومعنى ذلك أن أهل الشخص المدفون سددوا مبلغ كبير عند الدفن،  ويوجد آخرون مدفونون قبل بعضهم، وهذا يوكد أن ورشة التحنيط كانت مؤسسة مفتوحة لكافة الطبقات، وكل واحد حسب قدراته المالية.

ويوجد داخل غرف الدفن المكتشفة حالة غريبة للغاية وهو وجود عم وابن أخيه داخل حجرة دفن خاصة  بعيدة عن كل الناس التى تمت دفنها فى البئر، ويوجد أيضًا حالة أخرى لسيدة تدعى طاتيحور وتعنى "هبة حورس"، دفنت بحجرة خاصة بها داخل تابوت حجرى كبير مساحته 285 سم × 135 سم فى ارتفاع 165 سم، تابوت ضخم وهو تابوت لم يفتح بعد، ولا نعلم من موجود فيه، ومع استئناف عمل البعثة مرة أخرى سيتم فتحه ومعرفة محتوياته، لافتًا إلى أنه وجد مع التابوت 400 تمثال من الاوشابتى و12 إناء صغير وأوانى الزيوت المستخدمة فى أعمال التحنيط.

كما أن اكتشاف ورشة التنحنيط تجعلنا ننظر على المجتمع المصرى القديم والذى يؤكد أنه مجتمع مماثل لنا فى الحياة الاجتماعية والطبيقة وتأثير ذلك على ما تركوه، كما أنه مهم للغاية لاحتواء الكشف على 6 حجرات دفن لم يتم لمسهم نهائيًا، ولكن ليس دائمًا أن توجد بحجرات الدفن تمثايل من الذهب، وفى الغالب أن حجرات الدفن تكون فقيرة للغاية، والحالات التى نتعامل معها فريدة من نوعها، وذلك حسب الاجتماعى مع الناس.