اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 01:37 م

محمد رضا

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 13 يناير 1964.. اجتماع سرى فى القاهرة بين مسؤولين مصريين وقادة «حركة الحرية» المعارضة لحكم شاه إيران

الأحد، 13 يناير 2019 10:00 ص

اكتمل وصول وفد «حركة الحرية» المعارضة لحكم شاه إيران محمد رضا بهلوى إلى القاهرة يوم 7 يناير 1964.. كان كل شىء يدور فى سرية مطلقة، ومعلوماته متداولة بين عدد محدود من المسؤولين فى مصر وهم، الرئيس جمال عبدالناصر، ومساعداه، فتحى الديب وكمال الدين رفعت، وضابط المخابرات محمد نسيم، حسبما يذكر فتحى الديب فى كتابه «عبدالناصر وثورة إيران».
 
يؤكد «الديب» أن «حركة الحرية» كانت: «تقدمية تسعى إلى تطبيق نظام اشتراكى يتماشى والإسلام المستنير»، ويقودها ثائرون على حكم الشاه أبرزهم، رئيسها محمود طلقانى المعتقل فى سجون الشاه لنحو 15 عاما، وأصبح عضو مجلس خبراء الدستور بعد نجاح الثورة التى قادها آية الله «الخومينى» عام 1979، واختاره الخومينى إماما لصلاة الجمعة فى طهران.. وكان رئيس الحركة العلنى، مهدى بازرجان» أول رئيس وزراء بعد نجاح الثورة.
 
يكشف «الديب» قصة اتصال «حركة الحرية» بمصر، مشيرا إلى أنها بدأت وقت أن كان هو سفيرا لمصر فى سويسرا، مؤكدا «فى صباح 12 إبريل عام 1963 حضر للقائى بالسفارة فى «برن» على شريفيان رضوى، مقدما نفسه باعتباره المندوب الذى كلفه محمود طلقانى رئيس حركة الحرية الإيرانية- المسجون فى ذلك الوقت بإيران- وفوضه بالاتصال بالمسؤولين فى مصر التى تنال قيادتها كل ثقة الأحرار الإيرانيين، للوقوف على مدى المساعدات التى يمكن أن تقدمها للحركة ضد حكم الشاه».
 
جاء وفد «حركة الحرية» فى أجواء سياسية كانت العلاقات مقطوعة بين القاهرة وطهران، وكان الموقف من إسرائيل والقضية الفلسطينية هو كلمة السر، ففى 22 يوليو 1960 أعلن الشاه عن إقامة تمثيل دبلوماسى كامل بين طهران وتل أبيب، ورأى عبدالناصر فى ذلك سابقة خطيرة لأنها ستكون أول مرة تعترف دولة إسلامية بإسرائيل اعترافا كاملا، ووجه انتقادا عنيفا للشاه فى خطاب علنى، قال فيه إن الشاه بهذا الاعتراف يؤكد للعالم كله أنه ألعوبة فى يد المخابرات الأمريكية بعد أن أعادته إلى العرش بالانقلاب على ثورة مصدق».. كان محمد مصدق رئيسا للحكومة الإيرانية وصاحب قرار تأميم البترول الإيرانى، وقال عبدالناصر: «نهاية الشاه ستكون مثل نهاية غيره من العملاء».
 
يرصد فتحى الديب أنواع العلاقات التى تواصلت بين إيران وإسرائيل فى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وقتئذ، ووصلت ذروتها بالاستقبال الرسمى لبن زيفى رئيس إسرائيل فى طهران، وزيارة بن جوريون رئيس الحكومة فى يونية 1962 وهو فى طريقه إلى بورما، وزيارة موشى ديان وزير الزراعة فى مايو 1963 لدراسة استغلال المياه الجوفية فى منطقة قزوين، وإمداد إيران لإسرائيل باحتياجاتها من البترول، وفيما كان هذا الاندفاع المتبادل بين الشاه وإسرائيل، جاء اندفاع «حركة الحرية» نحو القاهرة، ويؤكد «الديب» أن خمسة من قياداتها زاروا القاهرة يوم 7 يناير 1964، وعقدوا لقاءات سرية مع مسؤولين مصريين من 9 إلى 15 يناير.
 
تكون الوفد الإيرانى من، إبراهيم يازدى «أول وزير خارجية لإيران بعد ثورة الإمام الخومينى عام 1979» و«مصطفى تشمران» أول وزير دفاع بعد الثورة»، وعلى شريفيان رضوى، وبهرام راستين، وبارفيز أمين، وطبقًا للديب فإنه تم تزويدهم بجوازات سفر مصرية، وتذاكر سفر من فرانكفورت إلى القاهرة لبهرام راستين، ومن زيورخ لإبراهيم يازدى وعلى شريفيان، ومن جنيف لبارفيز أمين، ومن نيويورك لمصطفى تشمران، ويذكر الديب أنه فى 9 يناير 1964 بدأت الاجتماعات فى مكتب كمال الدين رفعت المسؤول عن متابعة قضية الشعب الإيرانى ممثلا للرئاسة.
 
وشهد يوم 13 يناير- مثل هذا اليوم- 1964 أخطر جلستين، الأولى بدأت من الساعة العاشرة إلى الواحدة بعد الظهر، والثانية من السادسة مساء حتى التاسعة، ويكشف «الديب»، أنه تمت مناقشة احتياجات خطة الإعداد الشاملة لكل نواحى مستلزمات تفجير الثورة فى إيران بمعرفة قيادة حركة الحرية، والاستفادة برجال الدين المنضوين تحت لواء الحركة فى جمع التبرعات بصورة منتظمة ومستمرة، واستعداد مصر لتدريب أى أعداد من المناضلين الإيرانيين على كل الأنشطة الثورية المطلوبة، وفى جميع مجالات التدريب والسلاح، وإمداد القاهرة للحركة بالأسلحة ومستلزمات العمل الفدائى، على أن تتولى حركة الحرية مسؤولية نقلها إلى داخل إيران بوسائلها المؤمنة الخاصة، وتم الاتفاق على زيادة فترة إرسال الإذاعة الموجهة من القاهرة إلى الشعب الإيرانى وبلغته الفارسية، والاستفادة بإمكانات أجهزة الإعلام المصرية فى معاونة مسؤولى الدعاية فى الحركة لمخاطبة الرأى العام العربى والدولى.
 
يؤكد الديب أنه فى نهاية الجلسة المسائية يوم 13 يناير أبدى الإيرانيون استعدادهم لتوقيع ميثاق مكتوب يتضمن الأسس والمبادئ الفكرية والعقائدية لمخططهم، وتم الاتفاق على كتابته والتوقيع عليه فى الجلسة الختامية صباح 15 يناير 1964.. يكشف «الديب» أنه فى يونية 1964 تم استقبال أول دفعة من المناضلين الإيرانيين لتدريبهم فى معسكر سرى بقيادة محمد نسيم.