اغلق القائمة

الخميس 2024-05-23

القاهره 01:58 م

ورد مسموم

"ورد مسموم" فيلم شجاع لمخرج اختار الطريق الصعب بأول أفلامه الروائية ولكن!

تحليل يكتبه على الكشوطى
الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018 07:00 ص

للتجارب الإخراجية الأولى رونق ولذة مختلفة لصاحب التجربة وللجمهور أيضا الذى بدوره يرى الأحداث بعين مختلفة وجديدة، ربما تنتصر للفن فى معظم الأحيان، وهو ما حدث مع التجربة الأولى للمخرج أحمد فوزى صالح بفيلمه الروائى الأول "ورد مسموم" والذى نال العديد من الجوائز فى مختلف المهرجانات وسمحت لى الظروف مشاهدته فى السويد ضمن فعاليات مهرجان مالمو للسينما العربية فى دورته الثامنة.

 

الفيلم مأخوذ من رواية الكاتب أحمد زغلول الشيطى وبطولة كوكى وإبراهيم النجارى وصفاء الطوخى ومحمود حميدة، وهم أبطال القصة الرئيسية بالعمل، ومن باب الإنصاف يجب أن نعتبر أن منطقة المدابغ هى بطلة الفيلم الرئيسية والأبطال من حولها ما هم إلا أدوار ثانوية يدورون فى فلك تلك المنطقة التى تحتاج لمزيد من الأعمال السينمائية عنها لما بها من غنى وثراء من القصص والحكايات التى تصلح لتجسيدها على الشاشة.

 


 

 


 

عين المخرج أحمد فوزى صالح استطاعت أن تلتقط الثراء الكامن فى تلك المنطقة سواء بفيلمه القصير "جلد حى" أو باستثمار معرفته الجيدة بالمكان فى تقديم فيلمه الروائى الأول عن نفس المنطقة ليسلك الطريق الأصعب، ويؤكد أنه مخرج مختلف ترى عنه ما قد لا يراه المخرجين الآخرين من نفس جيله.

 

بداية الفيلم مبشرة خاصة عندما ركز فوزى على مجرى مائى للوهلة الأولى تتخيل أنه نهر لكن مع إمعان النظر تكتشف أنه طريق يعتبره العاملون بالمنطقة مصرفا يسير فيه الماء الملوث نتيجة استخدامه فى مراحل تحضير الجلود ودباغتها وما إلى ذلك، إضافة إلى أنه يسير عليه "عربات الكارو" جنبنا إلى جنب مع أهل تلك المنطقة والتى فى مجملها لا تصلح للعيش بها.

 


 

 


 

مع مرور الأحداث يظهر جليا أن فوزى قادر على إدارة الممثلين بشكل جيد معبرين عما داخلهم من مشاعر إنسانية ربما تلوثت بتلوث المكان الذى تدور به الأحداث، حيث نجد أنفسنا أمام أسرة مشوهة نفسيا تركيبة غريبة الأخت تحية تجسدها الفنانة "كوكى" تغير على شقيقها "صقر" ويجسده إبراهيم النجارى، غيرة الزوجة على زوجها، أم تحمل الضغينة لأبنتها والعكس أيضا دون مبرر واضح، ساحر أو دجال "كروان" يجسده النجم محمود حميدة بالطبع ليس أفضل أدواره ولم يضف شيئا للدور سوى أن اسمه يعطى ثقل للفيلم ليس إلا، وهو أمر غريب يحتاج لتفسير فكيف يكون لدى المخرج فنان فى موهبة حميدة ولا يستخدمها الاستخدام الأمثل.

 

شكل العلاقة بين الأخ والأخت غريب تجعل المتلقى يحدث لديه لبس حول ماهية العلاقة هل هى علاقة أخوية فقط، أم أن الأمر تطور إلى شىء أخر ربما علاقة جنسية فى لحظة طيش أثناء فترة المراهقة أبطالها ربما الزمان، والمكان الذى لا يسعهم فالحمام مكان منبثق من المطبخ ليس له باب، فيضعون "ستارة" لستر من هو بالحمام وهى البيئة التى ربما تساهم فى سقوطهم فى خطأ مثل هذا، خاصة فى ظل وفاة الأب وعدم وعى الأم وانشغالها بالعمل لتوفير لقمة العيش.

 


 

 


 

وفى رأيى "ورد مسموم" فيلم شجاع وجريء لمخرج ربما لا يتمتع بنفس شجاعة فيلمه وجراءته، فمن المؤكد أن فوزى يعى جيدا أن العمل ليس تجاريا وأن أهم استفادة ربما هى تواجد العمل فى العديد من المهرجان والتأريخ لفوزى باعتباره مخرج وضع يده على موطن ثراء فنى بمنطقة ربما مر من جوارها العديد من المخرجين، وبدلا من رفع عدسات كاميراتهم وإلتقاط الصور، وضعوا أيديهم على أنوفهم فارين من الروائح الكريهة التى تنبعث من كل ركن فى المنطقة.

 

 

 


 

كنت أتمنى أن يتمتع فوزى بنفس شجاعة وجراءة الفيلم وألا ينفى خلال ندوة الفيلم بمهرجان مالمو أن هناك علاقة حب قد تكون وصلت إلى ممارسة الجنس بين الأخ والأخت بل يؤكدها، بدلا من تأكيده على أن العلاقة بينهما علاقة أخوية فقط، وهو ما يفقد العمل الكثير من رونقه ويجعله أشبه بالأفلام التجسيلية، خاصة أن ذلك الحس لدى فوزى ما زال طاغيا ويظهر فى أغلب المشاهد، كما أن هذا النكران يطرح العديد من التساؤلات التى ليس لها إجابات بالفيلم، إذا كانت العلاقة أخوية فلما كانت تقوم الأخت ليلا لتتجمل فور عودة شقيقها من العمل؟ ولماذا غضبت غضباً شديدا فور إخباره لها أنه تعرف على فتاة أخرى، الأمر الذى دفعها للذهاب إلى الدجال "محمود حميدة" ليقدم لها "عمل" سحر أسود ويؤكد لها أنه بعد حرق العمل وإلقاها فى الماء بصحبة "قرموط – نوع من الأسماك"، سيعود شقيقها لها مرة أخرى "زى زمان".

 

 

 

 

إشارات كثيرة بالفيلم دفعت عددا كبيرا من المشاهدين لفهم العلاقة بينهما على أنها حب تبدو من الخارج علاقة أخوية، لكن فى داخلها علاقة رجل بامرأته، إلا أن تعليق المخرج بكون العلاقة بينهما علاقة أخوية فقط وأن ما فهمه الجمهور غير صحيح كانت صادمة، ولا أعرف هل تنصل فوزى من التأكيد أنها علاقة لا تنتمى للعلاقات الأخوية خوفا من الهجوم والانتقاد كونه يجسد علاقة "زنا محارم" على شاشة السينما قد لا تجد قبولا لدى الجمهور، أم أن الفيلم يجب إعادة مونتاجه مرة أخرى لحبك الإطار الدرامى للقصة خاصة أنه بنفس الندوة أعلن أن هناك مونتيرة حاصلة على جائزة الأوسكار قامت بمونتاج الفيلم، لكنه لم يعجب بمونتاجها وأعاد مونتاجه مرة أخرى.