اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 07:35 ص

دندراوى الهوارى

ماكرون يعظ: دافع عن المدونين بمصر.. وتناسى سجن مذيع فرنسى بسبب بوست!

بقلم دندراوى الهوارى السبت، 02 فبراير 2019 12:00 م

يوم الأربعاء 14 يناير 2015، أى منذ 4 سنوات بالتمام والكمال، رأينا فرنسا وبمجرد أن قفزت النار فى «حجرها»، كشرت عن أنيابها، وأظهرت وجهها الحقيقى، وقررت اعتقال الفنان والمذيع الفرنسى الساخر والمثير للجدل «ديودونيه مبالا»، لمجرد أنه كتب بوست على صفحته الشخصية قال فيها نصا: «أشعر أننى شارلى كوليبالى»، خالطا بين اسم التكفيرى الذى قتل شرطية وأربعة يهود فى الهجمات التى شهدتها حينها، صحيفة «شارلى إيبدو» على خلفية نشر رسومات مسيئة ترمز للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بلباس أبيض يذرف دمعة، حاملا لافتة كتب عليها «أنا شارلى».
 
وبدأ القضاء الفرنسى، حينذاك، تحقيقا موسعا مع المذيع والممثل الساخر «ديودونيه مبالا»، ووجهت له اتهامات كتابة عبارات على «فيس بوك» تتعاطف مع الإرهاب، ولا تراعى ما تتعرض له فرنسا من مخاطر إرهابية، وهجمات تحاول النيل من باريس قلب بلاد النور النابض، وأصدرت محكمة جنايات باريس، حكمًا بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ، بتهمة «مدح الإرهاب»، أى أن هناك حكما وتهمة فى قلب بلاد الحريات فى العالم اسمها «مدح الإرهاب»، وأه لو الحكم أصدرته محكمة مصرية تحت هذا المسمى والمعنى، لقامت الدنيا ولم تقعد..!!
 
وبعد مرور أربع سنوات بالتمام والكمال على هذه الواقعة، جاء الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى زيارة لمصر، وحاول من قلب القاهرة، أن ينصب نفسه «واعظا ورسولا» للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان، فى رسائل واضحة للشعب الفرنسى أولا، وليس للمصريين!!
 
الرئيس الفرنسى، أكد أن بلاده مهتمة بملف حقوق الإنسان، والدفاع عن المدونين المحبوسين فى مصر، متحدثا عن مدى إيمانه بالحريات، وحق النشطاء والمدونين فى التظاهر، وهى تصريحات تداعب أصحاب السترات الصفراء فى فرنسا، فى المقام الأول، فى رسالة مفادها: كم أن رئيسهم يؤمن بحرية التظاهر ويحترم الآراء المعارضة، متناسيا عنف شرطته ضد المتظاهرين، وسقوط قتلى!!
 
كما تناسى الواعظ «ماكرون» وسط دفاعه عن المدونين فى مصر، ما فعلته سلطات بلاده منذ 4 سنوات، عندما ألقت القبض على الممثل والمذيع الفرنسى الساخر «ديودونيه مبالا» بتهمة كتابة «بوست» على «فيس بوك» رأت فيه أنه يتعاطف مع الإرهاب، ويسىء لليهود، وتم الحكم عليه بالسجن شهرين مع إيقاف التنفيذ..!!
 
هنا تظهر الازدواجية، والكيل بمئات المكاييل، فبينما وقف ماكرون فى القاهرة يدافع عن حق التظاهر، وحرية المدونين فى كتابة ما يشاؤون، نجد بلاده تصدر أحكام السجن ضد فنان فرنسى شهير لمجرد أنه كتب بوست، ووجدناه هو شخصيا يصف مظاهرات أصحاب السترات الصفراء بالمخربة والمدمرة، ودشن مصطلحات من عينة أن الشارع لا يدير الدول، وأن المؤسسات تعى وتعرف ولديها تقديراتها السياسية، وأطلق يد شرطته ورجال أمنه لسحل واعتقال المتظاهرين!!
 
كما لم نجد وسائل الإعلام الفرنسية تبث المظاهرات على الهواء مباشرة، وتدس السم فى عسل الكلام، لنشر الفوضى والتخريب، ولم نجد تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، من عينة «هيومان رايتس ووتش» و«العفو الدولية» وغيرها من المنظمات الحقيرة، تعد تقارير إدانة عنف الشرطة الفرنسية مع المتظاهرين «الكيوت»، وتندد أيما تنديد بمقتل متظاهر، ولم نسمع برلمانات أوروبا تنتفض، والبيت الأبيض، والخارجية الأمريكية، تخرج لتطالب ماكرون بضرورة تلبية مطالب المتظاهرين، واعتبار أن الشباب الفرنسى، ثائر وطاهر ونقى!!
 
لم نجد «سيرك» سياسيا منصوبا للمظاهرات التخريبية الفرنسية، بينما نرى ماكرون وأسلافه، يصفون نفس المظاهرات فى مصر وسوريا وليبيا، بالنقية والمطالب الشرعية، وتدخلت فرنسا بشكل سافر فى ضرب ليبيا، وتدميرها، ونسأل السيد «إيمانويل ماكرون» ما رأيه فى الديمقراطية والحرية التى تبنت بلاده بشكل محورى، تطبيقها بقوة السلاح فى ليبيا وسوريا الآن..؟! ومن يدفع ثمن الخراب والدمار وقتل وتشريد الملايين..؟!
 
الرئيس الفرنسى، مثل كل نظرائه الأوربيين، والإدارة الأمريكية أيضا، مستمرون فى «النصب على الشعوب العربية» باسم الحرية والديمقراطية، وعندما اندلعت مظاهرات السترات الصفراء فى باريس وامتدت لتشمل معظم المدن الفرنسية، احتجاجا على سياسة الرئيس «ماكرون» نفسه وتجاوز عدد المتظاهرين فى بعض المناطق أكثر 300 ألف مواطن، وجدنا تدخلا عنيفا من قوات الأمن، وصل للسحل والضرب، واعتقال المئات، ولم نسمع صوتا واحدا من منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الأمريكية والغربية تطالب بضرورة ضبط النفس، وعلى النظام الفرنسى أن يستجيب لطلبات المتظاهرين، مع التلويح بمقاطعة فرنسا، والتدخل العسكرى لحماية مطالب المتظاهرين العزل!!
 
لم نسمع صوتا نشازا واحدا يهاجم نظام الرئيس الفرنسى ماكرون، وكأن آلاف المتظاهرين فى الشوارع لا وجود لهم، ولو حدث ذلك فى إحدى العواصم العربية، لكانت الدنيا انقلبت وطالبوا برأس نظام هذه الدولة.. ثم يأتى ماكرون وأقرانه ليتدخلوا فى شؤون الدول العربية، ويُنصبون أنفسهم دعاة الحرية ورسل الديمقراطية..!!
 
ولك الله ثم جيش قوى وشعب صبور يا مصر..!!