اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 05:41 م

اللواء محمد إبراهيم

اللواء محمد إبراهيم: موقف مصر تحت قيادة الرئيس السيسى ثابت وداعم للقضية الفلسطينية

(أ ش أ) الإثنين، 01 يوليو 2019 01:34 م

أكد اللواء محمد إبراهيم عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أن موقف مصر تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى ثابت ولم ولن يتغير من القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن مصر لم تترك مناسبة إقليمية أو دولية إلا وأكدت خلالها ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية قائم على قرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين.

وقال اللواء محمد إبراهيم - فى دراسة بعنوان "ما بعد خطة كوشنر، ما هو التحرك العربى المطلوب" نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية - إن مصر مع إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعيش فى سلام وأمن واستقرار بجوار دولة إسرائيل وهذا هو موقف ثابت ولم ولن يتغير.

وأشار إلى موقف مصر التاريخى والمشرف تجاه القضية الفلسطينية والدعم الذى قدمته القاهرة على مدار أكثر من نصف قرن من أجل نصرة الشعب الفلسطينى وحصوله على حقوقه المشروعة وعلى رأسها حقه فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وحول صفقة القرن، قال اللواء محمد إبراهيم "ما زلت على قناعة تامة بأن (صفقة القرن) المزمع طرحها باعتبارها خطة سلام أمريكية لتسوية الصراع العربى- الإسرائيلى، أو تحديدًا لحل القضية الفلسطينية، لن تجد طريقها للتنفيذ، فهناك فرق شاسع بين خطة أو صفقة أو حتى قرارات تُتخذ، وبين إمكانية أن يتبلور ذلك كاتفاق مقبول من أطرافه، ويصبح حقيقة واقعة على الأرض، ولا شك أن الاتفاقات العربية التى تمت مع إسرائيل تؤكد ذلك، سواء كانت معاهدَتَى السلام الإسرائيلية مع مصر والأردن أو اتفاقات أوسلو؛ فكلها لم تُفرض عنوة أو بقرار، بل تمت من خلال مفاوضات سياسية بين الدول المعنية وبإرادة كاملة من قياداتها السياسية، ليس ذلك فقط، بل تدعمت بالقبول الشعبى والموافقة الإقليمية والدولية، وهو الأمر الذى أرى أنه لن يتوافر فى صفقة القرن.

وأضاف "من المؤكد أن هذه الصفقة تفتقد أيضًا إلى أهم العوامل التى تجعلها قابلة للتنفيذ؛ فهناك رفض واضح لها من أهم الأطراف المعنية، وأعنى هنا السلطة الفلسطينية، التى عبرت بصدق عن موقف الشعب الفلسطيني، والأطراف العربية والدولية التى لا تزال متمسكة برؤيتها لحل القضية الفلسطينية طبقًا لمقررات الشرعية الدولية، ومن بينها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو ما يتعارض بالتأكيد مع الجانب السياسى للصفقة الذى من المفترض أن يُطرح فى مرحلة لاحقة.

وتابع: "فى تقديرى.. من الصعب بل من المستحيل، أن تغير الأطراف العربية ومعظم الأطراف الدولية مواقفها المؤيدة للقضية الفلسطينية التى تلتزم بها منذ عقود طويلة، والتى ما زالت تعلنها بوضوح فى كافة المحافل والمناسبات".

وأشار إلى أن مؤتمر المنامة الذى انتهت أعماله منذ أيا بالبحرين تم تضخيم أعماله وطبيعته بصورة متعمدة قبل أن يُعقد، وذلك بهدف إعطائه الزخم المطلوب الذى لم يتحقق بالشكل الذى كانت واشنطن تأمله، سواء من حيث الحضور والمشاركة أو من حيث النتائج الاقتصادية التى تم الإعلان عنها؛ متسائلا: "كيف يمكن لمبلغ خمسين مليار دولار أن يساهم فى تغيير مجرى صراع تاريخى لن ينتهى إلا فى حالة واحدة فقط وهى إعطاء الفلسطينيين حقوقهم السياسية المشروعة، وليس مجرد وعدهم بمشروعات تنمية اقتصادية لا تحتاج لمثل هذا المؤتمر، ويمكن أن يقوم بها ويمولها رجال أعمال ومستثمرون فلسطينيون وعرب بعد إقامة الدولة المستقلة أو على الأقل الاتفاق النهائى على إقامتها".

وطالب بالابتعاد تماما عن وضع مؤتمر المنامة فى مربع التخوين أو الوطنية؛ فمن المؤكد أن الدول العربية التى شاركت فى المؤتمر لم ولن تفرط فى ثوابت القضية الفلسطينية، كما أن الدول المقاطعة لم تضف بعدم مشاركتها إنجازًا كبيرًا يُحسب لصالح القضية؛ معللا أنه: "إذا تعاملنا مع الأمور بهذا المنطق سوف تكون نظرتنا قاصرة وخاطئة؛ فالدول التى قاطعت ولم تشارك فهذا من حقها ولها مبرراتها واحترامها ولا يجب انتقادها، وهو نفس المنطق الذى يجب أن نسير عليه بالنسبة للدول التى شاركت، فقد كان حضورها عن قناعة وبناء على حسابات محددة، ولها أيضًا احترامها وتقديرها".

وقال إن هناك مجموعة من المحددات يجب أخذها فى الاعتبار عند الحديث عن المشاركة العربية فى مؤتمر المنامة، ليس من قبيل الدفاع عنها وإنما تأكيدًا للحقائق، وأهمها أن الدول العربية المشاركة تعد من أكثر الدول المؤيدة للقضية الفلسطينية؛ فلا يمكن لأحد أن يشكك فى مواقف مصر والأردن اللذين يتمتعان بعلاقات قوية مع القيادة الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني، ولا تزال مصر تلعب دورًا رئيسيًّا فى ملفى المصالحة والتهدئة.

كما أن السعودية هى صاحبة اقتراح المبادرة العربية للسلام، ولم تتوانَ هى ودول الخليج عن تقديم الدعم المادى الكبير لسنوات طويلة مضت وحتى الآن، سواء للسلطة الفلسطينية أو لدعم صمود سكان القدس.

وأكد أن مصر تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لم تترك مناسبة إقليمية أو دولية إلا وأكدت خلالها بوضوح موقفها من القضية الفلسطينية، خاصة ضرورة تطبيق مبدأ حل الدولتين، بمعنى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعيش فى سلام وأمن واستقرار بجوار دولة إسرائيل.

ولفت اللواء محمد إبراهيم إلى أن الحضور العربى (الجزئي) فى مثل هذه المؤتمرات قد يُعد مفيدًا من أجل التعرف على أهداف وأبعاد أى خطط مطروحة، ودون أى التزامات أو تعهدات من جانب الأطراف العربية المشاركة، وأن المشاركة العربية لا تعنى بأى حال من الأحوال الموافقة على أى خطط سياسية تتعارض مع الثوابت الفلسطينية، وهو ما اتضح من تأكيد هذه الدول على مواقفها المعروفة إزاء التسوية السياسية، سواء قبل المؤتمر أو بعده.

وأوضح كذلك أن المشاركة العربية تتيح المجال أمام تقييم حقيقى وموضوعى لما تطرحه واشنطن من خطط اقتصادية أو سياسية مستقبلية، ومن ثم، يتم اتخاذ خطوات واضحة وصحيحة للتعامل مع هذه الخطط خلال أى مراحل قادمة للصفقة، متابعا أن الغياب العربى الجماعى سيكون فى صالح إسرائيل التى تؤكد فى كل المناسبات غياب الشريك العربى أو الفلسطينى حتى فى هذه الورشة الاقتصادية المحدودة.

وقال إن واشنطن فى حالة الغياب العربى ستؤكد عدم وجود رغبة لدى الدول العربية فى إنهاء هذا الصراع، ومن ثم سيزداد التحالف الإسرائيلي-الأمريكى قوة وتناغمًا، ويجب ألا ننسى أن الولايات المتحدة رغم كل مواقفها المتحيزة ستظل هى الدولة الوحيدة فى العالم القادرة على الضغط على إسرائيل إذا كان هذا الأمر ضروريًّا وفى مصلحة الأمن القومى الأمريكي، وبالتالى من الضرورى أن نحرص على عدم فقد أدوات الاتصال العربية بل والفلسطينية مع واشنطن.

وأفاد بأن تنسيقا عربيا فلسطينيا قد تم قبل عقد المؤتمر أو فى أعقابه من أجل وضع القيادة الفلسطينية فى الصورة والتوافق على طبيعة وشكل التحرك فى المرحلة القادمة، مجددا الدعوة إلى عدم الوقوف كثيرًا عند مؤتمر المنامة الذى اعتبره مجرد ندوة اقتصادية فى مركز أبحاث، تطرح الرؤى وتخرج بتوصيات ليس لها صفة الإلزام، وألا يتم اعتبار هذا المؤتمر نقطة تحول فى الصراع العربي-الإسرائيلي، كذلك عدم إعطائه أكثر مما يستحق من اهتمام.

وأشار اللواء محمد إبراهيم – فى دراسته – إلى أن الفلسطينيين والدول العربية قد سبق لهم رفض مبادرة الرئيس الأمريكى الأسبق "كلينتون" التى طُرحت فى عام 2000 رغم أنها كانت تتضمن نقاطًا إيجابية، ذلك لأنها فى النهاية لم تتماشَ مع الثوابت المعروفة، خاصة فى موضوع القدس، فما بالنا بالموقف الفلسطينى والعربى المتوقع الذى أراهن على إيجابيته وقوته فى مواجهة صفقة جديدة تُسقط أهم الحقوق الفلسطينية، سواء كانت الدولة ذات السيادة أو قضيتى القدس واللاجئين.

وقال "إنه لا مجال أمامنا الآن إلا أن ننتقل من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة الفعل، ولست أبالغ عندما أقول إننا قد امتلكنا ثروة سياسية للحل تمثلت فى مبادرة السلام العربية المطروحة منذ أكثر من 17 عامًا، ولكننا للأسف لم نمتلك أبسط أدوات تنفيذها واستسلمنا لتكرارها فى بيانات القمم العربية مع كل التقدير للجهد العربى الجماعى المبذول فى ظروف شديدة الصعوبة، وفى النهاية جاء صهر الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر كبير مستشارى البيت الأبيض ليعلن منذ أيام أن المبادرة العربية لم تعد صالحة لتكون هى النموذج لحل القضية الفلسطينية ليكمل بذلك حلقات التحيز الأمريكى السافر لإسرائيل (القدس، اللاجئون، مبدأ حل الدولتين، مبادرة السلام العربية)، وهو الأمر الذى يطرح تساؤلًا مهمًّا: ماذا ننتظر حتى نتحرك سياسيًّا ونواجه كل هذه التحديات والمخاطر المتتالية؟".

وأكد أن وقف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية منذ 5 سنوات لم يكن القرار الأنسب رغم كل المبررات والعقبات، متابعا: "أنه بذلك قد حققنا مطلب إسرائيل الذى كانت تبحث عنه ومنحناها ميزة مجانية، كما أن هناك أطرافًا وقوى إقليمية ليس من مصلحتها هذه المفاوضات باعتبارها مستفيدة من الواقع الحالى الذى لا بد أن نقوم بتغييره".

وأضاف "أن إسرائيل طوال هذه السنوات الخمس تحركت بقوة على الأرض الفلسطينية لتغير معالمها، وتحركت بفاعلية إقليميًّا ودوليًّا لتحقق العديد من المكاسب التى تتباهى بها فى كل المناسبات، خاصة التطبيع الجزئى مع بعض الدول العربية".

ورأى أن المفاوضات كانت ولا تزال تمثل أكثر العوامل الضاغطة على أى حكومة إسرائيلية، فقد تفاوضت مصر مع إسرائيل لمدة سبع سنوات (بعد توقيع معاهدة السلام) فى مفاوضات شاقة ومضنية من أجل استرداد كيلومتر واحد فى قضية طابا، وحاولت إسرائيل إعاقة المفاوضات بكل الوسائل التى كنا واعين بها حتى نجحنا فى النهاية فى إعادة طابا إلى السيادة المصرية.

وأكد ضرورة أن تكون لدى الدول العربية رؤية واضحة ومتكاملة لحل القضية الفلسطينية، حتى نبدو أمام العالم أننا لسنا فقط أصحاب حق، وإنما لدينا أيضًا خطة سلام عملية قادرين على تفعيلها، تحقق الاستقرار والأمن لجميع دول المنطقة بما فيها إسرائيل، وعلينا أيضًا أن ننقل هذه الخطة بدلًا من أن تكون حبيسة الأدراج والأوراق إلى أن نعرضها على المجتمع الدولى فى وقت مناسب نتفق عليه حتى لو تصدت إسرائيل والولايات المتحدة لهذا الجهد العربى الذى أضحى ضروريًّا.

واقترح اللواء محمد إبراهيم – فى دراسته – خيارين رئيسيين هما: إعادة طرح مبادرة السلام العربية المتوافق عليها منذ 17 عامًا (التى لم نقم بتفعيلها حتى الآن) باعتبارها تمثل الموقف العربى النهائى لتسوية القضية الفلسطينية وغير القابل للتنازل عنه مهما كانت النتائج، ورغم الرفض الإسرائيلى والمعارضة الأمريكية للمبادرة، وفى الوقت نفسه، علينا ألا نكتفى بعملية الطرح، وإنما التحرك لبلورة آليات تنفيذية لكافة المبادئ التى تضمنتها المبادرة ونعمل على تسويقها.

أما الخيار الثانى فهو بلورة رؤية سياسية عربية فلسطينية جديدة تتمسك بالثوابت التى لا تقبل الجدل، وتأخذ فى اعتبارها المتغيرات الإقليمية والدولية، على أن تكون مشفوعة أيضًا بأدوات واقعية لتنفيذها، ونبدأ فى تسويقها إقليميًّا ودوليًّا حتى لا نترك المنطقة أو تحديدًا القضية فى فراغ سياسى يسمح لأى طرف بطرح ما يراه مناسبًا من وجهة نظره دون خبرة أو معرفة بالمنطقة أو عدم اكتراث بالحقوق الفلسطينية الثابتة.

وطالب بسرعة التحرك السياسى والمبادرة، وألا نركن إلى أى اعتراضات من أى طرف إقليمى أو دولي، ثم نقوم بعد ذلك بعملية تقييم لنتائج هذا التحرك حتى نحدد خطواتنا القادمة بشكل مدروس وحسابات دقيقة، فقد أصبحنا لا نمتلك إلا هذا البديل العملى المقبول دوليًّا، خاصة أن القوى الكبرى لا تبحث سوى عن مصالحها فقط، ولنا فى اللقاء الثلاثى الأمريكى الإسرائيلى الروسى الذى عُقد فى القدس مؤخرًا خير مثال، وفى كل الأحوال، أرى أنه من المهم أن نعلن على الملأ قبولنا بدء التفاوض مع إسرائيل فى أى وقت برعاية دولية أو أمريكية متفق عليها وبدون شروط إسرائيلية مسبقة، والتأكيد على أن العملية التفاوضية متى بدأت لا بد أن تشهد مرونة وتنازلات متبادلة ومقبولة من الأطراف كافة.