اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 03:55 ص

الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء

اكتشاف الدكتور مصطفى مدبولي.. ثقة الرئيس في الحكومة ضاعفت من قوتها واكسبتها شعبية وقبولا.. ورئيس الوزراء أكد أنه من أفضل من تولوا هذا المنصب.. والسر في الهدوء الرشيد والحزم العاقل وحرفية الخطاب

كتب وائل السمرى الجمعة، 24 أبريل 2020 02:45 م

بطبيعة الحال أتابع منذ عملي في الصحافة كل أحاديث رؤساء الحكومة في جميع الأوقات سواء كنت مهتما بموضوع الحديث أو غير مهتم، لكن هناك بالطبع أوقات تصبح فيها المتابعة اللحظية فرض عين لا يجوز تجاوزها أو التغاضي عنها، في أيام الثورة مثلا كانت المتابعة فيها تكاد تكون ضرورة من ضرورات الحياة، لكن في الغالب كان الملل هو الشعور المسيطر على الواحد وهو يتابع الكثير من المؤتمرات الصحفية لوزراء أو رؤساء حكومات لا يتناسب إيقاعهم مع إيقاع اللحظة، فبدلا من التوجه نحو الخطاب المراد مباشرة كان اللف والدوران هو السمة الأساسية قبل تمرير المعلومات وهو ما كان يأتي بنتائج عكسية في الغالب؛ لا لشيء إلا لاختيار طبيعة خطاب لا يتناسب إيقاعها مع إيقاع العصر، وفي الحقيقية فإن تلك الآفة الخطابية وتلك المناورات البالية لعشاق الظهور الإعلامي كانت السبب الرئيسي في إشعال الكثير من الغضب لا طبيعة الإجراءات وقتها، وهو الأمر الذي لن تجده أبدا في خطابات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر الحالي.

 

تميزت خطابات الدكتور مصطفى مدبولي منذ اشتعال أزمة ""كورونا" بالجدية الواجبة، والمباشرة العملية، والحنكة الخطابية، صفات لا تجدها في متمرسي السياسة الحزبيين والنشطاء، فما بالك برجل يعد من رجال الـ "تكنوقراط" المتخصصين في مجالهم المتميزين في عملهم، وهو أمر بالنسبة لي عد مفاجأة كبرى، فمعروف أن الدكتور مصطفى مدبولي رجل عملي، تخصصه في الهندسة والإنشاءات، لم يقدم نفسه يوما بعتباره رجل سياسة يتقن الأحاديث ويتنفنن في المواجهات الكلامية، كل ما هو معروف عنه أنه رجل دولة من طراز رفيع يجيد اداء المهمات التي توكل إليه، ولا يميل إلى الشو أو الاستعراض أو إثارة المشكلات الجدلية والخوض في المهاترات الخاوية، وهي للأسف مهارات قد يطلبها العمل السياسي بل قد تصبح هي المؤهلات الرئيسية عند الكثيرين.

 

كشفت لنا ازمة "كورونا" وجها آخر للدكتور مصطفى مدبولي، فقد ظهر في صورة رجل الدولة الحازم أيضا، لكنه في الوقت ذات سياسي من طراز رفيع، ليس من نوعية السياسين البالية التي تتقن الكلام ولا شيء سواه، لكن من نوعية السياسين العمليين، يتكلم بحساب، يصمت بحساب، يقدم أفكاره في شكل متدرج، لا يميل إلى التقعر في الحديث، كما لا ينزلق إلى حد الابتزال، يتكلم "بالمقاس" بميزان حساس يزن كلامه، يعرف أن أنظار المصريين تتوجه إليه، فلا يلعب على المشاعر، ولا يستعطفهم بجمل رنانة، يضع المشكلة في حجمها الطبيعي، ويتخذ الإجراءات المناسبة من أجل التغلب على هذه المشكلة، يحذر فلا يغضبك تحذيره، يتوعد فلا تستفزك تهديداته، تعرف أنه يتخذ الإجراء المناسب ويصيغها بالشكل المناسبة فتتقبل الحديث بأمان، وينعكس هذا إيجابيا على الحالة النفسية للشعب المصري الذي أصبح الآن من محبي ظهور الدكتور مصطفى مدبولي.

السر في هذا من وجهة نظري هو حجم الثقة التي منحها له الرئيس عبد الفتاح السيسي، فقد كان الرئيس السيسي قادرا على أن يظهر هو كل يوم في وسائل الإعلام ليعلن عن الكثير من الإجراءات، مثلما يفعل دونالد ترامب رئيس أمريكا مثلا، لكنه فضل أن تعلن عن طريق رئيس الوزراء ثقة فيه واطمئنان له، ومن يتابع أحاديث الرئيس عن رئيس الحكومة أو ذكره له في الخطابات الرسمية أو اللقاءات الإعلامية يجده يتحدث عنه بكل تقدير واحترام، ونادرا ما نسمع كلمة "دكتور مصطفى" بل نسمع "دولة رئيس الوزراء" أو "دولة الرئيس" وهي صيغة راقية من صيغ الاحترام والتقدير قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي متفردا عن غيره من رؤساء مصر، ليكشف عن طريقة جديدة في الإدراة والإنجاز، طريقة تعتمدعلى اختيار العناصر الفاعلة ودعمها وتعظيم دورها ومنحها مزيدا من الثقة ومزيدا من الرعاية لتقدم أقصى ما عندها من مجهود، ونتيجة هذا تمر علينا تلك الأزمة الطاحنة فلا نكاد نشعر بها.