اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 05:05 م

محمد أحمد طنطاوى

خدمة العملاء فى شركة الغاز ترفع شعار "الشكوى لغير الله مذلة"

بقلم محمد أحمد طنطاوى الثلاثاء، 23 يوليو 2019 12:00 م

رصدت فى مقال الأمس الأزمة التى نعيشها مع مسئولى خدمة العملاء والكول سنتر فى الشركات والبنوك، وبعض الجهات الحكومية التى تقدم خدمات من خلال خطوط ساخنة، وقد قررت أن أخوض التجربة بصورة شخصية بالأمس من خلال خط الشكاوى الخاص بالغاز الطبيعى التابع لشركة بتروتريد الحكومية برقم 1122، وكانت المأساة على قدر ما توقعت.

فى البداية طلبت الرقم، ومرورا بقائمة اختيارات طويلة نجحت فى الوصول إلى مسئول خدمة العملاء، بعدما انتظرت  على الخط لمدة 7 دقائق تقريبا، ما بين القوائم الصوتية التى تستعرضها الشركة على مسامعى، بالإضافة إلى الرسالة الشهيرة، " جميع المندوبين مشغولون بالرد على عملاء آخرين .. الخ "، حتى كان حظى مع موظف الكول سنتر ويدعى "رامى أحمد"، الذى بدأ حديثه وكأن شيئا يضايقه، بعدما أخبرته أننى أريد تقديم شكوى فى محصل الغاز الذى لم يحضر منذ 4 أشهر، وعندما حضر أخذ قراءة كبيرة تشير إلى ما تم استهلاكه فى 4 أشهر وليس شهرواحد كما هو مفترض،  وسيتم تحميل هذه القراءة فى فاتورة واحدة، والمحاسبة ضمن أعلى شريحة للمتر المكعب من الغاز الطبيعى التى تصل إلى  360 قرشا، بدلا من 235 قرشا للشريحة الأولى التى يصل الاستهلاك فيها من صفر إلى 30 متر.

استمع مسئول الكول سنتر لما ذكرته وكانت إجابته غريبة، وهى :" مافيش داعى تعمل شكوى، سيتم تقسيم الاستهلاك على الشهور الأربعة، ولن تأتى لك فى فاتورة واحدة" وبسرعة رددت قائلا:" مين يثبت الكلام اللى أنت بتقوله ؟ قال : " مافيش إثبات ولكن هذا المعمول به، رددت ثانية : " ازاى معمول به وكل مرة تحصل نفس المشكلة ويتم تحميل الفواتير بقيمة الاستهلاك مرة واحدة، فأنا أحكى عن تجربة واقعية حدثت لأكثر من مرة".

مداولات وحديث ممتد مع مسئول خدمة العملاء حتى أخبرنى بأن القراءة مسئولية صاحب عداد الغاز وليست مسئولية المحصل، ويجب أن تسجل القراء كل شهر من خلال الخط الساخن، قاطعته محتدا :" يعنى أنا ملزم بتسجيل القراءة من خلالكم كل شهر وانتظر على الهاتف 10 دقائق حتى تتكرموا بالرد، هل أنا أعمل لدى شركة الغاز، التى لديها نحو 3500 موظف يحصلون على وراتبهم كاملة".

مسئول خدمة العملاء رامى أحمد أجابنى قائلا:" المحصل بينزل كل 4 شهور يا أستاذ هذه تعليمات الوزارة".

بهذه الكلمة ختمت حديثى مع مسئول خدمة العملاء وشكرته، فمادام الرجل ينفذ تعليمات الوزارة، التى تتكاسل عن تحصيل أموال الدولة تحقيقا لرفاهية محصليها وخوفا عليهم من ضربات الشمس، فإن كانت هذه تعليماتها بالفعل يجب أن يكو ن هناك تحقيقا مع مسئول الشركة ومسئول خدمة العملاء ويجب أن تحقق الحكومة فى أموالها ومستحقاتها الضائعة التى تصل إلى مليارات الجنيهات.

لم أكتف بالحديث مع ممثل خدمة العملاء، بل هاتفت الدكتور وسيم وهدان، رئيس شركة بتروتريد، لعرض شكوتى بخصوص فاتورة الغاز.. تحدث معى الرجل باحترام ووعدنى بالتحقيق فى الأمر، وأخبرنى بأنه بصدد التعاقد مع شركة أجنبية لتحسين خدمة الخط الساخن والكول سنتر !! وطلب إرسال الفاتورة حتى يتم مراجعتها وتدقيقها وبحث الشكوى.

هل كل مواطن لديه شكوى فى الغاز أو الكهرباء أو المياه عليه أن يتوجه مباشرة إلى مدير الشركة لحلها والحصول على رد مناسب أو قاطع أو حتى لائق ؟!! هل نحتاج إلى شركة أجنبية لتقديم خدمات بسيطة وسهلة، ولدينا أسطول من الموظفين والعمال والفنيين والمتخصصين ؟ هل نحتاج إلى عمالة مدربة ولدينا من الآلاف من خريجى الجامعات القادرين على التفاعل مع التكنولوجيا بكفاءة عالية ؟! لماذا نبقى على موظف يفسد العمل أو غير متخصص أو يؤدى بطريقة " على أد فلوسهم " أو يطمئن لفكرة أنه موظف حكومة ؟ الأمر أكبر من شكوى عن فاتورة غاز، لكنه ثقافة  ووعى عام لابد أن يأخذ القدر الكافى من المراجعة، وعلى كل مسئول أن يعرف جيدا أن تقبُل الانتقاد والملاحظات جزء أصيل من عمله إن كنا ننشد التطور إلى الأفضل.