اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 09:58 م

محكمة - أرشيفية

لملايين الملاك والمستأجرين.. التأصيل القانونى لإنهاء المؤجر عقد الإيجار للأشخاص الاعتبارية.. الدستورية العليا حسمت النزاع بالإخلاء دون انتظار صدور القانون.. العقود المبرمة لغرض غير سكنى صارت تخضع للقانون المدنى

كتب علاء رضوان السبت، 25 يوليو 2020 08:30 م

الواقع والحقيقة يؤكدان أن سريان حُكم المحكمة الدستورية العليا، ببطلان مادة "تمنع المؤجر من طلب إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية" فتح الباب لتطبيق مواد القانون المدنى بشأن قواعد إخلاء المستأجر للأماكن الاعتبارية غير السكنية، وبالأخص بعد صدور عدة أحكام تنفيذًا لحكم الدستورية بانتهاء عقد إيجار والإخلاء لشخصية اعتبارية بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى غضون 5 مايو 2018 دون الانتظار لصدور القانون.

  

فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على مسألة التأصيل القانونى، لأسباب وكيفية إقامة دعوى بإخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية، بعد صدور قرار رقم 339 لسنة 2019 بانتهاء الفصل التشريعى لمجلس الشعب وعدم إصداره قانون ينظم عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض يحيى جاد الرب. 

التأصيل القانونى لإنهاء المؤجر عقد الإيجار للأشخاص الاعتبارية

فى الحقيقة - بعد بدأ إعمال آثر الحكم بعدم دستورية امتداد عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية، وذلك لاستعمالها فى غير غرض السكنى، هناك بعض الأمور تتمثل فى 8 نقاط يجب تسليط الضوء عليها منها تاريخ سريان حكم المحكمة ألدستورية وبيان آثر عدم صدور قانون من البرلمان، والتأصيل القانونى للدعوى التى يرفعها المؤجر لإنهاء عقد الإيجار، ومدى وجوب اللجوء للجان فض المنازعات عملا بأحكام القانون 7 لسنة 2000 من عدمه، وإجراءات رفع الدعوى لإخلاء المستأجر عملا بحكم المحكمة الدستورية، وغيرها من الأمور – وفقا لـ"جاد الرب".

1- منطوق حكم المحكمة الدستورية وشرح مبسط لفلسفة القانون وآثر صدوره والمستفيد منه

بتاريخ 5 مايو سنة 2018م، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما في القضية رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية" قضى منطوقة بالاتى:- حكمت المحكمة:

أولا: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة "18" من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة: "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد...، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها فى غير غرض السكنى".  

ثانيا: بتحديد اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخا لإعمال أثره "وقد نشر الحكم بالجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب فى 13 / 5 / 2018 ص 3". 

وقالت المحكمة فى أسباب حكمها أن الفقرة الأولى من المادة "18" من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه تنص على أن "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد، إلا لأحد الأسباب الآتية:

ومؤدى هذا النص، أن المشرع لم يجز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإجارة المتفق عليها فى العقد، لتصير ممتدة بقوة القانون، ما لم يتحقق أحد أسباب الإخلاء المنصوص عليها حصرا بتلك المادة، وقد جاءت عبارة ذلك النص، فى شأن الامتداد القانونى لمدة عقد إيجار الأماكن، بصيغة عامة ومطلقة، لتشمل الأماكن المؤجرة لغرض السكنى أو لغير هذا الغرض، المؤجرة لأشخاص طبيعيين أو لأشخاص اعتبارية، عامة كانت أم خاصة، ولم يرد بنص المادة "18" من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه تقييد لهذا الإطلاق.

وقالت المحكمة أن النص المطعون فيه - ..إذ أجاز للشخص الاعتبارى المستأجر لعين لاستعمالها فى غير غرض السكنى، البقاء فيها بعد انتهاء المدة المتفق عليها فى العقد، فإنه على هذا النحو - وباعتباره واقعا فى إطار القيود الاستثنائية التى نظم بها المشرع العلائق الإيجارية - يكون قد أسقط حق المؤجر - مالك العين فى الأعم من الأحوال - فى استرداد العين المؤجرة بعد انتهاء مدة إجارتها، ومن ثم، فإن ما تضمنه ذلك النص من امتداد قانونى لمدة عقد إيجار الأماكن المؤجرة لأشخاص اعتبارية، لاستعمالها فى غير غرض السكنى، يكون متضمنا عدوانا على الحدود المنطقية التى تعمل الإرادة الحرة فى نطاقها .

وكان النص المطعون فيه، بما قرره من امتداد قانونى لمدة عقد إيجار الأماكن للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها فى غير غرض السكنى، قد سلب حق المؤجر فى طلب إخلائها بعد انتهاء مدة الإيجار المتفق عليها فى العقد، لتصير يد المستأجر على العين مؤبدة، باقية مدة بقاء الشخص الاعتبارى - عاما كان أم خاصا - ولو كان المؤجر فى أمس الحاجة لها، كما أن المشرع - بموجب النص المطعون فيه، إذ اختص فئة المؤجرين لهذه الأماكن لأشخاص اعتبارية، بمعاملة أدنى من قرنائهم المؤجرين لها لأشخاص طبيعيين، بأن حرم الفئة الأولى، من استرداد العين المؤجرة ما بقى الشخص الاعتبارى قائما عليها، وآثر صدور هذا الحكم بأن جعل العقد شريعة المتعاقدين بمعنى أن عقود الأشخاص الاعتبارية يخضع لأحكام القانون المدني. 

 

 

2-تاريخ سريان حكم المحكمة الدستورية وبيان آثر عدم صدور قانون من البرلمان

الثابت من مدونات الحكم أن المحكمة قد حددت موعدا لسريان آثره وهو اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب، التالى لتاريخ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية - وقالت المحكمة فى نهاية حكمها: "أن هذه المحكمة تقديرا منها لاتصال النص المطعون فيه بنشاط الأشخاص الاعتبارية، وتأثيره على أداء هذه الأشخاص لدورها فى خدمة المجتمع، والاقتصاد الوطنى، فإن المحكمة تعمل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة "49" من قانونها، وتحدد لإعمال أثر هذا الحكم اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب، التالى لتاريخ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية.

ولما كان صدر القرار رقم 339 لسنة 2019 ونصت مادته الأولى على أن يفض دور الانعقاد العادى الرابع للفصل التشريعى الأول لمجلس النواب، اعتبارا من يوم الاثنين 12 من ذى القعدة 1440 هـ الموافق 15 يوليو 2019، وكان رئيس مجلس النواب قد أعلن، خلال الجلسة العامة المنعقدة، يوم الاثنين، 15 يوليو 2019 انتهاء دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعى الأول للبرلمان، وذلك بعد موافقة أعضاء المجلس ومن وثم يبدأ سريان حكم المحكمة الدستورية اعتبارا من ذلك التاريخ ويحق لكل مالك أن يتخذ الإجراءات القانونية لإنهاء عقود الإيجار المؤجرة للأشخاص الاعتبارية فى ظل قوانين إيجار الأماكن .

 

3-التأصيل القانوني للدعوى التي يرفعها المؤجر لإنهاء عقد الإيجار

بأعمال آثر حكم المحكمة الدستورية أصبحت العقود المبرمة لغير غرض السكنى تخضع لأحكام القانون المدنى، ولما كانت المادة "558" من القانون المدنى قد نصت على أن : "الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكّن المستأجر من الانتفاع بشيء معيّن مدة معيّنة لقاء أجر معلوم."

و تنص المادة "563" من القانون المدنى قد نصت على أنه: "إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معيّنة أو تعذّر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، وينتهى بانقضاء هذه الفترة بناءً على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبّه على المتعاقد الآخر بالإخلاء فى المواعيد الآتى بيانها: (أ) فى ... (ب) فى المنازل والحوانيت والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن وما إلى ذلك إذا كانت الفترة المعيّنة لدفع الأجرة أربعة أشهر أو أكثر وجب التنبيه قبل انتهائها بشهرين، فإذا كانت الفترة أقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير. ج.....".

وتنص المادة "598": ينتهى الإيجار بانتهاء المدة المعيّنة فى العقد دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء، وتنص المادة "599":

 1- إذا انتهى عقد الإيجار وبقى المستأجر منتفعاً بالعين المؤجّرة بعلم المؤجّر ودون اعتراض منه، اعتبر الإيجار قد تجدد بشروطه الأولى ولكن لمدة غير معيّنة، وتسرى على الإيجار إذا تجدد على هذا الوجه أحكام المادة 563.

 2- ويعتبر هذا التجديد الضمنى إيجاراً جديداً لا مجرد امتداد للإيجار الأصلى، ومع ذلك تنتقل إلى الإيجار الجديد التأمينات العينية التى كان المستأجر قد قدّمها فى الإيجار القديم مع مراعاة قواعد الشهر العقارى، أما الكفالة شخصية كانت أو عينية فلا تنتقل إلى الإيجار الجديد إلا إذا رضى الكفيل بذلك.

ومفاد ما تقدم أن عقد الإيجار للأشخاص الاعتبارية بصدور حكم المحكمة الدستورية المشار إليه أصبح غير محدد المدة ومن ثم وعملا بأحكام المادة 563 من القانون المدنى يجب على المؤجر أن يقوم بالتنبيه على المستأجر بعدم رغبته فى تجديد العقد إلى المواعيد المحددة بنص الفقرة "ب" من المادة المشار إليها، ذلك أنه إذا كان العقد غير محدد المدة- تكون غايته موعد دفع الأجرة فإذا كانت تدفع كل سنة كانت مدة العقد سنة واحدة وإذا كانت مشاهرة كانت مدة العقد شهر واحد

وقد أعطت المادة 563 الحق لأى من طرفى عقد الإيجار السابق وصفه أن ينهى عقد الإيجار بالتنبيه بالإخلاء قبل انقضاء نصف مدة العقد وفقاً للتفصيل السابق إذا كانت أقل من أربعة أشهر أى أن عقود الإيجار الغير خاضعة للقوانين الاستثنائية والتى تخضع لأحكام القانون المدنى هى عقود ومؤقتة وعدم تحديد مدتها واستحالة معرفة تاريخ انتهائها وجوب اعتبار العقد منعقداً للفترة المحددة لدفع الأجرة ولكل من طرفيه الحق فى إنهائه بالتنبيه على الأخر فى الميعاد القانونى – وفقا للطعن رقم 2528 لسنة 55 ق – جلسة 2 ديسمبر 1987.

 

كما أن نص المادة 563 من القانون المدني قد جاء صريحا بأنه إذا عقد العقد دون اتفاق على ميعاد ينتهى فيه الإيجار، اعتبر العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه في المواعيد المبينة بالمادة المشار إليها، وهو ما أكدته محكمة النقض فى حكم حديث صدر لها بجلسة 24 مايو 2017 بقولها:

"إذا عقد العقد دون اتفاق على ميعاد ينتهي فيه الإيجار، اعتبر العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق فى إنهاء العقد بعد التنبيه في المواعيد المبينة بنص المادة 563 مدني والتي جاء النص فيها صريحًا بما يتعين تطبيقه ولا محل للقول بان العقد ينعقد لمدة يحددها القاضي تبعاً لظروف وملابسات التعاقد أو أن الإيجار ينتهي بوفاة المستأجر أو بانقضاء سنتين عامًا على إبرام عقد الإيجار قياساً على أحكام الحكر إذ لا محل للاجتهاد أو القياس وهناك نص قانوني يحكم الواقعة"، وذلك طلقا للطعن رقم 6590 لسنة 79ق – جلسة 24 مايو 2017.

 

4-مدى وجوب اللجوء للجان فض المنازعات عملا بأحكام القانون 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق فى بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها.

تنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 على أنه: ينشأ فى كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر، للتوفيق فى المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التى تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وتنص المادة الحادية على أنه: عدا المسائل التى يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، لا تقبل الدعوى التى ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفقأ لحكم المادة السابقة .

 

ومن ثم إذا كانت الدعوى سترفع على إحدى الجهات المؤجرة مثل الوزارات أو المحافظات أو الهيئات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة فيجب اللجوء إلى لجان فض المنازعات باعتبار أن المنازعة أصبحت تخضع لأحكام القانون المدعى، أما الأشخاص الاعتبارية الخاصة كالشركات الخاصة وشركات قطاع الأعمال والشركات القابضة، فهذه الشركات لا يلزم قبل رفع الدعوى عليها اللجوء للجنان فض المنازعات، لأنها لا تخضع لأحكامه.

 

المنازعة أصبحت تخضع لأحكام القانون المدنى ولا تخضع لأحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية

وأن كان هناك رأى لمحكمة النقض بعدم خضوع المنازعات الناشئة عن عقود الإيجار الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، وقالت فيه: "إذا كانت المنازعة فى الدعوى المطروحة من المنازعات الناشئة عن عقود الإيجار الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، وكانت هذه القوانين قد أفردت لها نظامًا خاصًا فى التقاضى لا تجوز مخالفته لتعلقه بالنظام العام، ومن ثم فإنها تخرج عن ولاية لجان التوفيق فى المنازعات المدنية والتجارية والإدارية المنشأة بالقانون رقم 7 لسنة 2000، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر المتقدم، وقضى بعدم قبول الدعوى لعدم اللجوء إلى لجان التوفيق سالفة البيان، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه، وذلك طبقا للطعن رقم 547 لسنة 72 جلسة 25 مارس 2015 - غير أننا نرى أن المنازعة أصبحت تخضع لأحكام القانون المدنى ولا تخضع لأحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية.