اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 12:29 م

حسين يوسف

مبروك عطية.. راجع نفسك يا مولانا

بقلم: حسين يوسف السبت، 09 يناير 2021 08:46 م

فى بلادنا ننظر لرجل الدين بإكبار وإجلال شديدين، تعودنا على ذلك منذ نعومة أظافرنا، وقد تكون هذه نعمة من الله، أن نوقر رجال الدين لدينا، فهم كالواقف على شفا هوة يحاولون،بما منحهم الله من العلم الدينى والتبحر فى العلوم الشرعية والفقهية، أن يمنعوا كل من يدنو من المعاصى والموبقات من الوقوع فيها، ولذلك فنحن وخاصة البسطاء منا يضعون رجل الدين فى منزلة ومكانة كبيرة، وبالتالى فغير مسموح له بتشويه تلك الصورة المثبتة بمخيلتنا، فقد لا يفرق الرجل البسيط بين مظهر رجل الدين وأفعاله الشخصية، وبين ما يتحدث به عن الدين والعقيدة والفقه، فبالنسبة للبسطاء شخصية رجل الدين وسلوكه وما يقوله كل واحد لا يتجزأ.
 
ويحرص الغالبية العظمى من رجال الدين على الحفاظ على تلك المنزلة والمكانة الكبيرة، سواء فى مظهرهم أو سلوكهم أو تناولهم للأمور الشرعية، ولذلك لا أفهم سبب إدارة الشيخ مبروك عطية لبرنامجه على إحدى القنوات الفضائية بتلك الطريقة، التى أراها وكثيرون معى، تتنافى مع صورة الشيخ الجليل الوقور، الذى لا يلفظ أى كلمة سوى بحساب، ولا يفتح فيه إلا بكل ماهو طيب، فالشيخ عطية، يلقى الإيفهات، ويتجادل مع المتصلين بطريقة لا تتوائم مع قدسية رجل الدين الذى يوشك أن يدل المتصل أو المتصلة به على الطريق السليم والصواب فى أمور دينهم، قد يكون الشيخ معذور لجذب المشاهدين مثلا، أو حتى يقوم بذلك بحسن نية، لكن الكارثة أن حسن نية الشيخ تلك، لم تغفر له عندما استغل البعض ما يقوم به ويعيد نشره على يوتيوب بطريقة فيها إساءة كبيرة للشيخ عطية، وبالتبعية صورة رجل الدين ، وحين تصدمك الفيديوهات المنشورة تحت عناوين (أطرف مكالمات للشيخ مبروك عطية هتضحك من قلبك) أو عنوان أخر( اتحداك لا تضحك مع الشيخ مبروك عطية) أو (مكالمات على كيفك مع الشيخ مبروك عطية) وفيديو بعنوان (مبروك عطية مسخرة مع بنت على الهوا)، وكثير من تلك الفيديوهات المنشرة على اليوتيوب تحت مسميات كهذه تتأكد أن هناك خطـأ، جعل من إسلوب رجل ينتمى إلى زمرة علماء الدين مادة للسخرية والفكاهة، مما لا يليق بمكانة وجلالة شيخ أزهرى وعالم بالدين.
 
سقطة مهنية أخرى، حدثت من الشيخ مبروك، لا أدرى كيف ارتكبها، عندما نشرت جريدتنا اليوم السابع، فتواه بأن الوفاة عن طريق كارثة أرضية أو وباء يصيب البشرية فى وقت واحد لا تكون شهادة أبدا بقراءات القرآن الكريم كله، وإنما وباء وانتقام وأسوأ ميتة، فكأنهم قوم لوط، أو كأنهم قوم نوح الذين أغرقهم الله، ويجب أن نتوب إلى الله توبة نصوحة، وحينما هاجت ضده مواقع التواصل، لم يتحل بالشجاعة ويحاول التراجع عن الفتوى، لكنه اختار الطريق السهل بإنكار ماقاله، واتهم الجريدة بالكذب وأنها حرفت أقواله، فما كان من اليوم السابع غلا أن ترد عليه بطريقة عملية بنشر الفيديو الخاص بفتواه على المشاهدين، لتثبت للجميع من الكاذب ومن الصادق. 
 
هفوات وسقطات مهنية كثيرة ومتعددة للشيخ مبروك ارتكبها خلال برنامجه، ولكنى أربأ بالشيخ مبروك عطية أن يكون هدفه من تلك "الفرقعات" وهذا الإسلوب الساخر جذب المشاهدين، للحفاظ على برنامجة على تلك القناة،حتى ولو على حساب صورة رجل الدين الوقور،كما لا أميل إلى أنه يتعمد الإساءة إلى مظهر رجل الدين الجليل، كما انأى به قصده أن يكون مادة دسمة للسخرية والتهكم، ولكن أداءه بتلك الصورة، جعل البعض ينشرها على يويتوب بشكل ساخر، وبدلا من أن تكون حلقاته مرجع دينى يرجع إليها الناس فى أمور دينهم، تصبح مادة للضحك والتهكم والطرافة ، قد لا يكون الذنب ذنبه ولكن أداءه وطريقته هى من دفع هؤلاء لاختزال ما يقدمه فى هذه الصورة الساخرة الفكاهية، دون الالتفات لاحتواءها على إجابات لأسئلة دينية وفقهية مهمة.   
 
فى رأيي يخطئ الشيخ عطية فى إسلوب تناوله للحلقات، ورغم لوم العديدين له، بعد أن صارت بعض حلقاته ضمن فيديوهات الكومكس الساخرة على تيك توك، ويوتيوب، إلا أن الشيخ يعتبر ذلك نجاحا، فهو كما قال فى تبريره لإسلوبه الساخر فى ردوده على المشاهدين، المهم الرسالة تصل للمشاهد بأى طريقة، ولكن، كيف تؤدى الرسالة دورها وهى مغلفة بالسخرية والتهكم والطرافة، أعتقد أن الرسالة بهذه الطريقة ستصل مشوهة، وستؤثر بالسلب وليس الإيجاب على المشاهدين، قد يكون مبروك عطيه محقا  غذا قسنا النجاح بعدد الفيديوهات المنشورة له على تيك توك ، او اليوتيوب، ولكنه نجاح لا يضع برنامجه فى وضعه الطبيعى كبرنامج دينى هادف، ولكنه يضعه كبرنامج كوميدى ساخر طريف، وهو ما يدفعنى إلى نصيحة للشيخ مبروك عطية، ان يراجع نفسه، ويراجع أداءه لبرنامجه، أو يقوم باستغلال روحه المرحه وإيفهاته الخفيفة الطريفة، ليقدم برنامجا ساخرا ليس دينيا، يتناول فيه أيضا الأمور الحياتية للناس، ويرد على أسئلة المشاهدين، لكن دون إقحام الدين فى الأمر، ومن حقه يدير حلقاته كيفما يشاء وبأى شكل ساخر أو فكاهى أو أيا ما كان، المهم أن ينزع من برنامجه صفة البرنامج الدينى، حتى لا يستغل البعض ذلك فى الإساءة إلى قدسية وجلالة وعظمة رجل الدين.