اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 06:24 م

سعيد الشحات

الطريق إلى داعش مع وائل لطفى «3»

بقلم سعيد الشحات الإثنين، 04 سبتمبر 2017 07:00 ص

أختتم قراءة كتاب «الطريق إلى داعش» للكاتب الصحفى وائل لطفى، الصادر ضمن سلسلة «الكتاب الذهبى- روز اليوسف»:
هل نحن بصدد الإفاقة مما عشنا فيه لسنوات، وأدى بنا إلى كل هذا الخواء الذى سهل الطريق لـ«داعش؟».
 
يطرح هذا السؤال نفسه ونحن نقلب صفحات الكتاب فى الوقت الذى نرى فيه كل هذا الإرهاب الذى تعيش فيه المنطقة، ويطل السؤال كلما حضر أمامنا صورة وصوت كل الذين مهدوا الأرض له، كما يطل كلما تذكرنا كل هذا الضجيج الذى كان يحاصرنا ليل نهار من مظاهر التدين الشكلى، أو «التدين التوظيفى» أو «التدين الانتهازى»، ولا يحتاج هذا الأمر كثيرا من الجهد فى إثباته والتدليل عليه، ففى حياتنا اليومية نرى هؤلاء الذين لا يتركون فرضا للصلاة لكنهم يأكلون حق اليتامى، ونرى تجارا يكسبون أموالهم بالحرام ويذهبون لتأدية شعائر الحج كل عام، ونرى من يطلق لحيته لكنه لا يعطى الميراث لمن يستحقه معه.
 
هى مظاهر نعرفها ونحفظها ونشاهدها، ومردها إلى عوامل كثيرة، لكن أن يتم عمدا صناعة «التدين الشكلى» كى يعيش المصريون فيه، فهذا هو الخطر بعينه، لأنه يستهدف ضرب كل الخصائص الحضارية التى تميزت وتفردت بها مصر طوال تاريخها منذ قبل دخول الإسلام إليها وبعد أن دخلها.
 
عاشت مصر صناعة «التدين الشكلى» ووقعت فريسة له، ولنتذكر فى ذلك الكثير والكثير، كاعتزال نجوم الفن تحت زعم «الفن حرام»، ولم يقتصر الاعتزال على الفنانات وفقط، وإنما امتد إلى الرجال وأشهرهم محسن محيى الدين بطل أفلام يوسف شاهين، ولأن مصر وحدها بين دول المنطقة التى لها رصيدها العظيم فى الفن كانت هى المستهدفة فى هذا.
 
النتائج التى ترتبت على «التدين الشكلى» تقودنا إلى يقين أن دولا وأجهزة هى التى قامت بهذه الصناعة ورعتها وأنفقت عليها، وذلك كى تبقى مصر فى رقدتها دون إفاقة، ومن هنا يأتى سؤالى الذى طرحته فى بداية مقالى، ونجده فى كتاب «الطريق إلى داعش» الذى يكشف لنا أدوات صنع «التدين الشكلى»، الذى يقود تلقائيا إلى «الطريق إلى داعش».
 
من بين هذه الأدوات كما يقول «لطفى»: «الدعوة بالروشنة» تلك التى مارسها «عمر خالد» عصر كل يوم سبت فى مسجد المغفرة خلف مسرح البالون، ولسنوات تحول هذا المكان إلى غابة من البشر، حيث تتوافد آلاف السيارات الفارهة من طرق شتى وتسد الشوارع المحيطة بالمسجد، وذلك بغرض البحث عن مكان للاستماع إلى الدرس الذى يلقيه «خالد»، والشريحة العمرية التى تأتى للاستماع إلى هذا «الشيخ الوسيم» من 18 إلى 36 سنة، وكلهم من مناطق راقية، هو: «وسيم يرتدى ساعة فضية ويحمل موبايل ويرتدى أحدث الأزياء وآخر طبعة من المشايخ فى مصر، لكنه طبعة حديثة تناسب عصر الشركات عابرة القارات والاستهلاك والعولمة».
 
ومن «عمرو خالد» إلى وجوه أخرى بديلة سنجد فضائيات وشركات كاسيت وفيديو قامت بتقديم هذه الوجوه، كزغلول النجار وصفوت حجازى وراغب السرجانى وحازم أبو إسماعيل، وتسابق هؤلاء على الإفتاء فى أى شىء، والظهور بالتفقه فى أمور الدين وإغراق المجتمع فى متاهات دينية جديدة عليه، مما مهد «الطريق إلى داعش».