اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 09:32 م

القارئ حنا عادل النجار يكتب: قصة من القتيل؟

السبت، 08 فبراير 2020 02:00 م

يعيش الأستاذ نادر وهو موظف حكومى بالمعاش هو وابنه أحمد وابنته سلوى فى شقة بالإيجار فى أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة وكان له صديق اسمه (أنور) بجوارهم، وكان الأستاذ أنور يعيش بمفرده لأن زوجته متوفية ولم ينجب أولادا منها ولم يتزوج بعد؛ وكان معروفا بالثراء نتيجة لعمله بالخارجية، ومعروف عنه أيضا أنه شخص صاحب وجه بشوش وطيب محب للجميع وخدوم لأبعد الحدود.

كانت سلوى ابنة الأستاذ نادر فى السنة الرابعة من كلية الحقوق، وكانت معروفة بحسن الخلق والتفوق في التعليم عكس أخيها أحمد تماما؛ كان سببا فى وعكة صحية لأبيه كادت أن تقضى عليه، فكان فاشلا فى التعليم ولم يكمل دراسته الجامعية.

تسير الأمور كل يوم كما هى روتين يومى لم يتغير، سلوى تذهب لدراستها الجامعية وأحمد يخرج بعد الظهر ليعود مجددا للمنزل قبل الفجر لا أحد يعلم مكانه ولا يعلم مع من يوجد، والأستاذ نادر يظل بمفرده إلى أن يأتى له صديقه أنور من عمله ويجلسان يلعبان الدومينو سويا.

وفى يوم ما لم يكن متوقع هذا أن عادت الأزمة القلبية مجددا للأستاذ نادر، ولكن هذه المرة كانت أسوأ بمراحل من المرة الأولى بسبب حزنه المستمر على ابنه أحمد؛ لم يكن معه أحد فى المنزل سوى سلوى، ما عليها سوى أن اتصلت مسرعة بالإسعاف، وقامت لنقل والدها لأقرب مستشفى من منزلهم، وكانت الكارثة أن المستشفى رفضت إجراء أى فحوصات أو تحاليل طبية قبل أن يتم دفع رسوم هذه الفحوصات والتحاليل وكانت بمبلغ مالى ليس بالكثير، ولكنه كثيرا على أسرة مثل أسرة الأستاذ نادر، لأن وضعهم المادى كان سيء جدا؛ اتصلت سلوى على أخيها أحمد لتخبره بما حدث لوالدها، ولكن أحمد كعادته لم يرد ظننا منه أن أبيه يتصل عليه، عادت تكرر سلوى الاتصال ع أحمد ليرد بعدها بنصف ساعة بضيقه وقبل أن يرفع صوته الخشن ع أخته، أبلغته بما حدث لوالدها؛ ثقل لسان أحمد على الكلام وتفكيره انقسم إلى جزئين جزء فى حزن والده والجزء الآخر تفكيرا فى المبلغ المطلوب والمعروف عن أحمد أنه لم يملك فى جيبه شيئا يذكر على الإطلاق وأبلغته سلوى أن المستشفى لم تبدأ فى أى إجراءات إلا عند سداد المبلغ المطلوب، صمت أحمد قليلا ثم رد عليها قائلا: أنا هتصرف وأجيب الفلوس وجاى وقفل أحمد التلفون.

بمجرد ما انتهت سلوى من المكالمة إذ ترى الطبيب بدأ فى إجراء الفحوصات والتحاليل لأبيها، استغربت سلوى كيف حصل هذا، فأبلغها الطبيب أنه تم سداد المبلغ، استغربت سلوى خصوصا وأنها تعلم أنه يستحيل أحمد أن يكون سدد الرسوم المطلوبة بهذه السرعة؛ وتكون المفاجأة أنه من دفع المبلغ المطلوب هو الأستاذ أنور صديق عمره وجاره الوفى وحزن جدا عليه، وحزن من سلوى وعاتبها عتابا قاسى لعدم ابلاغه بما حدث.

عادت سلوى للاتصال بأخيها أحمد لتبلغه أن الأستاذ أنور قام بسداد المبلغ ولكن كانت الكارثة هنا أنها وجدت تليفون أخيها خارج الخدمة.

من المعروف عن أحمد أن أصدقاءه مدمنون، اتفق أحمد مع اثنين منهم على قتل وسرقة جاره الأستاذ أنور وكان من نص الاتفاق تقسيم الفلوس بالنصف بينه وبين القتلة، واتفق الطرفان على التنفيذ!!!

انتهى الأطباء من جميع التحاليل والفحوصات الطبية، وأبلغوا ابنته والأستاذ أنور أنه يستطيع أن يذهب إلى المنزل مع أخذ الدواء فى ميعاده المناسب.

ذهب الأستاذ نادر وسلوى والأستاذ أنور إلى المنزل وعند وصولهم المنزل طلب الأستاذ أنور من صديقه نادر وسلوى أنه يمكث عنده مازحا معهم (انا عندى مكيف هواء علشان الجو حر لو جاتلك الأزمة تانى تخاف من الهواء)، ضحك الأستاذ نادر رغم مرضه وكان ع وجهه ابتسامة ممزوجة برضى ومحبه وجبر خاطر من جاره وصديق عمره الأستاذ أنور).

استأذن الأستاذ أنور من صديقه نادر ليذهب لشراء الروشتة، فطلبت سلوى أن تذهب معه لشراء بعض الأطعمة لتجهيز الغداء.

تذكر أحمد أن تليفونه فاصل شحن فوضعه فى شاحن أحد أصدقائه الموجود عندهم وقام بالاتصال على أخته ليطمئن ع أبيه؛ يفاجأ بما حصل وأن والده موجود فى منزل الأستاذ أنور، والمعروف أن أصدقاءه لم يروا والد أحمد ولا مرة تذكر.

قفل أحمد التليفون مسرعا وعاد للاتصال بالقتلة الذين أرسلهم لقتل الأستاذ أنور، ولكن كانت الكارثة أنهم لم يردوا عليه، نزل أحمد مسرعا وخطوات رجليه تسبق تفكيره والدموع تسيل ع وجهه مثل الدم في العروق، وصل أحمد إلى منزل جاره الأستاذ أنور، وبسرعة لم يستطع التقاط أنفاسه منها وكانت الصدمة والحصرة والوجع أنه وجد أبيه يسيل منه الدم وكأنه ذبيحة، صرخ وبكى أحمد ولكن ماذا يفيد البكاء بعد الموت.

الله ليس ظالم ولكنه عادل.