اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 03:55 م

"مدفع الإفطار.. إضرب".. مدفع الأقصر عمره أكثر من 148 سنة وشهرته "مدفع الحاجة فاطمة".. باحث أقصرى: الخديوى إسماعيل أهداه للأهالى فى موكب ليلة رؤية رمضان 1871م.. ومدير بمعابد الكرنك:الفراعنة أول من إتبعوا "الصوم"

الأقصر – أحمد مرعى الأحد، 19 مايو 2019 06:00 م

مدفع الإفطار.. إضرب.. تلك هى الكلمة التى ينتظرها الصائمين بعد إنقضاء فترة الصيام للإفطار مع حلول آذان المغرب، فمصر لها عادات تاريخية مميزة فى شهر رمضان المبارك توارثتها منذ عشرات بل وآلاف السنين، ومن أبرز تلك الموروثات التاريخية فى شهر رمضان المبارك هو "مدفع الإفطار" الذى يتواجد أمام مقر الحماية المدنية بقلب مدينة الأقصر الحضارية، والذى ينتظره يومياً الصائمين للإفطار على صوته وآذان المغرب.

ومع قرب آذان المغرب يتوجه العشرات من الأطفال بدراجاتهم للإستمتاع بمشهد ضرب مدفع الإفطار يومياً بمحافظة الأقصر، والذى تجهزه إدارة الحماية المدنية بمحافظة الأقصر بصورة يومية ليكون شاهد على التاريخ والحاضر ويخرج صوت مميزة يهز كافة أرجاء المدينة ليعلن إنتهاء وقت الصيام وبدء الإفطار وكذلك وقت السحور فى عادة يومية منذ أكثر من 148 سنة بالأقصر.

ويقول عبد المنعم عبد العظيم الباحث الأقصري، أن تاريخ "مدفع رمضان" بمحافظة الأقصر يعود لفترة حكم الخديوى إسماعيل للبلاد، حيث تم إحضاره لمحافظة الأقصر ليكون ضمن مجموعة من المدافع التى وصلت إلى مصر فى عهده من دولة إنجلترا، موضحاً أن المدفع صنع عام 1871 من نوع "كروب"، نسبة إلى مصانع "كروب" التى كانت تنتجه فى ذلك الوقت وكان يستخدم فى حروب القرن التاسع عشر، وهناك جنود كانوا فى عهد الخديوى إسماعيل يجربون أحد تلك المدافع فى شهر رمضان حين انطلقت قذيفة عند الغروب فأحدثت دوياً هائلاً بحيث اعتقد الناس أن الحكومة أعلنت تقليداً جديداً للإفطار على دوى المدافع، وعلمت الحاجة فاطمة بنت الخديوى بذلك فأصدرت فرماناً بإستخدام هذه المدافع عند الغروب وعند الإمساك وفى الأعياد الرسمية، فأرتبط ذلك المدفع بإسمها فسمى "مدفع الحاجة فاطمة".

ويضيف عبد المنعم عبد العظيم لـ"اليوم السابع"، أنه كان قد وصل مدفع رمضان لمحافظة الأقصر وأصبح عادة سنوية مستمرة فى محافظة الأقصر وقت الإفطار، ويتم إطلاقه مع آذان المغرب لتنبيه الأقصريين بالإفطار وحلول وقت إفطار المغرب، ومازال مدفع رمضان الذى تم جلبه للأقصر على يد الأسرة الحاكمة، ويتواجد مدفع "الخديوى إسماعيل" وهو المعروف بمدفع رمضان أمام مقر إدارة الحماية المدنية بمنطقة العوامية بمدينة الأقصر، والذى مازال ينطلق حتى يومنا هذا لإعلان إنتهاء وقت الصيام وبدء الإفطار، بصوته الذى يهز مختلف أرجاء المدينة، ويشرف عليه رجال الحماية المدنية الذين يقومون يومياً بأعمال تنظيفه وكبسه بالبارود الذى يدوى بأرجاء مدينة الأقصر.

ويقول الباحث الأقصري، أنهم منذ الصغر يسمعون صوت مدفع رمضان يومياً خلال الشهر الكريم، حيث يعتبر من التقاليد والتراث حول عمل مدفع رمضان قديماً بالأقصر، فقد كان فى ليلة الرؤية يخـــرج موكب مهيـــب من أمام مركز الشرطة، يتقدمه راكبو الخيل والموسيقى، يليهم صفان من الجنود على جانبى الطريق ثم المدفع مزين بالورود تجره أربعة خيول حيث يوضــع فى المكان المخصص له، وكان هذا المكان أمام مدرسة التجارة فى الأقصر، ثم تعددت بعد ذلك أماكن انطلاقاته، فتم وضعهه خلف قسم الشرطة ومن ثم فى المنطقة المطلة على معبد الأقصر، وعندما تم نقل إدارة المطافئ إلى مبناها الجديد أصبح يطلق من المنطقة المجاورة له، ومن الطرائف التــى تروى عن المدفع أنه فى عام 1932، كان الطقس غائماً بشدة فى الأقصر وكان الجندى المكلف بإطلاقه يعد المدفع للإطلاق لكنه أطلقـه قبل موعده بعشر دقائق فأفطر غالبية الصائمين، وفى رمضان 1945 أتى إلى الأقصر أحد أصدقاء الملك فاروق وأقام فى فندق «ونتربالاس» وقيل إن صوت مدفع الإمساك كان يزعجه ويوقظه من النوم، وطلب من الملك إصدار أوامره بعدم إطلاق المدفع عند الإمساك فطلب الملك من وزيرالداخلية آنذاك محمود فهمى النقراشى بإصدار أوامره لمأمور الأقصر بعدم إطلاق المدفع ليلاً طوال بقاء ضيف الملك فى الأقصر، ورفض المأمور تنفيذ الأمر الصادر له فعوقب ونقل من الأقصر وكان يوم وداعه مشهوداً فى محطة سكك الحديد، وبعد تلك الواقعة التى حدثت بأرض الأقصر، لم تمر أسابيع معدودة حتى اغتيل وزير الداخلية محمود فهمى النقراشى وهو متجه إلى مكتبه، كما اغتيل معه مساعده الخاص، فاعتبر الأقصريون ذلك انتقاماً إلهياً لأنه أخرس مدفع الإمساك أربعة أيام مدة بقاء ضيف الملك فى الأقصر.

ورغم مرور 148 سنة على وجود المدفع داخل مدينة الأقصر، إلا أنه مازال فى موقعه أمام الإدارة العامة لشرطة الأقصر وإدارة الدفاع المدنى فى المدينة، والتى تحافظ على هذا المدفع وتتولى صيانته ليكون جاهزاً للعمل سنوياً، وإطلاق قذائفه مع مواعيد الإفطار.

أما الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، فيقول أن القدماء المصريين أول من إتبعوا فكرة "الصوم" للتقرب للآلهة وتهذيب نفوسهم، وكانوا من أقدم الشعوب التى عرفته، حتى أن كلمة "صوم" يعود أصلها للكلمة الهيروغليفية "صاو" والتى تعنى امتنع أو كبح، حيث إن الفراعنة كانوا يقيمون طقوسًا خاصة للصيام حيث عرفوا فوائده فى الحفاظ على الصحة، وكذلك نفذوا الصيام للتقرب من الآلهة وأرواح الموتى وتهذيب النفس، ولعل القدماء المصريين قد قاموا بأعمال الصيام فى فترات معينة وذلك وفاء للنيل فى عيده الذى اعتبروه مصدر الرزق والخير لهم، كما كانوا يصومون فى أيام الحصاد وجنى الثمار، وكان يعتقد المصريون أن صوم ثلاثة أيام فى الشهر يساعد على البقاء فى صحة جيدة، كما كانوا يتقربون لأمواتهم بالصيام، وذلك ظنًا منهم أن صيام الأحياء يرضى الموتى لحرمانهم من طعام الدنيا.

ويضيف الطيب غريب لـ"اليوم السابع"، أنه كان الكهنة فى العصور الفرعونية المختلفة لهم أسلوب معين فى الصوم يختلف عن باقى الشعب، حيث إنه خادم المعبد كان يصوم 7 أيام متتالية من غير ماء قبل أن يلتحق بالمعبد، وقد تمتد فترة الصيام إلى اثنين وأربعين يومًا، ويبدأ صيامهم من طلوع الشمس إلى غروبها، إذ يمتنعون عن تناول الطعام ومعاشرة النساء، وكان الكاهن وخادم المعبد يمر خلال فترة صيامه بعدة مراحل، أولها صيام عشرة أيام عن أكل اللحم، وشراب النبيذ، ثم يعقب ذلك تلقينه واجباته المتعلقة بالمسائل المقدسة، وذلك بعد صيام عشرة أيام أخرى، وحول طبيعة الصيام لدى الشعب خلال العصور الفرعونية، فقد كانوا يصومون أربعة أيام من كل عام، تبدأ عندما يحل اليوم السابع عشر من الشهر الثالث من فصل الفيضان، وهناك نوع آخر من الصيام يحرّم فيه أكل كل شيء من الطعام، عدا الماء والخضر مدة سبعين يوماً.