اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 02:02 م

محمد حبوشة

حزب الوفد وقانون إيجارات المساكن

بقلم: محمد حبوشة الجمعة، 16 نوفمبر 2018 03:00 م

لاشك أن "حزب الوفد" هو ضمير الأمة فى وقتنا الراهن، خاصة أنه نفض الغبار عن ماضيه من أصحاب الياقات الزرقاء، وأصبح فى سنواته الأخيرة ينحاز دائما وأبدا للدولة المصرية والمواطن المصرى، على عكس تاريخه العريق فى انحيازه للرأسمالية الوطنية، وظنى أنه من خلال أبنائه الجدد سيكون الحزب بمبادئه وثوابته التى تمتد إلى مائة عام دوما حزبا قويا يحقق ما يصبو إليه المصريون جميعا، ومن هذا المنطلق أتوجه بتلك الرسالة إلى صاحب القامة والقيمة القانونية رئيس الحزب الدكتور "بهاء الدين أبوشقة"، وبصفته أيضا رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب لتبنى قضية الدفاع عن حقوق المصريين من المستأجرين، خاصة نحن نعيش ظرفا اقتصايا ضاغطا يستلزم حشد الشرفاء قبل وقوع الكارثة، وأظن أن الزميل الكاتب الصحفى "طارق تهامى" سكرتير عام الحزب يعلم علم اليقين تفاصيل تلك الأزمة جيدا.
 
القضية ياسادة تتلخص فى مشروع القانون الجديد المطروح على طاولة النقاش هذه الأيام، والذى يضم 6 مواد يدعى مقدموها أنه يضبط العلاقة بين المالك والمستأجر، وهى فى واقع الأمر كلها تخالف قرار المحكمة الدستورية العليا رقم 70 لسنة 18 قضائية، والصادر بتاريخ 13 نوفمبر 2002 حيث جاءت المواد الستة على هذا النحو:
 
1 - يقضى بأن يسرى عقد إيجار العين المؤجرة بعد وفاة المستأجر الأصلى الوارد اسمه بالعقد، ويبقى فيها زوجه أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه، وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ الوفاة.
 
2- يقضى بأن يسرى العقد على العين المؤجرة عند وفاة مستأجرها الوارد اسمه بالعقد قبل العمل بأحكام هذا القانون، ويبقى فى العين من لهم الحق فى البقاء فيها لمدة خمسة سنوات من تاريخ العمل بأحكامه.
 
3- إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى يسرى العقد بعد موت المستأجر، ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته أو شركائهم، أو أى من ورد أسمائهم بالفقرتين السابقتين فى ذات النشاط الذى كان يمارسه المستأجر الأصلى طبقا للعقد، وفى كل الأحوال تسرى عليهم المدد المبينة بالفقرتين السابقتين.
 
4- فى جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد الإيجار خلال هذه المدة لمن لهم الحق فى الاستمرار فى شغل العين، ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكل أحكام العقد، بشرط ألا يكون لكل منهم وحدة سكنية بالملك أو الميراث أو الإيجار أو بأى وسيلة آخر ى داخل الوحدة المحلية الكائن فى دائرتها العين المؤجرة.
 
5- تطبق أحكام القانون المدنى على العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر على الأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.
 
6- تلتزم الحكومة بتوفير وحدة سكنية لكل مستأجر أو لشاغل العين المؤجرة، وانتهت عقد إيجارها وفقا لأحكام هذا القانون، دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها إذا كان صافى الدخل لكل واحد منهم أقل من 1200 جنيه شهريا، قيمة الحد الأدنى للأجور.
 
الحقيقة أن الجدل الدائر منذ ما يربو على 3 سنوات حول تمرير هذا القانون الذى يهدد 35 مليون مصرى بالطرد من منازلهم، الأمر الذى يجافى العقل والمنطق، إذا ما احتكمنا إلى القوانين التى نظمت تلك العلاقة من قديم الأزل، ولا أجد فيها جورا على حقوق المالك لحساب المستأجر الذى أثقلته هموم العيش الكريم، خاصة فى تلك الأيام العصيبة، فلا يمر يوم واحد دون أن يكون هناك حديث على كل المستويات حول العلاقة بين المالك والمستأجر فى قانون الإيجارات القديم، وقد انقسم الجميع بين فريقين أحدهما يقف فى صف المالك الذى يدعون بأنه لا يحصل سوى على "ملاليم" من المستأجر - على حد زعمهم - والآخر يرى أن المستأجر دفع ما يزيد على ثمن السكن أو المكان الذى يستأجره على مدى سنوات طويلة، ومن ثم لا يحق لأحد طرده، أو إلزامه بما لا يقدر عليه!
 
الأمر جد خطير وينذر بكارثة محققة – لا قدر الله ولا شاء - حال إقرار قانون يلزم فى مواده بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل يجور على حقوق الـ35 مليون مصرى، ومنهم بالمناسبة 9 ملايين على المعاش يستأجرون نحو سبعة ملايين عين (5.7 مليون شقة و1.2 مليون محل تجارى)، لذا أقترح على رئيس حزب الوفد أن يتبنى تلك القضية القومية بصفته الحزبية والبرلمانية، لأنها تمس الأمن القومى المصرى، وذلك قبل أن تزرع بذور الفتنة وتقسم الوطن إلى شعبين (شعب المستأجرين وشعب الملاك)، وأن يوئد الحزب هذه الفتنة المجتمعية القادمة، وهذا الأمر سيحسب بالقطع لهذا الحزب العريق، لأنه بكل بساطه يتبنى قضية وطنية شديدة التعقيد، ويقدم خدمه عظيمه لملايين البسطاء من المستأجر بنظام الإيجار القديم.
 
كما أنه فى الوقت ذاته يرفع الحرج عن الدوله المصرية، خاصة أنها حتى الآن لم تقدم مشروعا وطنيا يخدم المستأجر والمالك معا، ويكون حكما عادلا بينهما، بل تركت المسألة برمتها لبعض أعضاء مجلس النواب، وجدير بالذكر أن المستأجرين لا يمتلكون الأموال التى يمكنها شراء ساعات هواء فى الفضائيات، وليس لديهم علاقات بالصحف والمواقع ولديهم فقط رابطة تحت التأسيس، فى حين على الجانب الآخر بالنسبة للملاك فوراءهم بعض رجال الأعمال، وعدد لابأس به من أعضاء مجلس النواب، فضلا عن ما لديهم من المال والسطوة والعلاقات وأدوات الضغط، إضافة إلى 33 جمعية أهلية و37 مركزا حقوقيا، وعلى مدار ثلاث سنوات، وحتى اليوم نظموا أكثر من 127 لقاء تليفزيونيا، وأكثر من 270 خبرا ومقالا نشروا عبرالمواقع الإلكترونية والصحف الورقية المتنوعة، ودخل على الخط مع هؤلاء - للأسف الشديد - بعض رجال الأعمال الذين قاموا بشراء معظم عقارات وسط البلد على أمل بعد صدور مشروع القانون أن يتم طرح هذه العقارات فى البورصه تمهيدا أيضا لتحويل القاهرة إلى "منهاتن الشرق"، ذلك المشروع الحلم الذى يروادهم منذ سنوات.
 
ونحن بدورنا نحذر ونحذر - وكثيرا ما كتبت فى هذا الأمر - إن القضية جد خطيرة، ومن أجل ذلك لجئنا إلى حزب الوفد ورئيسه وسكرتيره العام لتولى الأمر، ولن نيأس وسنكرر مطالبنا برفع الظلم على البسطاء من أبناء هذا البلد، خاصة أننى شخصيا اقتربت من بعض هؤلاء المستأجرين، واكتشفت أنهم لايملكون إلا الستر، ولايعرفون الصدام مع الأطراف الأخرى والكبرى، بل كل أمانيهم تحقيق حمايه عقودهم المبرمة، والتى تحميها الأحكام الدستورية الصادرة فى هذا الشأن وهى معروفة لجميع الأطراف ولا تقبل المساومة على أحكام محكمة عريقة تعد واحدة من أهم خمس محاكم دستورية فى العالم.
 
ولهذا فنحن نشير إلى قدوم فتنة كبرى، فكل ما أخشاه أن يصدر هذا القانون فى غفلة من الليل، وبدون أى حوارات سياسيه ومجتمعيه تشترك فيها كل الوزارات المعنية، والذى لن تخرج عن حضور ممثلى وزارات كل من (الدفاع والداخلية والتضامن والتنمية المحلية والمجلس القومى لحقوق الإنسان وبعض المنظمات الحقوقية الشريفة)، لأن هذا الملف يتعلق بالأمن القومى المصرى كما ذكرت سابقا، ومن المستحيل أن يخرج والدولة تقف فى خانة المشاهد على تشريد ملايين المستأجرين، وخصوصا أنها غيرجاهزه الآن لإيجاد ملايين الشقق السكنيه لكل هؤلاء، والتى بحسب الإحصائيات تتطلب توفير مايقترب من 300 مليار جنيه، وأيضا هل وزاره الداخليه جاهزه بدراسات أمنيه للسيطرة على هذه الملايين فى حالة الإخلاء أم نتركهم كلاجئين داخل بلادهم؟ من أجل ذلك الملف يحتاج الهدوء ياسادة فى اتخاذ القارار الصحيح وفى التوقيت المطلوب.
وهنا أتساءل عن تلك الهرولة على الفضائيات وإشاعة الرعب بين المستأجرين وتهديدهم المستمر بالطرد.. ألا تعقلون؟، وهل سألتم أنفسكم: ماذا لو تم طرد كل هؤلاء إلى أين سيذهبون، وماذا هم فاعلون؟ استقيموا يرحمكم الله، لأجل ذلك أصبح منوطا بـ"الوفد" تصديه لهذه الفتنه وخصوصا أن هناك أحكام دستورية للسكنى والتجارى حصنت هؤلاء وحددت لهم الامتداد من خمسه أجيال إلى جيل واحد فقط، ما يعنى أنه فى خلال سنوات قليلة سيتم إنهاء هذه العلاقة، فلماذا كل هذا الإصرار لتمرير قانون ينغص عليهم حياتهم؟
 
ومن ثم أرى أن وجود حزب الوفد وأعضائه داخل البرلمان فى قلب هذه القضية سيجعل هذا الملف فى أعناقهم، وعلى أصحاب المصالح الضيقة والخاصه أن يتنحوا جانبا حتى لاتلاحقهم دعوات المستأجرين، ويجب احترام العقود المبرمة واحترام الأحكام الدستوريه، واحترام بلدهم فهى فوق الجميع أولا وأخيرا، ولقد شجعى على إرسال رسالة إلى الدكتور "أبوشقة" ومعه الزميل المحترم "طارق تهامي" سكرتير عام الوفد، وأيضا الهيئة العليا للحزب، والتى تم انتخابها منذ أيام، ذلك الموقف الذى لا أنساه ولا ينساه المستأجرين أيضا عندما اتخذ الحزب وأعضائه الـ63 داخل البرلمان منذ عام قرارهم بالإجماع بفصل أحد أعضائه داخل البرلمان، عندما تقدم هذا العضو بمشروع الإيجارات القديمه وإصراره على مناقشته، ورغم تنبيه الحزب له انه سيتسبب هذا المقترح بتشريد أكثر من 30 مليون مستأجر إيجار قديم وأكثر من 3 ملايين مستأجر للمحلات التجارية.
 
إذا عندما رفض الحزب أن يشارك فى طرد المسأجرين كان موقفه مشهودا، وهذا الأمر شجعنى أكثر للكتابه لرئيس الحزب وهيئته العليا فى تبنى أمر هؤلاء المستأجرين سكنى وتجاري، خاصة أنهكما قوتان لايستهان بهما على الإطلاق، وبما أن المستشار الجليل بهاء الدين أبوشقه يعلم تماما أن هؤلاء المستأجرين لديهم أحكام دستورية تحصن وجودهم القانونى - ولا يفتى ومالك فى المدينة - الأمر الذى سيفتح بوابات الأمل أمام المستأجرين الذين ليس لديهم جمعيات أهليه أو منظمات لحقوق الإنسان ولاقنوات قضائيه تحميهم ولا رجال أعمال يساندونهم.
 
إذا كان بعض الملاك يشكون مر الشكوى من قلة الإيجارات، التى لم تعد مناسبة لهذا الزمن الجديد الذى نعيش فيه، فإن المستأجرين هم أيضًا يجب ألا يقع عليهم الغبن والظلم فى تحديد القيمة الإيجارية، أو إخراجهم من مقر إقامتهم، فلا بد من تحقيق المصلحة للطرفين، وهذا هو الأمر الشائك فى الموضوع، فالأنباء الواردة حتى الآن تركز على حقوق الملاك فقط، ولا يجوز الانتصار لطرف ضد الآخر، فكما أنه من حق الملاك رفع القيمة الإيجارية، لا بد من مراعاة ظروف المستأجرين وعدم الغلو فى قيمة الإيجار.
 
وتلك هى فى نهاية المطاف مبادئ لا ينبغى تعديها فى حال إقرار قانون جديد، ينبغى أن يحفظ التوازن المطلوب بين الطرفين اللذين انقسما إلى شعبين، وللعلم من مصلحة كثيرون فى كلا الطرفين أن يبقى الوضع على ما هو عليه، كى ظلوا يرتزقوا، لأنهم يعتبرون أنفسهم يملكون الوصاية على الملاك والمستأجرين طالما الموقف سيظل جامدا فى وقت تتصدى فيه الدولة لإرهاب سيأكل الأخضر واليابس إذا تم التهاون فى مواجهته، وإذ لم تتوحد إرادتنا وقوتنا تضامنا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مجابهة الأخطار التى تحيط بمصر سواء كانت فى الداخل أو الخارج ..حمى الله مصر من شرور بعض أبنائها الذين يسعون لأشعال نار الفتنة بيننا الآن بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر فى المساكن القديمة!.