اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 10:52 م

قاسم أمين

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 15 إبريل 1908..قاسم أمين يخطب فى منزل حسن زايد فى المنوفية تقديرا لوقفه خمسين فدانا للجامعة المصرية

الأحد، 15 أبريل 2018 10:00 ص

كانت الخطى تتسارع استعدادا لافتتاح الجامعة المصرية رسميا يوم 21 ديسمبر عام 1908، وكان القائمون على إنشاء الجامعة منذ الدعوة إليها يواصلون نشر الفكرة فى كل مكان بمصر، وتشجيع الأعيان وكل من لديه قدرة مالية على التبرع لإنشاء هذا المشروع الحلم، وكان يوم 15 إبريل «مثل هذا اليوم عام 1908» نموذجا فى هذا، حيث شهد منزل حسن زايد بالمنوفية احتفالا ألقيت فيه الخطب والكلمات تشجيعا للمشروع، وفقا لكتاب «قاسم أمين» للدكتور ماهر حسن فهمى «سلسلة أعلام العرب-وزارة الثقافة والإرشاد القومى- القاهرة»
 
كان «بيت سعد زغلول» هو المكان الذى اجتمع فيه 27 شخصا يوم 12 أكتوبر 1906 لمناقشة إنشاء جامعة فى مصر بعد دعوات ومحاولات سابقة، وحسب الدكتور رؤوف عباس فى كتابه «تاريخ جامعة القاهرة» الصادر عن «جامعة القاهرة»، كان المجتمعون فى بيت سعد من الذين لبوا نداء مصطفى كامل على صفحات جريدة «المؤيد» بالاكتتاب لصالح إنشاء الجامعة، واستجاب «كامل» لاقتراح «المؤيد» لعقد اجتماع فى دارها لانتخاب لجنة تتولى قيادة المشروع، غير أن مكان الاجتماع تغير فجأة بحجة تجنب المهاترات الصحفية، ويشير «عباس» إلى أن السبب كان «إزاحة رجال الحزب الوطنى ومصطفى كامل جانبا إيثارا للسلامة»، ويدلل على ذلك بالبيان الذى صدر عن هذا الاجتماع وجاء فيه: «الجامعة ليس لها صبغة سياسية، ولا علاقة لها برجال السياسة ولا المشتغلين بها، فلا يدخل فى إدارتها، ولا فى دروسها، ما يمس بها على أى وجه كان»، وحسب «عباس»: «كان هذا البيان بمثابة إبراء ذمة من الصلة بمصطفى كامل والحزب الوطنى».
 
يؤكد عباس، أن المجتمعين اتفقوا على عدة قرارات أولها، انتخاب لجنة تحضيرية تتكون من، سعد زغلول وكيلا للرئيس، وقاسم أمين سكرتيرا، وحسن سعيد بك وكيل البنك الألمانى الشرقى «أمينا للصندوق»، أما بقية الحاضرين أصبحوا أعضاءً فى اللجنة، وكان معظمهم من كبار الموظفين والأعيان الذين لا يثيرون شبهات الخديو أو الإنجليز، وكان من بين الأعضاء عدد ممن يعدون تلاميذ الشيخ محمد عبده، وكان من بينهم محمد فريد، ثم استبعد بعد ذلك مما أدى إلى استياء مصطفى كامل لهذا الإبعاد عن عمل كان صاحب المبادرة فيه.
 
ظل قاسم أمين سكرتيرا للجنة ثم أصبح وكيلا لها، بدلا من سعد زغلول الذى ترك موقعه بعد أن شغل منصب وزير المعارف «فبراير 1906»، وعمل قاسم على جمع الأموال وتهيئة كل أسباب نجاح الجامعة وفقا لماهر حسن فهمى، مضيفا، أنه فى يوم 15 إبريل 1908 ألقى خطابا فى منزل حسن زايد بالمنوفية لمناسبة وقفه خمسين فدانا للجامعة، وتناول فيه فكرة الجامعة.
قال «قاسم»: «إن الوطنية الصحيحة لا تتكلم كثيرا ولا تعلن عن نفسها، عاش آباؤنا وعملوا على قدر طاقتهم وخدموا بلادهم وحاربوا وفتحوا البلاد، ولم نسمع أنهم كانوا يفتخرون بحب وطنهم، فيحسن بنا أن نقتدى بهم فنهجر القول ونعتمد على العمل.. نحن لا يمكننا أن نكتفى الآن بأن يكون طلب العلم فى مصر وسيلة لمزاولة صناعة أو الالتحاق بوظيفة، بل نطمع فى أن نرى بين أبناء وطننا طائفة تطلب العلم حبا للحقيقة وشوقا إلى اكتشاف المجهول، فئة يكون مبدؤها التعلم للتعلم.. نود أن نرى من أبناء مصر كما نرى فى البلاد الأخرى، عالما يحيط بكل العلم الإنسانى، واختصاصا أتقن فرعا مخصوصا من العلم، ووقف نفسه على الإلمام بجميع ما يتعلق به، وفيلسوفا اكتسب شهرة عامة، وكاتبا ذاع صيته فى العالم، وعالما يرجع إليه فى حل المشكلات ويحتج برأيه..أمثال هؤلاء هم قادة الرأى العام عند الأمم الأخرى والمرشدون إلى طريق نجاحها، والمدبرون لحركة تقدمها. فإذا عدمتهم أمة حل محلهم الناصحون الجاهلون والمرشدون الدجالون».
 
يضيف «أمين»: «أن عدم استعداد طلبة العلم ذاته هو عيب عظيم فينا يجب أن نفكر فى إزالته، وهو نتيجة من نتائج التربية المنزلية التى غفلت عن تربية إحساسنا، وأهملت تربية قلوبنا فأصبحنا ماديين لا نهتم إلا بالنتائج فى جميع أمورنا، حتى فى الأشياء التى بطبيعتها يجب أن تكون بعيدة عن الفوائد كعلاقات الأقارب والأصحاب، ولى أمل عظيم أن إنشاء الجامعة المصرية يكون سببا فى ظهور شبيبة هذا الجيل وما يليه على أحسن مثال».
 
يعلق «فهمى» على هذه الخطبة: «كان أمل قاسم وجود بيئة علمية، يتصل الطالب فيها بالأستاذ اتصال دراسة وبحث، ليكون لدينا متخصصون فى شتى فروع المعرفة، لأن التخصص أول خطوات التقدم، وليكون لنا علماء ينهضون بمصر اقتصاديا وفنيا، ومفكرون يوجهون وطننا نحو إصلاح اجتماعى شامل».