اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-05-07

القاهره 03:24 ص

وائل السمرى

ليس بعد الحضن ذنب

وائل السمرى الثلاثاء، 15 يناير 2019 03:00 م

كل القبائل تعوى الآن، اقتلوا المجرمين، كل ما بنا من نزعات مفترسة تتجه الآن نحو هذين الشابين، أنهما ارتكبا واقعة تندى لها كل الجباه، وإن لم يكن لدينا ما يكفى من الجباة لجلبنا جباها من الخارج لتندى معنا، لقد «حضنوا بعض» وليس بعد الحضن ذنب.
 
الواقعة باختصار أن شابين حضنا بعضهما البعض فى جامعة المنصورة، الكل صاح، أنه حرم جامعى، ونحن نعترف ونقر بأنه حرم جامعى، لكنى لا أعرف على وجه الدقة ما الذى نال من هيبة هذا الحرم سوى تصويرنا نحن الكبار بأننا مجرد قطيع يحب الافتراس، بأننا التجسيد الحرفى لمعنى الوصاية، بأننا لا نتمتع بأى قدر من قيم المسؤولية والسماحة وحسن التقدير لنتمكن من وضع المشكلة فى وضعها الصحيح باعتبارها «طيش شباب» لم يقصد إهانة أحد، ولم يقصد النيل من هيبة مؤسسة أو مكان، وإنما قصد أن يعبر عن حبه بالطريقة التى رآها صحيحة أو مؤثرة، فلماذا نسن أسناننا عليهما ولماذا نأتى بكل أسلحتنا لندمر هذين الشابين وهما فى السنة الأولى من دراستهما الجامعية.
 
فى الفقه الإسلامى يوجد ما يسمى «العذر بالجهل»، وقد أقر الطالب بأنه لم يكن يدرك أنه مثل هذه الأفعال تستحق كل هذه العقوبات، وفى الحقيقة أنا لا أعرف لماذا قامت كل هذه الضجة المفتعلة التى لا نريد منها الثأر للأخلاق الحميدة ولا النيل ممن يعتدون على «الحرم الجامعى» وإنما نريد أن نتطهر من كل موبقاتنا عبر التنكيل بهذين الشابين المتحابين، فلو كانا قد ضبطا فى أثناء ارتكاب فعل جنسى فاضح لكانت ردة الفعل مقنعة، أما تصوير مشهد إهداء ورد لحبيبة ثم احتضانها فهو أمر لا يستحق كل هذه الضجة وكل هذه الأزمات التى قد تقضى على مستقبل هذين الشابين وتشوه سمعتهما إلى الأبد.
 
جامعة الأزهر قررت فصل الطالبة برغم أن الواقعة حدثت، بحسب التقارير الصحفية، فى جامعة أخرى! أى أن الأمر لا يتعلق بحرمة الحرم الجامعى، وإنما يتعلق بتفشى مرض الوصاية على الناس، وقال المتحدث باسم رئيس جامعة الأزهر، إن ما فعلته الطالبة يعد «خروجا كاملا عن كافة القيم الأزهرية والمجتمعية والجامعية» برغم أن البنت لم تنضم إلى جماعة إرهابية ولم تقترب من حرمه المصون، والأمر ذاته ينتظر الطالب، فلماذا كل هذا الكره، ولماذا كل هذا الاستئساد على شابين لم يسرقا ولم يقتلا ولم يسيئا إلى أحد؟