اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 09:43 ص

ريا وسكينة

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 نوفمبر 1920.. الكشف عن عصابة ريا وسكينة فى الإسكندرية بعد العثور على جمجمة وذراع فى مجرى مرحاض

الجمعة، 16 نوفمبر 2018 10:00 ص

تعددت البلاغات إلى أقسام البوليس فى الإسكندرية منذ منتصف شهر يناير عام 1920 عن اختفاء نساء فى ظروف غامضة، ورغم التحقيقات فإنه لم يتم التوصل إلى شىء حتى وقعت الواقعة، التى كشفت عصابة «ريا وسكنية» أشهر سفاحتين فى تاريخ مصر، و«هزت الجرائم التى ارتكبتها هذه العصابة الرأى العام لسنوات طويلة»، بحسب تأكيد الدكتور لويس عوض فى مذكراته «أوراق العمر».
 
يتذكر «عوض» ما نشرته مجلة «اللطائف المصورة» يوم 29 نوفمبر 1920 وجريدة «وادى النيل» يومى 16 و19 نوفمبر 1920، وفيهما: «عثر بوليس الإسكندرية مصادفة فى أواسط نوفمبر 1920 على 19 جثة، بعضها هياكل عظمية مدفونة تحت الأرضية فى منازل بحى اللبان خلف قسم اللبان بالإسكندرية وبالقرب منه، وكانت كل هذه الجثث والهياكل نساء، وأحد هذه المنازل فى 38 شارع على بك الكبير «13 جثة»، والثانى فى 9 شارع النجاة «4 جثث»، والثالث فى 5 شارع النجاة «جثة»، والرابع فى شارع ماكونيس «جثة»، وعرف البوليس أن القتلة هم، امرأة اسمها «ريا» بنت على همام «38 سنة» بالاشتراك مع زوجها محمد عبدالعال مرزوق». يضيف «عوض» نقلا عن «اللطائف» و«وادى النيل»: «تبين أن الدفع للقتل كان السرقة، فقد كانت ريا وسكينة تستدرجان النساء إلى حيث تقيمان، وبعد تخديرهن تجردانهن من الحلى كالكارادين والأساور والنقود والخلاخيل والخواتم والحلقان والدبل ثم تقتلانهن بمساعدة الزوجين، وبعد دفن الجثث يقتسم الأربعة الغنائم، كذلك تبين أن لهؤلاء السفاحين بعض الأعوان والسماسرة الذين يساعدونهم فى استدراج النساء».
 
يتتبع صلاح عيسى فى كتابه البديع «رجال ريا وسكينة» سيرة هذه العصابة، مشيرا إلى أن «ريا وسكينة» من قرية «الكلح» بأقصى الصعيد، حيث ولد شقيقهما الأكبر «أبوالعلا» عام 1873 على وجه التقريب، وتلته بعد عامين الأخت الكبرى ريا، التى ولدت على الأرجح فى 1875، وقذفت بهم الظروف من الكلح «أسوان» إلى سوهاج، حيث أمضيا جانبا من طفولتهما، انتقلا بعده، فى تاريخ غير معروف، إلى مسقط رأس أمهما فى بنى سويف، وهناك ولدت الشقيقة الصغرى «سكينة» فى سنة قد تكون فى الغالب 1885، وفى تاريخ غير معروف انتقلت الأسرة من شمال الصعيد إلى كفر الزيات «وسط الدلتا» ليقيموا بها سنوات طويلة، تزوجت خلالها «ريا» ثم ترملت، وتزوجت «سكينة» ثم طلقت، ثم أحبت وهربت مع الرجل الذى أحبته، فكانت أول أبناء «همام» الذين زحفوا إلى الإسكندرية فى عام 1913، ثم تبعتها «ريا» بعد ذلك بثلاث سنوات، بينما ظلت الأم زينب بنت مصطفى تقيم مع ابنها الأكبر فى كفر الزيات.
 
فى الإسكندرية ارتكبت العصابة جرائمها وتحولت إلى لغز محير لعدم كشف أسرارها، حتى يوم 16 نوفمبر، مثل هذا اليوم عام 1920، وهو اليوم الذى تم فيه الكشف كاملا عن العصابة، حسبما يؤكد لويس عوض، موضحا نقلا عن «اللطائف» و«وادى النيل»، أن البداية كانت بتقديم سكان المنازل المجاورة للمنزل رقم 38 شارع على بك الكبير التى تقيم فيه ريا، شكوى بانبعاث رائحة كريهة بالغة العفن من ذلك المنزل، فكثرت شكواهم وأغلقوا نوافذهم، وكانوا يحسبون أن مصدرها طفح مرحاض المنزل، فطلبوا صاحبه وهو «جاويش» أن ينزح المرحاض فأجابهم، وكانت المفاجأة فى عثور عمال النزح فى المجرور على جمجمة وذراع، فبادر صاحب المنزل بإبلاغ البوليس.
 
فى أثناء ذلك كان مأمور قسم اللبان يحقق فى اختفاء «فردوس بنت فضل الله» التى تسكن فى المنزل المواجه لمنزل الجاويش الذى كانت تسكنه ريا، وكانت «فردوس» فى نفس الوقت خليلة الجاويش، واشتبه المأمور فى وجود علاقة بين العظام البشرية المكتشفة واختفاء فردوس، ولكنه تظاهر بعدم الاكتراث، وأخذ يستدرج ريا فى الكلام حتى اعترفت بأنها قتلت فردوس، وعرف المأمور من ريا أن عملية القتل تمت فى منزل أختها سكينة.
 
كان المنزل رقم 38 شارع على بك الكبير مكونا من ثلاث غرف صغيرة، ووسطه حوش صغير، وكانت أرضية المنزل من تراب، ووجدوا تحت الأرضية 11 جثة منها جثة حول عنقها حبل، وكانت ريا تطلق البخور فى بيتها لتغالب بها الروائح الكريهة، ووجدت الجثث مرصوصة «خلف خلاف»، وانتهى التحقيق إلى أن ريا كانت تسكن غرفة أخرى فى 9 شارع النجاة التابع لقسم اللبان، ووجدوا تحت أرضيتها عظاما قديمة وملابس حديثة وجثة امرأة اسمها «أنيسة»، وعلى بعد 50 مترا من هذه الغرفة فى المنزل رقم 5 بشارع النجاة عثروا على جثة.
 
وتبين أن لريا وسكنية أعوانا فى استدراج النساء، فورد ذكر الشركاء محمود إبراهيم خليل وعبدالله الكويجى ومحمود على القادوسى وأمينة بنت منصور الهجان، ولكن النيابة لم توجه إليهم تهمة القتل العمد، ووجهتها إلى ريا وسكينة، وحسب الله سعيد، ومحمد عبدالعال مرزوق، وعرابى حسان، وعبد الرازق يوسف، وسلامة محمد الكتب، واتهمت على محمد الصائغ بأنه فى المدة ما بين نوفمبر سنة 1919 و14 نوفمبر 1920 أخفى مصوغات القتيلات.