اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 09:59 م

سفير ليبريا بالقاهرة فى حوار لـ«اليوم السابع»

سفير ليبريا بالقاهرة فى حوار لـ«اليوم السابع»: مصر فى عهد السيسى أكثر قرباً من أفريقيا.. إدوين فاسيين: نحتاج خبرات مصر لدعم التنمية.. والرئيس وايا يزور القاهرة فى فبراير.. وعانينا 15 سنة من الصراعات

حوار حسام الشقويرى الجمعة، 04 يناير 2019 02:00 م

- ننتظر بفارغ الصبر رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى حتى نحقق مزيداً من الإنجازات.. وعلينا بذل مزيد من الجهد لخلق مساحة مشتركة وواسعة للتواصل البنّاء وتعميق حالة التعارف بين شعبى البلدين

15 سنة قاسية عاشتها ليبريا، البلد الأفريقى الهادئ. فمع مطلع تسعينيات القرن الماضى تحولت أجواؤها المستقرة والمسالمة إلى ساحة ساخنة ومشتعلة بالصراعات، وظلت فى هذه المحنة حتى استعادت مسارها السياسى المتزن، واستعادت معه الهدوء والاستقرار.
 
 
 
هذه الخبرة القاسية كانت سببًا مباشرًا فى أن يلحظ إدوين فاسيين سيلى حجم الجهد الذى تبذله الدولة المصرية؛ للحفاظ على استقرارها وثبات مؤسساتها، فما عاشه سفير ليبريا الحالى بالقاهرة من أزمات شهدها وطنه، وفرت له قدرة أوسع على رؤية الأمور المعتادة للمصريين فى وجهها الحقيقى، وتقييمها بالصورة الصحيحة التى تعرف حجم ما تعيشه مصر من أمن واستقرار.
 
بين أجواء ليبريا التى تستعيد هدوءها بعد حقبة طويلة من الصراعات والنزاعات الداخلية، والاستقرار الذى تعيشه مصر، بما تملكه من ميراث حضارى وقدرات فنية، تسعى ليبريا فى الوقت الراهن للاستفادة من الخبرات المصرية، دعمًا لمسارها الممتد على طريق التنمية، حسبما يؤكد سفيرها بالقاهرة إدوين فاسيين فى حواره لـ«اليوم السابع»، الذى أعرب فيه عن تقديره للدور المصرى المتنامى فى القارة الأفريقية، وتطلع بلاده لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، ولم يُخف خلاله حبه العميق لمصر، الذى عبر عنه بوضوح قائلًا: «تمنيت أن أكون مصريًا».. عن العلاقات المشتركة وجهود التنمية ورؤية الدولة الليبرية لمصر، كان لنا معه هذا الحوار.. 
 

تمضى ليبريا إلى الاستقرار بعد معاناة طويلة من النزاعات الداخلية.. كيف حققتم هذا؟

- كما تعلم فقد كانت ليبريا فى أزمة كبيرة ونزاعات امتدت لما يزيد على 15 سنة، وشهدت هذه الفترة صراعات عنيفة وحروبًا أهلية، ما تسبب فى توقف أغلب مشروعات التنمية والتحديث لفترة طويلة، إلا أن الأوضاع تغيرت الآن بدرجة كبيرة، ونسير بإيقاع سريع باتجاه الأمن والاستقرار الكاملين، وقد بدأت هذه الحقبة الهادئة عقب استعادة المسار السياسى وإجراء انتخابات رئاسية ناجحة. كانت الخطوة الأولى مع الرئيسة إيلين جونسون التى فازت بالمنصب فى العام 2005 وقضت 12 سنة فى موقعها، وحصلت على جائزة نوبل للسلام فى العام 2011، وتستمر مسيرة الاستقرار والتنمية مع الرئيس جورج وايا، الذى يشغل موقعه منذ سنة، وحاليًا تتمتع ليبريا بمناخ ديمقراطى هادئ، وتشهد جهودًا جادة فى العمل والبناء والتنمية وتشجيع الاستثمار.
 
 

نشاطكم ملحوظ رغم وجودكم فى مصر منذ فترة قصيرة.. فهل تنفذون تكليفات عاجلة؟

- بالفعل، تلقيت توصية من الرئيس جورج وايا بتعميق نشاطى فى مصر، فى ضوء أهمية القاهرة ودورها المحورى فى القارة الأفريقية، لهذا لم أنتظر طويلًا بعد وصولى للسفارة، وبدأت العمل على مسارات عدّة لتعميق الروابط بالدولة المصرية ومؤسساتها، خاصة أن نتطلع لمشاركة مصر ودعمها لمسار ليبريا نحو التنمية. وشملت هذه الأنشطة لقاءات خاصة بعدد من المستثمرين ورجال الأعمال، فزرت اتحاد الغرف التجارية المصرية على هامش زيارة رئيس غرفة تجارة ليبريا لمصر للمشاركة فى المعرض الأفريقى للتجارة البينية الذى احتضنته القاهرة، وذلك بغرض خلق مساحة من التعاون والاكتفاء الذاتى بين البلدين على المستوى الاقتصادى، وبحث السبل والآليات الممكنة لزيادة معدلات التعاون التجارى والصناعى والاستثمارى، وتعزيز تبادل السلع والخدمات، وتنشيط حركة الاستيراد والتصدير، وعرض فرص الاستثمار المتاحة فى ليبريا.
 

كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية الليبيرية؟ 

- مصر وليبريا تجمعهما صداقة وطيدة منذ أمد بعيد، فعلاقاتنا تعود إلى العام 1959، وسفارة ليبريا فى مصر تعمل منذ العام 1960، ولك أن تعلم أن مصر حاضرة فى المناهج التى يدرسها أبناؤنا فى المدارس، فهى جزء مهم من ثقافتنا الأفريقية، ونُقدّر دورها الكبير على المستويين الإقليمى والعالمى، وحاليًا يُولى الرئيس جورج وايا اهتمامًا كبيرًا بالعلاقات الثنائية وركائزها وسبل دعمها وتعزيزها، ونتطلع للاستفادة من الخبرات المصرية العميقة فى كل المجالات والتخصصات، وفى مقدمتها التعليم والصحة والزراعة والصحة. ويؤكد الرئيس وايا دائمًا أن مصر قادرة على المساعدة الجادة والناجحة فى دعم مسار التنمية فى ليبريا وتنفيذ أجندتها الوطنية، لهذا أوصانى كثيرًا قبل مجيئى للقاهرة بضرورة تحقيق أكبر استفادة ممكنة من الخبرات المصرية.
 

أرسلت مصر مندوبًا لمراسم تنصيب الرئيس وايا.. فمتى يزور مصر؟

- سعدنا كثيرًا بحضور مندوب عن رئاسة الجمهورية فى مصر لمراسم تنصيب الرئيس جورج وايا، وبسبب بعض الملفات والارتباطات لم تسنح الفرصة لحضوره فعاليات منتدى شباب العالم فى مدينة شرم الشيخ، رغم تطلعه للمشاركة فيه، إلا أنه يحمل لمصر قدرًا كبيرًا من التقدير والاعتزاز، فى ضوء دورها الريادى فى المنطقة والقارة، ومن المقرر أن يزور القاهرة نهاية الشهر الجارى أو أوائل فبراير المقبل.
 

كيف ترون معرض التجارة البينية الذى استضافته مصر ودوره فى تعزيز الروابط؟

- لا شك فى أن مثل هذه الفعاليات الكبرى، خاصة فى مجال التجارة البينية، تدعم العلاقات المشتركة بين دول القارة، خاصة أن هذه العلاقات لم تصل للمستوى المأمول حتى الآن، وتحتاج قدرًا أكبر من الجهد ومزيدًا من التكامل. وقد شهد المعرض الأفريقى للتجارة البينية استعراضًا شاملًا للملفات المشتركة والتحديات التى يواجهها أبناء القارة فى المرحلة المقبلة، وخرجنا بتوصيات واتفاقيات مهمة، ولكن علينا التفكير بشكل جاد فى إيجاد حلول عملية لتسهيل حركة التنقل، وتعميم تجربة دول غربى أفريقيا فى إطلاق وثيقة سفر موحدة، ودراسة فكرة توحيد العملة، والعمل المشترك على ملفات هجرة شباب القارة لدول أمريكا وأوروبا، فلا بد من أن نخلق لهم فرص عمل حقيقية فى أفريقيا بما يغنيهم عن فكرة الهجرة، خاصة أن بعض دول أوروبا تشهد اضطرابات وتوترات، كما نرى الآن فى فرنسا، ولهذا نتطلع بفارغ الصبر لتولى مصر قيادة الاتحاد الأفريقى؛ لمناقشة كل هذه المشكلات والبحث عن حلول لها ووضع آليات عملية لتنفيذ هذه الحلول، والمؤكد أنه بهذه الرئاسة المصرية سيكون 2019 عام أفريقيا.
 

كيف يتحقق التكامل بين مصر وليبريا؟

- حتى نصل إلى مرحلة التكامل بين بلدينا، علينا بذل مزيد من الجهد لخلق مساحة مشتركة وواسعة للتواصل البنّاء، وتعميق حالة التعارف بين شعبى البلدين، من خلال تبادل الزيارات، وتسهيل حركة التنقل وحرية الحركة والنقل، من خلال خطوط بحرية وجوية مباشرة، وتشجيع رجال الأعمال فى البلدين على التعاون والدخول فى شراكات واسعة، والأهم تبادل الخبرات الفنية، فنحن نحتاج خبرات مصر فى مجال التشييد والبناء، خاصة إنشاء المستشفيات والمدارس والجامعات والطرق. ويحضرنى فى هذا الإطار موقف تعرضت له بشكل شخصى، وأثبت لى حجم ما تملكه مصر من خبرات وطاقات، فقد مرضت بشكل مفاجئ، فزرت فرعًا يتبع أحد المستشفيات الدولية المنتشرة حول العالم، وتوقعت أن يكون أطباؤه من الأجانب، لكننى فوجئت بأن أغلبهم من المصريين، الطبيب والتمريض والخدمة المعاونة، وهذا عكس ما يحدث فى ليبريا للأسف، إذ نستعين بالأمريكيين والصينيين فى معظم المجالات، ورغم معدلات الزيادة السكانية الكثيفة فى مصر، ومحدودية الموارد وامتلاك حصة فى نهر واحد، إلا أنكم تحققون إنجازات كبيرة، وتصلون إلى الاكتفاء الذاتى فى كل المجالات الفنية والعملية، بينما ما زلنا نعانى رغم امتلاكنا 7 أنهار، ورغم كل التحديات التى واجهتموها بعد ثورة 25 يناير العظيمة، إلا أنكم عبرتم هذه العقبات وحققتم إنجازات ملموسة.
 

ما أهم فرص الأعمال المتاحة فى ليبريا؟ وكيف يتحقق التكامل بين البلدين؟

- ليبريا بلد بكر، يملك كثيرًا من الموارد والفرص، وأهم عناصر الجذب أننا لا نضع أية قيود على تحويل الأموال، ونقدم تسهيلات عديدة للمستثمرين الذين تتوفر لهم مظلة حماية قانونية واسعة، كما نفتح كل مجالات العمل والاستثمار للجميع، سواء فى الاستثمار السياحى على شواطئ ليبريا الممتدة، أو فى الموارد الطبيعية مثل الألماس والذهب والمطاط والحديد، أو فى النشاط الصناعى، ومن يعمل فى ليبريا سيحصل على كثير من المزايا والمكاسب والتخفيضات والإعفاءات الضريبية بحسب قيمة المشروع ونشاطه، فلدينا قدر كبير من المرونة بغرض جذب الاستثمار، ونعمل تحت شعار «ليبريا جنة المستثمرين».
 

ما هى أهم المناصب التى عملتم بها قبل مجيئكم لمصر؟

- عملت فى منظمة الأمم المتحدة لمدة 20 عامًا، ثم توليت منصب سفير ليبريا فى العاصمة الأمريكية واشنطن بين 2008 و2013، وبعدها عملت سفيرًا فى المملكة المغربية لمدة 4 سنوات، وفى مطلع العام 2018 كُلفت بالعمل سفيرًا لليبريا فى القاهرة.
 

فى الختام.. ما الرسالة التى توجهها للرئيس السيسى والمصريين ونحن نبدأ عامًا جديدًا؟

- أحب أن أقول للرئيس عبدالفتاح السيسى إننا نشعر بأن مصر فى عهده تقترب من أفريقيا بشكل أكبر وأعمق، وأنه يمتلك رؤية عظيمة قادت بلاده إلى حالة واضحة من الأمن والاستقرار، إلى جانب الجهود المتواصلة على محاور البناء والتنمية والمشروعات القومية العملاقة، وأيضًا المؤتمرات والمنتديات الإقليمية والعالمية الناجحة، وأقول له إننا ننتظر بفارغ الصبر رئاسته للاتحاد الأفريقى، حتى نحقق مزيدًا من الإنجازات على مستوى القارة. أما بالنسبة للمصريين فأقول لهم، عليكم أن تفخروا بتاريخكم، أنتم فى وضع تُحسدون عليه، وعليكم العمل مع رئيسكم لتحقيق مزيد من التنمية والاستقرار والقضاء على التطرف والإرهاب. وعليهم الوعى بقيمة مصر وتاريخها وأهميتها، فشخصيًا تمنيت أن أكون مصريًا.