اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 04:23 ص

الكونجرس

بعد تلويحه بـ"الانتفاضة".. "الأهل والعشيرة" ورقة ترامب لمجابهة محاولات عزله.. حملة "القساوسة" للدفاع عنه بأزمة التشكيك فى معتقده يمنحه الثقة.. والرئيس الأمريكى استلهم الحراك الأوروبى فى فرض رؤيته عبر الشارع

كتب - بيشوى رمزى الأربعاء، 12 ديسمبر 2018 11:03 م

"لو حدث هذا سينتفض الناس احتجاجا".. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى حواره مع وكالة "رويترز"، ردا على سؤال حول مدى تخوفه من جراء احتمالات توجيه اتهامات له تؤدى إلى سحب الثقة منه، على خلفية ما يثار حول التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، والتى تمكن فيها من الانتصار على غريمته الديمقراطية هيلارى كلينتون، خاصة بعد نجاح الحزب الديمقراطى فى الاستحواذ على أغلبية المقاعد فى مجلس النواب الأمريكى، على حساب الجمهوريين فى انتخابات التجديد النصفى الأخيرة.

تصريح الرئيس الأمريكى يبدو واثقا إلى حد كبير من عدم قدرة خصومه فى تحقيق مآربهم فى الإطاحة به من منصبه، إلا أن تلويحه بـ"انتفاضة" محتملة من قبل أنصاره، تطرح العديد من التساؤلات حول الأسباب التى ربما تدفع إلى مثل هذا الحراك من وجهة نظره، خاصة وأن استخدام مثل هذه المصطلحات يبدو مستغربا إلى حد كبير على الساحة السياسية الأمريكية، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن ترامب، فى حالة عزلة، لن يكون سابقة فى التاريخ الأمريكى، فقد سبقه فى ذلك رئيس جمهورى أخر، وهو ريتشارد نيكسون، والذى أقيل من منصبه على خلفية ما يسمى بفضيحة "ووترجيت"، على إثر قيامه بالتجسس على مكاتب الحزب الديمقراطى، إبان انتخابات الرئاسة الأمريكية فى عام 1968، بينما لم ينتفض أنصاره آنذاك.

ثقة ترامب.. مجلس الشيوخ يحول دون تمرير عزل الرئيس

الرئيس الأمريكى برر ثقته الكبيرة بالنجاح الاقتصادى الكبير الذى تمكن من تحقيقه منذ وصوله إلى البيت الأبيض، على عكس سلفه الديمقراطى باراك أوباما، إلا أن الأمر ربما لا يبدو كذلك تماما، خاصة وأن نجاحه على الصعيد الاقتصادى ربما لم يمكن الجمهوريين من الاحتفاظ بأغلبيتهم فى الكونجرس فى انتخابات التجديد النصفى، والتى شهدتها الولايات المتحدة الشهر الماضى، على الرغم من احتفاظه بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ الأمريكى.

 


الكونجرس

 

ويمثل نجاح الجمهوريين فى الاحتفاظ بأغلبية مجلس الشيوخ فى الانتخابات الأخيرة فى ذاته أحد أهم أسباب الثقة الكبيرة فى اللهجة التى يتبناها ترامب، ليس فقط لأنه الرئيس الأول الذى نجح فى الاحتفاظ بأغلبية أحد شعبتى الكونجرس منذ عقود فى أول انتخابات للتجديد النصفى فى ولايته، ولكن أيضا لأن مجلس الشيوخ يبقى صاحب القرار النهائى فى اتخاذ القرار بعزل الرئيس، حيث أن القرارات التى يتم تمريرها من قبل مجلس النواب، لا يمكنها أن تدخل حيز النفاذ دون موافقة مجلس الشيوخ، وبالتالى فتبقى مسألة عزل الرئيس مستبعدة تماما فى ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ.

 

حراك محتمل.. هل يراهن ترامب على "الأهل والعشيرة"؟

 

إلا أن إجابة الرئيس الأمريكى ربما لا تستند بأى حال من الأحوال على أسباب متعلقة بالجانب التشريعى أو الإجرائى، وإنما قامت على ثقة كبير فى حراك محتمل من قبل الأنصار، والذين يمثلون التيارات اليمينية المحافظة، والمعروفة بميولها القومية، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان ترامب يراهن على من يمكننا تسميتهم بـ"الأهل والعشيرة" للحفاظ على بقائه فى البيت الأبيض خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن جزءا كبيرا من أنصاره هم من المنتمون للكنيسة الإنجيلية الأمريكية، والتى تعد بمثابة الكتلة الصلبة الداعمة له، بل وكانت السبب الرئيسى فى فوزه بالانتخابات الأخيرة على حساب كلينتون.

يبدو أن رهان الرئيس الأمريكى على أنصاره يحمل سوابق دفعته لتقديم مثل هذا الطرح الواثق، خاصة بعد محاولات التشكيك من قبل خصومه الديمقراطيين فى معتقده الدينى، على خلفية عدم ترديده للصلوات الدينية خلال جنازة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الأب، حيث هب قطاع كبير من قساوسة الكنيسة الإنجيلية فى الولايات المتحدة وأنصارها لنجدته، معتبرين أن مثل هذه المحاولات لا أساس لها، وأن ترديد الصلوات من عدمه لا يمثل دليلا للتشكيك فى إيمانه.

 


كرستيان بوست تنشر رسالة من قس أمريكى دفاعا عن ترامب

 

وفى رسالة نشرتها صحيفة "كريستيان توداى" الجمعة الماضى، أعرب القس الأمريكى روبرت جيفريس عن امتعاضه جراء حملة التشكيك التى طالت المعتقد الدينى للرئيس الأمريكى، مؤكدا أنه سبق له وأن جلس بجواره فى مناسبات دينية سابقة، وكان يسمعه يردد الصلوات، واصفا فى الوقت نفسه الجدل الذى أثاره الديمقراطيون بـ"المصنع". وأضاف أنه فى بعض الأحيان لا يردد الصلوات بلسانه أثناء الصلاة فى كنيسته، بينما يتأملها بأفكاره.

 

احتجاجات باريس.. حراك باريس يمكن تكراره بواشنطن

 

ولعل استخدام مصطلح "الانتفاضة" فى المجتمعات الغربية فى المرحلة الراهنة لم يعد بالأمر الغريب تماما، فى ظل ما تشهده دولا عدة فى أوروبا الغربية، وعلى رأسها فرنسا، والتى تقود فيها التيارات اليمينية حراكا يبدو جديدا إلى حد كبير على الثقافة الغربية، فى ضوء المشهد العنيف الذى تشهده باريس خلال المظاهرات الحالية، والتى وصلت إلى حد المطالبة باستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون، والدعوة إلى الخروج من الاتحاد الأوروبى، وهو الأمر الذى يتطابق مع الرؤية التى تتبناها الإدارة الحالية فى واشنطن.

 


احتجاجات باريس ألهمت ترامب

 

يبدو أن احتجاجات باريس أصبحت ملهما للرئيس الأمريكى، حيث أصبح يراها معيارا مهما لمدى قوة التيارات اليمينية التى يمكنها فرض كلمتها عبر الشارع بعيدا عن الآلية الديمقراطية التى طالما ما تبناها الغرب لعقود طويلة من الزمن لتحقيق التغيير عن طريق الصناديق الانتخابية، وبالتالى فيرى أنه من الممكن تكرار النموذج الفرنسى فى الولايات المتحدة إذا ما حاول خصومه الإقدام على أى خطوة من شأنها عزله أو المساس بصلاحياته خلال المرحلة المقبلة.