اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 10:11 م

مصطفى الحفناوى

سعيد الشحات يكتب .. ذات يوم..18 يوليو 1950 ..«الحفناوى» يبعث إلى حكومة الوفد الخطة السرية لتدويل قناة السويس بعد انتهاء فترة الامتياز فى 16 نوفمبر 1968 ويرفض نصيحة يحيى حقى وعلى شوقى

السبت، 18 يوليو 2020 10:00 ص

واصل رئيس شركة قناة السويس «شارل رو» استكمال فكرته لمصطفى الحفناوى حول مستقبل القناة، ليعرضها فى كتابه باللغة العربية عنها، كان الحفناوى فى حجرة الأرشيف بمقر الشركة بباريس، يبحث عن الوثائق، لينجز الكتاب الذى اتفق عليه مع شارل ليكون دعائيا لشركة القناة بسياساتها الاستعمارية، وتظاهر «الحفناوى» بالموافقة عليه، لتتاح له فرصة البحث عن وثائق يستخدمها فى رسالته للدكتوراه لجامعة باريس حول الموضوع، الذى يتمسك فيه بموقف وطنى صارم ضد الأطماع الاستعمارية فى القناة.. «راجع، ذات يوم 15 و16، و17 يوليو 2020».
 
يكشف «الحفناوى» القصة فى مذكراته» مصطفى الحفناوى وخلفيات تأميم قناة السويس»، ويصل إلى فكرة «شارل» التى طرحها عليه حول مستقبل القناة، وذكرنا شقها الأول فى حلقة أمس، أما الشق الثانى فكان الأخطر، لأنه يكشف مخطط عدم تسليم القناة لمصر بعد انتهاء فترة الامتياز، مما يجعل هجوم المغرضين ضد عبد الناصر لتأميمه القناة يوم 26 يوليو 1956 لغوا فارغا، وجهلا مقيما فى أدمغة أصحابه.
 
 يؤكد الحفناوى أن «شارل» قال له حرفيا: «بعد انتهاء امتياز الشركة فى 16 نوفمبر 1968، بل قبل انتهاء الامتياز، وباتفاق خاص مع شركتنا، ويعوضها «مصر» عن الأضرار، تقوم الأمم المتحدة بتعيين لجنة دولية تمثل الدول العظمى تحل محل الشركة فى إدارة قناة السويس واستغلالها، ويكون لمصر مقعد وعضو يمثلها فيها، وباعتبارك صاحب الاقتراح لن ترشح الحكومة المصرية سواك، وستكون أول مصرى يجلس فى هذا الكرسى الدولى، وسيضفى عليك مكانة عالمية ضخمة».
 
ينبه شارل، الحفناوى: «ستصادف متاعب فى أول الأمر من أهل بلدك، ولن يفهموك بسرعة، أُذكرك بأن المرحوم الدكتور أحمد ماهر قُتل وراح ضحية شجاعته فى الرأى، لكنه خلد فى التاريخ كمثال فى الشجاعة الأدبية، أنت الآخر يجب أن تكون شجاعا، وتدافع عن رأيك، ولوخالفك أهل وطنك».
 
سأل «شارل»، الحفناوى: «الآن أحب أن أعرف منك رأيك، وهل تستطيع أن تتبناه؟..أجاب الحفناوى: «سأعرضه بالطريقة التى آراها ملائمة، وأرجوك أن تترك لى فرصة التأمل والتفكير فيه».. يتذكر الحفناوى، أن شارل ركز فى ملاحظة انفعالاته ثم بدأ فى تقديم إغراءاته، فسأله عن راتبه الشهرى كمستشار صحفى فى السفارة المصرية، وهى الوظيفة التى وفرها له الدكتور محمد صلاح الدين وزير الخارجية فى حكومة الوفد، ولما سأله الحفناوى عن سبب سؤاله، أجاب: «أنت يا صديقى فيك كل الصفات التى تؤهلك لمناصب الشركة التى لها مسؤولياتها، وتتطلب تأهيلا رفيع المستوى، أنت قانونى، ومؤرخ، وكاتب، وعالم، ودبلوماسى وتجيد الفرنسية والانجليزية، وهذا أقصى ما نطلبه فى المرشحين لوظائف الشركة.. أليس لديك مانع من أن تترك خدمة السلك السياسى، وتشتغل معنا؟.. إننى أقدرك، وأعوانى يقولون إنك عاقل ومتزن ويثنون عليك أطيب الثناء، فما رأيك؟.
 
رواغ الحفناوى فى إجابته، حيث طلب الانتظار حتى يظهر كتابه، ويذكر أن «شارل» فهم أن الانتظار من شأنه زيادة راتبه المعروض كمكافأة لما قدمه فى الكتاب، ويكشف أنه بعد الانتهاء من اللقاء خرج مسرعا إلى مسكنه فى شارع «دى تاليران» بالأنفيلد، وحرر على الآلة الكاتبة مذكرتان بعنوان «مؤامرة لتدويل قناة السويس»، إلى رئيس الوزراء مصطفى النحاس، وإلى ووزير الخارجية.
يؤكد، أنه توجه إلى السفارة لترسل مذكرته فى أقرب حقيبة دبلوماسية، وكان السفير أحمد ثروت غائبا، فاستدعى أكبر رجلين فى السفارة وهما، على شوقى الوزير المفوض ونجل أمير الشعراء أحمد شوقى، والأديب يحى حقى، وقرأ الاثنان المذكرة فتجهما واتهماه بأنه قام بعمل ليس من اختصاصه، وإنما من اختصاص السفير، فطلب أن يعتبراه مواطنا عاديا توصل إلى هذه المعلومات، وهل يقوم بإبلاغ سفارة بلاده أم لا؟
 
يتذكر «الحفناوى» أنهما تراجعا، لكن يحى حقى قال له: «هذا الموضوع سيقيم القيامة، ويشعل نارا بين مصر وفرنسا، ومهمتنا تحسين هذه العلاقات لا إفسادها، وأنت ستفتح بمذكرتك باب الصداع للسفارة، رجاء أن تمزقها وتنسى أنك قابلت شارل رو».
 
يكشف «الحفناوى» أنه تظاهر بالموافقة، لكنه فى اليوم التالى التقى بصديقه الدكتور حامد زكى وزير الدولة، وسلمه المظروف وطلب منه تسلميه إلى وزير الخارجية يد بيد، غير أن «زكى» أرسل المظروف إلى مكتب وزير الخارجية، ففضه الموظف المسئول ولم يقرأه ولم يعرضه ووضع تأشيرة عليه بالحفظ، وظل الأمر مجمدا حتى تم تأميم القناة، وكلف عبدالناصر الحفناوى بصياغة قرار التأميم، بناء على الوثائق التى عثر عليها.