اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 10:44 م

الروج كان رمزا لقوة المرأة وثقتها بنفسها وقت الحرب العالمية الثانية

صور.. من الحرب العالمية لكورونا.. كيف كانت مستحضرات التجميل أسلحة حرب ناعمة.. أحمر الشفاة سلاح فتاك فى الحرب العالمية الثانية.. أداة لرفع معنويات الجنود وعلامة الوطنية.. "الروج" وطلاء الأظافر وسيلة استفزاز هتلر

إيمان حنا الثلاثاء، 02 يونيو 2020 07:30 م

ـ " المرأة وأحمر الشفاة .. سنربح الحرب" شعار شركات التجميل فى الأربعينيات

ليست أداة ناعمة لتزيين وجه المرأة فقط بل سلاحا فتاكا وقت الحروب.. إنها مستحضرات التجميل.. تلك الحقيقة التاريخية التى سلط عليه الضوء مقال نشر اليوم بصحيفة الشرق الأوسط ، فمثلا أحمر الشفاة بالذات استعمل في الجهود الحربية خلال الحرب العالمية الثانية، إلى حد أنه كان جزءاً من خطاب بروباجندا تحفيز المرأة على الانخراط فيها ودعم القوات المسلحة.

ومثال على هذه البروباجندا مقال نشرته مجلة «فوج»  عام 1942، جاء فيه أن الاهتمام بالجمال «واجب وطني... فهناك الكثير من الأمور الحزينة والقبيحة من حولنا، أصبح لزاماً على المرأة التصدي لها».


خلال الحرب العالمية الثانية قدمت اليزابيث الروج لتشجيع الامريكيات فى الجيش

 

وطبقا لما هو مؤرخ في «متحف الحرب الإمبراطوري» بلندن، فإن «امرأة لا تهتم بجمالها، هي امرأة محبطة وأمر غير مقبول وخطير في الحرب ضد العدو». نتيجة هذه البروباجندا، ارتفعت مبيعات كريمات الوجه ومستحضرات التجميل في الأربعينات من القرن الماضى ، لا سيما بعد تطوع نساء من الطبقات المتوسطة للعمل كممرضات في الخطوط الأمامية.

أحمر الشفاة لرفع معنويات الجنود!

 إن انخراط المرأة في الحرب لم يقتصر على التمريض. فقد أجبرها غياب الرجل على القيام بمهام كانت قصراً عليه، كالعمل في مصانع إنتاج أدوات حربية أو قيادة الحافلات العامة وغيرها من الأعمال التي كانت تتطلب ملابس خشنة بخطوط رجالية تخفي تضاريسها. حتى لا تفقد أنوثتها، أو تسمح للإحباط أن يسكنها، لم يكن أمامها سوى سلاح واحد، وهو أحمر الشفاه القاني لرفع مزاجها ومعنويات الجنود، وتشجيعهم على المقاومة، ليعودوا سالمين.


احمر الشفاه كان رمزا للقوة

 

أحمر شفاة لاستفزاز هتلر

 

ووفق ما أشارت تقارير إعلامية ، فقد كانت للتجميل وظيفة أخرى لا تقل أهمية ألا وهي استفزاز هتلر بشكل مباشر وشخصي. فالمعروف عنه أنه كان يكره رؤية أحمر الشفاه أو طلاء أظافر على أي امرأة.


هتلر

 

كان للشفاه الحمراء عمل جريء من التحدي، كشفت راشيل فيلدر ، مؤلفة كتاب "أحمر شفاه أحمر: قصيدة لأيقونة الجمال"،  أن أدولف هتلر كان يكره أحمر الشفاه الأحمر، فأصبح وضع هذا اللون  في دول الحلفاء علامة على الوطنية وبيانًا ضد المذهب، وعندما جعلت الضرائب أحمر الشفاه باهظ الثمن في المملكة المتحدة، صبغت النساء شفاههن بعصير البنجر بدلاً منه!



الدعاية لأحمر الشفاه وقت الحرب

 

بدأ الرجال يعتاد على اللون الأنثوي، بل وكان أحيانا يعطي شعورا بأن الحياة تسير بشكلها الطبيعي رغم الأوقات الصعبة، وكانت النساء اعتادت على وضعه بعيدا عن رمزيته، فهذا اللون سمح لها بالاحتفاظ بشعور من هويتها الذاتية قبل الحرب.

 

وانتشرت صورة جيه. هوارد ميلر من تصوير روزي ذا ريفيتر، الأيقونة الثقافية التي كانت تستخدم لتجنيد وتمكين العاملات في المصانع الأمريكيات، بشفاه بلون الكرز.


الدعاية لاستقطاب النساء للمساهمة بجهودهن وقت الحرب

 

و من هذا المنظور سارعت شركات التجميل وقنذاك إلى الترويج لمنتجاتها على أنها حملات وطنية، مثل شركة «تانجي» التي قدمت حملة شعارها "الحرب، المرأة وأحمر الشفاه... سنربح الحرب".

 

 إلزامى للملتحقات بالجيش

 

في عام 1941 وطوال الحرب، أصبح أحمر الشفاه الأحمر إلزاميًا للنساء اللائي التحقن بالجيش الأمريكي، استفادت ماركات مستحضرات التجميل من هذا الاتجاه في زمن الحرب، حيث أطلقت إليزابيث آردن Victory Red بطلب من الحكومة الأمريكية لتقديم لون الشفاه ولون الأظافر الأحمر لخدمة النساء، وقدمت بالفعل Montezuma Red تتطابق مع زي الجنديات.

 

وفى المظاهرات أيضا!

وفي عام 1912 سارت الآلاف من السيدات المطالبات بحقهن في التصويت عبر صالون إليزابيث أردن في نيويورك، كانت مؤسسة العلامة التجارية لمستحضرات التجميل، و لكنها كانت مناصرة لحقوق المرأة، وقد دعمت علامتها التجارية مع القضية من خلال تسليم أنابيب أحمر الشفاه اللامع للنساء المتظاهرات.

أحب قادة المظاهرات إليزابيث كادي ستانتون وشارلوت بيركنز جيلمان أحمر الشفاه الأحمر لقدرته على صدمة الرجال، ووضعت المتظاهرات اللون الجريء بشكل جماعي، واعتمدوه كدليل على التمرد والتحرير.



إحدى الاعلانات التى انتشرت قديما للترويج لاحمر الشفاه

 

وقالت راشيل فيلدر ، مؤلفة كتاب "أحمر شفاه أحمر: قصيدة لأيقونة الجمال": "لا يمكن أن يكون هناك رمز أكثر اكتمالاً من حقوق المرأة من أحمر الشفاه، لأنها ليست قوية فحسب، بلأنثى، كانت المطالبة بالمشاركة في الاقتراع تدور حول قوة الإناث، وليس فقط القوة".

وكان لأحمر الشفاه الأحمر العديد من الاستخدامات منه على يد النخبة في مصر القديمة وآخر للعاهرات في اليونان القديمة، وفى هوليوود كرمز للسحر، في ألوانه الكثيرة،و كان هذا اللون على الشفاه سلاحًا ثقافيًا قويًا، وقالت فيلدر: "أحمر الشفاه الأحمر هو حقًا وسيلة لتتبع التاريخ الثقافي والروح الجماعية".


وفى اليونان اعتبر الروج طريقة لدعوة الرجال للتعارف

 

أصبح أحمر الشفاه شائعًا بين النساء في أوائل القرن العشرين، كانت الشفتان الحمراء ترتبط غالبًا بالنساء المشكوك فيهن أخلاقيا، وفي العصور المظلمة، شوهدت الشفتين الحمراء كعلامة على الاختلاط بالشيطان، وقالت فيلدر إن اللون الجريء كان عنوانا للأنوثة الغامضة المخيفة.

مع انتشار حركات حقوق المرأة في جميع أنحاء أوروبا ونيوزيلندا وأستراليا، وكانت التكتيكات تصل بين النساء في بريطانيا من الولايات المتحدة، سواء من تنظيم المسيرات إلى الإضراب عن الطعام، انتشر هناك أيضا أحمر الشفاه الأحمر، بعدما فضلت إيميلين بانكهورست، زعيمة حقوق المرأة في بريطانيا، الشفة الحمراء، مما ساعد على نشر الإيماءة الرمزية بين زميلاتها النشيطات.

مازال لون الشفاه الأحمر رمزا للتمرد والمطالبة بالحقوق، وآخرها في ديسمبر 2019، عندما خرج ما يقرب من 10 آلاف امرأة في شوارع تشيلي مرتدين عصب العينين السوداء والأوشحة الحمراء والشفتين الحمراء لشجب العنف الجنسي في البلاد، هذا اللون استغله المحتجون في جميع أنحاء العالم بنفس القوة التي بدأ بها استخدامه!

حرب "كورونا"

 

ونحن نعيش حاليا حربا من نوع آخر وهى حرب وباء كوونا ما يعيشه العالم حالياً بسبب فيروس كورونا، قد يكون لمستحضرات التجميل دور أيضا ، ونلاحظ هذا من خلال تبارى  خبراء الجمال وعلم النفس حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي في التذكير بأن «المظهر السليم في النفسية السليمة». فنحن نحتاج إلى أسلحة متنوعة لمواجهة فيروس كورونا، بدءاً من التأمل بهدف ترتيب أوراق المستقبل إلى استغلال الوقت في تعلم هوايات جديدة، وما شابه من أمور، إلا أنها لا تقل أهمية عن العناية بالنفس من الداخل والخارج، إذ إن المظهر الجميل في الحجر الصحي تحديداً يُعزز من قوة المناعة، لأنه يزيد من الثقة وروح التفاؤل.

 

ولكن سلاح مكياج العيون تقدم على حساب أحمر الشفاه كون الكمامة تخفي نصف الوجه، فقد عزز هذا دور مكياج العيون، هذا ما أكده المصمم الأمريكي مارك جاكوبس، منذ أسبوعين، في مؤتمر صحفي عالمي أجراه على منصة «زووم». بمناسبة طرحه مجموعة ماكياج خاصة بالعيون، فقد قال إن  «الوقت مناسب جداً لها»، مشيراً إلى أن تصدر الكمامة الواجهة، يعني أن خريطة رسم الوجه ستتغير لتركز على سحر العيون والحواجب.

 

وهذا ما أكده  خبير التجميل الأردني راشد توغوج، من خلال جلسة تصوير لعروس بكمامة أبرزت سحر عيونها. علق راشد بأن نظرة سريعة إلى كل الثقافات التي تستعمل النقاب كرمز ثقافي، تُركز على العيون كنقطة جذب رئيسية، والدليل طبعاً عدد القصائد التي تتغزل بها. هذا إلى جانب أن المرأة استخدمتها لإرسال رسائل صامتة وقوية في الوقت ذاته. أمر يعرفه مارك جاكوبس وغيره من صناع الجمال، مثل هدى قطان، العراقية الأصل فالمعروف عنها أنها حتى قبل أن تكتسح الكمامة سوق الجمال، انتبهت إلى أهمية العيون وبنت امبراطورية تُقدر بمليارات الدولارات على رموش صناعية، لهذا لم يكن غريباً أن تطرح مؤخراً، وفي ظل أزمة «كورونا» طرحت ماسكارا تأمل أن تحقق لها ما حققته الرموش من أرباح. لكن هذا لا يعني نهاية أحمر الشفاه، كما أشار مارك جاكوبس، خلال مؤتمره الافتراضي الأخير، كل ما في الأمر أن أهميته ومبيعاته ستتراجع لصالح مستحضرات العيون ما دام لم يطرح أحدهم كمامات شفافة تظهر منها الشفاه.