اغلق القائمة

الأحد 2024-05-05

القاهره 09:49 م

يوسف أيوب

رسالة لمعلمى مصر.. أنتم تسيئون لأنفسكم

بقلم: يوسف أيوب الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 10:00 ص

أيا كانت نية الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، حينما تحدث عن أوضاع المعلمين فى مصر، وحديثه «إن نصف الوزارة حرامية والنصف الآخر حرامية غير أكفاء»، واعتراضات البعض على هذه التصريحات، فإننا يجب أن نقف أمام أمر فى  غاية الأهمية، وهو أن القصة لا تتعلق بأوصاف تطلق هنا او هناك، وإنما علينا أن نراجع الوضع برمته، خاصة أن صورة المعلم المصرى باتت فى غاية السوء.
 
الوضع الآن منقسم، فعدد من المعلمين اعترضوا على ما قاله الوزير وذهب أحدهم إلى المطالبة باستقالة الوزير، وفى المقابل أعلنت نقابة المهن التعليمية مساندتها للدكتور طارق شوقى وقالت فى بيان إنها «لا تقبل المساس بكرامة المعلمين، وأن كرامة المعلم خط أحمر، والمعلم حجر الزاوية والركن الأساسى للعملية التعليمية، ولا تطوير دون معلم يتمتع بالكفاءة والقدرة الفعلية على إدارة المؤسسة التعليمية بما يضمن تحقيق نواتج التعلم المرجوة بما يتلاءم مع تطلعاتنا لمستوى تعليمى راق يتوافق مع طموحاتنا ويحقق نقلة نوعية فى المجتمع المصرى، لأنه لا تغيير حقيقى بدون تعليم جيد»، كما أعربت النقابة عن ثقتها «فى شخص الدكتور طارق شوقى، ومدى احترامه للمعلمين وقيمتهم، وفيما يتعلق بالتصريحات الأخيرة المنسوبة لوزير التعليم والتى تتضمن بعض العبارات التى يفهم منها أن بها إساءات للمعلمين، تؤكد النقابة أن عهدها بالوزير الحالى منذ توليه المسؤولية أنه دائم الوقوف بجانب المعلمين، وأنه من أكثر المساندين لقضايا المعلمين والنقابة، وقد خاض الوزير الحالى ومازال يخوض مع النقابة معركة ضخمة من أجل تحسين أجور المعلمين وتطبيق جدول الأجور المقترح من قبل النقابة».
 
ودخل خلف الزناتى نقيب المعلمين، ورئيس اتحاد المعلمين العرب على الخط، وقال إن الدكتور طارق شوقى يقود معركة تغيير حقيقية فى ديوان عام الوزارة والمديريات التعليمية، وإن مشروع إعادة هيكلة الوزارة وقطاعاتها يواجه تحديات ضخمة، بسبب تهديده لمصالح بعض القيادات الذين ظنوا فى وقت من الأوقات أنهم تحولوا إلى مراكز قوى، وأن بعض هؤلاء يحاول الوقيعة بين الوزير والمعلمين والنقابة، ويسعون إلى إحداث حالة من البلبلة باقتناص بعض الكلمات واجتزائها عن سياقها وإظهارها فى شكل سيئ لتحقيق ما يسعون إليه، مع الإشارة إلى ما تحقق للمعلمين منذ قدوم طارق شوقى، خاصة حل أزمة المعلمين المغتربين، وتشكيل لجنة لحل مشكلات مسابقة الثلاثين ألف معلم، واتخاذ الوزارة لعدد من الإجراءات لحل مشكلات الرسوب الوظيفى لنصف مليون معلم، بالإضافة إلى التدريبات التى يتلقاها المعلمون وعلى رأسها مشروع « المعلمون أولا»، وكذلك مساعى الوزارة لحل مشكلات التحويلات بين المدارس، ومشكلات المسمى الوظيفى، بالإضافة إلى مشروع إعادة هيكلة الأكاديمية المهنية للمعلمين من أجل تنفيذ تدريبات حقيقية للمعلمين.
 
 فى المقابل حاولت الوزارة أن توضيح حقيقة تصريح الوزير وما ذكره البعض بأن الوزارة نصفها حرامية، وحديث الوزير عن أنه من الممكن أن تكون هناك كثافة زائدة فى أعداد الموظفين، مثل معظم مؤسسات الدولة ولكن لايصح أن نصفهم بـ»الحرامية»، وقالت الوزارة فى بيان لها، إن طارق شوقى تحدث عن بعض المدارس الدولية التى حاولت مخالفة القانون بنوع من البلطجة على أولياء الأمور لكن تصدت لهم الوزاره لتطبيق القانون، مشيرة إلى أنه عندما تحدث الوزير فى سياق الحوار مع إحدى الصحف عن المنظومة الجديدة للتعليم، قال: «معلمونا يحتاجون لكثير من التدريب ليصبحوا أكفاء، ويستطيعون تفهم المنظومة الجديدة وهو ما حدث بالفعل فى مشروع المعلمون أولا»، ولم يمس الوزير مجانية التعليم، حسب بيان الوزارة، لكنه عندما تحدث عن الدروس الخصوصية ذكر أن أولياء الأمور يتحملون فوق الـ30 مليار جنيه دروسا، متسائلا: «كيف نضحك عليهم ونقول إنهم يتعلمون ببلاش.. ولابد من التصدى لهذه الظاهرة».
 
ما بين الاعتراضات والبيانات المؤيدة تاهت الحقيقة التى يجب أن ننتبه لها جميعا، ونحن مقبلون على عام دراسى جديد، وهى أن المدرسين المصريين «سمعتهم» بالغة السوء لأكثر من سبب لعل أهمها على الإطلاق أنها تساهم بشكل سلبى فى تدمير اقتصاديات الأسر المصرية، من خلال الدروس الخصوصية التى باتت الهاجس المسيطر على كل أسرة فى مصر، لدرجة أن ظاهرة الدروس الخصوصية لت تعد قاصرة فقط على الثانوية العامة أو الإعدادية، وإنما وصلت إلى أن تلاميذ الحضانة يلجأون إلى الدروس الخصوصية أيضاً، والسبب واضح للجميع، وهو أن معلمين يتجاهلون عن عمد تدريس المواد فى المدارس بالشكل المطلوب، بل إن كثيرا منهم لا يذهب إلى المدرسة من الأساس، وهو ما يجبر الطلاب والتلاميذ إلى الدروس الخصوصية.
 
المدرسون يعتبرون أن الدروس الخصوصية هى مصدر رزقهم بسبب ضعف رواتبهم، وهو عذر أقبح من ذنب، فإذا كان المدرسون المطلوب منهم إعداد قادة وجيل المستقبل يضعون لأنفسهم مبررات واهية مثل تلك، فلماذا نعاقب موظفا صغيرا يتقاضى رشوة، ومبررة أيضا أن راتبه لا يفى باحتياجاته اليومية؟
نعم المعلمون يعانون من ضعف فى الرواتب، لكن الحل ليس فى الدروس، وإنما هناك طرق متعددة، وأعتقد أن الوزير طارق شوق يعمل جاهدا على إيجاد حل ومخرج لهذه الأزمة، مع العمل على رفع كفاءة المعلمين، من خلال برامج تدريبية متعددة، لكن على المعلمين أن يدركوا جيدا أنهم حقاً يسيئون لأنفسهم قبل أن يسىء لهم أحد، واذا كانوا بالفعل يبحثون عن وسيلة لتصحيح الصورة السلبية العالقة فى أذهان المصريين عنهم، فعليهم أن يتقنوا عملهم، وأن يؤدى كل منهم دوره المطلوب، بدلاً من المساهمة بشكل غير مباشر فى تدمير الضمير المصرى، فالطالب أو التلميذ الذى تربى على الدروس الخصوصية، فإنه فى نفس الوقت يتربى على البحث عن طرق غير شرعية للدخل، مثلما تربى على يد مدرس أو معلم ضرب بالقواعد والأصول عرض الحائط.