اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 01:54 م

جمال عبد الناصر

هناك من نساه ومن تناساه ومن لا يعرفه.. عيد جلاء الإنجليز وإنهاء حكم الأجانب لأول مرة منذ الفراعنة يمر دون احتفاء.. أغلب الشباب لا يعرفون أهمية الحدث.. والإخوان تجاهلته نكاية في عبد الناصر

كتب: عمرو جودة الجمعة، 19 يونيو 2020 08:00 ص

في اليوم الثامن عشر من يونيو عام 1956 خرج آخر جندي بريطاني من مصر، وبذلك انتهى احتلال الأجانب لمصر، والذي دام لقرون، منذ انهيار الإمبراطورية الفرعونية، من الفرس والإغريق والرومان، وحتى الأتراك والفرنسيون والإنجليز، وبذلك تحقيق نضال أجيال عديدة من هذا الشعب.
 
وجاء هذا نتيجة الاتفاقية التي وقعها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مع أنتوني نتنج، وزير الدولة للشئون الخارجية البريطاني، في 19 أكتوبر 1954، وقضت بجلاء البريطانيين بالكامل عن مصر في غضون عشرين شهر من توقيع الاتفاقية.
 
ومرت ذكرى هذا اليوم التاريخي، والذي يجب أن يتوقف أمامه كثيرا أي مؤرخ يتعرض لتاريخ هذه الأمة، وكأنها سقطت من الوعي الجمعي للبلاد، إلا من رحم ربي، فهناك من نساه، وهناك من تناساه نكاية في عبد الناصر، خصوصا جماعة الإخوان والتي حاولت اغتياله يوم 26 أكتوبر 1954 أثناء إلقاء خطاب في ميدان المنشية بالإسكندرية أثناء احتفال بتوقيع المعاهدة.

تاريخ من الاحتلال.. تاريخ من الثورات

ويمكننا أن نعتبر حرب أحمس ضد الهكسوس، هي أول ثورة ضد الاحتلال الأجنبي لمصر، لكننا سنركز على محاولات الشعب المصري للتحرر من حكم الأجانب خلال التاريخ الحديث، وكانت أول حركة احتجاج كبرى للمصريين فى العصر الحديث، كانت فى يوليو ١٧٩٥، انتفاضة شعبية دعمها وساندها عدد من كبار مشايخ الأزهر فى مقدمتهم الشيخ الشرقاوى، خرج فيها المصريون يتظاهرون فى الشوارع ضد طغيان الأمير إبراهيم بك شيخ البلد وحليفه الأمير مراد بك، كبير أمراء المماليك اللذين كانا يعدان الحاكمين الفعليين للبلاد، وضد تعديهم على الجرايات والأوقاف، وضد الزيادات فى الضرائب والجبايات التى فرضاها على المصريين، لقد نجحت انتفاضة المصريين سنة ١٧٩٥ فى إرغام الأميرين الكبيرين على التوقيع على حجة شرعية يتعهدان فيها بالاستجابة للمطالب الشعبية وبعدم فرض ضرائب جديدة أو اتخاذ إجراءات تمس بالأوقاف وجرايات المشايخ والطلاب والصوفية دون الرجوع لكبار المشايخ باعتبارهم ممثلين للناس.

ثورة عرابي.. بروفة لـ 23 يوليو

ولم تتوقف محاولات المصريين للتحرر من حكم الأجانب، لكن أهم هذه المحاولات، هي ثورة عرابي ورفاقه محمد عبيد، وعلى باشا الروبي، والشاعر العظيم عبد الله النديم، وتأتي أهمية الثورة في أنها أول ثورة اتخذت خطوات كبيرة لكي يحكم هذا الشعب نفسه بنفسه، حيث نجحت فى أن تنتزع برلمانا ولائحة أقرب ما تكون إلى الدستور ومشاركة حقيقية فى حكم البلاد، وجاءت الثورة العرابية تتويجا لهذا النضال وتعبيرا عن التحام المجموعات السياسية الوطنية بالوطنيين من رجال الجيش.
 
وللتعبير عن طوق الشعب المصري لطرد الأجانب، قال شاعر الثورة العرابية وخطيبها المفوه عبدالله النديم محرضا المصريين على استعادة مقدرات بلادهم من الأجانب: "إنكم معاشر المصريين قد نشأتم في الاستعباد وربيتم في حجر الاستبداد، وتوالت عليكم قرون منذ زمن الملوك الرعاع، وأنتم صامتون، صابرون، بل راضون، فلو كان في عروقكم دم فيه كريات حيوية، وفي رؤوسكم أعصاب تتأثر فتثير النخوة والحمية، لما رضيتم بهذا الذل وهذه المسكنة، انظروا أهرام مصر وهياكل ممفيس وآثار طيبة، أيها المصريون لا حياكم الله ولا بياكم ما دمتم تعيشون كالسأمة تأكل من حشائش الأرض وتقبلون أيديكم المتشققة ظهرًا لبطن، أيها المصريون شمّوا رائحة أجسادكم فإنها نتنة، ونيل الله يجري بأرضكم، استمعوا إلى أنين أمعائكم وواديه يملؤه الخير، لعن الله من يقعد متفرجًا ملومًا محصورًا، لعن الله من منع عن نفسه أطايب الطعام وهي حِلّ له، لعن الله من يكره الحرية، لعن الله من لا يتبعنا."

عبد الناصر.. أول حاكم مصري منذ الفراعنة

ولم يتوقف المصريون عن محاولة طرد الأجانب، فجاءت ثورة 1919 لتكون أول ثورة قومية مكتملة الأركان، وواضحة الأهداف، لكن حركة الجيش عام في 23 يوليو عام 1952 وبقراراتها الجريئة التي حولتها سريعا إلى ثورة، كانت الأجدر باستعادة مقدرات البلاد إلى أيدي أبنائها، لتخرج احتلال الإنجليز والذي دام 70 عاما، وتنهي حكم الأسرة العلوية لمصر وتقيم الجمهورية، ليكون بذلك جمال عبد الناصر أول حاكم مصري للبلاد منذ الفراعنة.
 
ورغم مفصلية عيد الجلاء في التاريخ لم تهتم صفحات مواقع التواصل بالحدث، الذي لا يعرف قيمته الكثيرون من شباب الجيل الحالي، رغم أن الكير منهم يعرفون عيد الفلانتين، وعيد الهالوين، وربما عيد الاستقلال، فيما تجاهلت أو تناست صفحات جماعة الإخوان ذكرى هذا الحدث الوطني الكبير نكاية في جمال عبد الناصر، رغم أن الجلاء كان نتاج نضال أجيال عديدة عبر التاريخ، وليس عبد الناصر وحده، فالجماعة التي تعتبر تركيا أهم عندها من مصر، لا تعترف أصلا بكلمة وطن.