اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 03:37 م

أول أيام رحلة علاج عم ناصر بعد استجابة الرئيس له

بالصور.. بعد استجابة الرئيس لقصة معاناته.. "اليوم السابع" ترافق عم ناصر فى أول أيام رحلة العلاج.. يؤكد: كأنى بحلم ولم أصدق سرعة استجابة السيسي.. ومدير المستشفى أبلغنى باتصال الرئيس ووزير الدفاع للاطمئنان على

كتب محمد تهامى زكي- تصوير أحمد معروف الأربعاء، 13 سبتمبر 2017 03:53 م

 

فى تمام العاشرة صباحا كنا على موعد مع ناصر فايز عبد الحميد محمد، المواطن البسيط الذى نشر "اليوم السابع" قصة معاناته مع المرض الذى كلفه الغالى والنفيس من حياته، باع مسكنه وترك عمله ليبدأ فى رحلة طويلة من العلاج، قبل أن تضج مواقع التواصل الاجتماعى بالقصة التى وصلت حتى رئيس الجمهورية، الذى استمع لها بإنصات واتخذ قرار بعلاج للرجل، حتى اللحظة التى قابلناه فيها اليوم لم يكن عم ناصر يصدق.. بدأنا معه الرحلة من البداية فى منزله الصغير بحى مدينة السلام.. حتى مستشفى وادى النيل، حيث سيخضع لأول جلسة علاج.

فرق كبير بين وجه عم ناصر الذى استقبلناه فى مقر الصحيفة سبتمبر الماضى، وشاهده الملايين يستغيث فى الفيديو الذى أبكى الكثيرين، وبين وجهه المشرق الذى استقبلنا صباح اليوم، وهو يقول: "حتى الآن اعتقد إنى بحلم.. لا أصدق أن الرئيس بنفسه استمع لصوتى وقرر علاجى"، ثم قمنا سريعا بجمع بعض احتياجاته وتحركنا نحو المستشفى.

يحكى عم ناصر فى الطريق أنه كان يعمل سائق ميكروباص، لم يكن يكسب كثيرًا ولكن مثل الكثيرين يتحصل على رزق يمكنه من الاستمرار فى الحياة هو وأسرته، لم يتخيل فى لحظة أن يسقط بتلك الطريقة، آلام مرعبة تضرب جسده، لم يعد قادرا على العمل، ويوم تلو الآخر فقد كل شئ، وأنفق كل ما لديه على رحلة علاج لم تقدم له شئ ولم تسعفه، ويوم تلو الآخر الأبواب المغلقة تصبح أكثر إحكاما، والأحوال تنحدر نحو بئر لم يبد له قرار.. تتلألأ دمعة فى عينيه ويقول: "10 سنين فى تجربة مرض محدش يتخيلها.. كل يوم الألم بيزيد وابنى الوحيد همومه بتزيد لأنه مالوش غيرى بعد وفاة والدته".

وصلنا باب المستشفى فى تمام الواحدة ظهرًا، استقبال كبير كان ينتظر الرجل ذو الـ45 عامًا، اهتمام بالغ من الأطباء لم يكن هو شخصيا يتوقعه، يعود ليحكى لنا كيف استقبل خبر توجيه الرئيس بعلاجه، ويقول إنه تفاجأ باتصال هاتفى من مدير المستشفى يبلغه فيها بأن الرئيس السيسى وجه بعلاجه، لم يقتنع ناصر بالاتصال وظن أنه من أحد أصدقائه أو معارفه يمزح معه أو يحاول مواساته والتخفيف عنه، وأغلق الهاتف، ليرن الهاتف مرة أخرى ويعيد عليه توجيهات الرئيس وأنهم فى انتظاره بالمستشفى، هنا أدرك ناصر أنها حقيقة وليس مزاحا من أحد، أدرك بالفعل أنه سيبدأ رحلة طويلة تنهى معاناته مع المرض الذى لازمه لأكثر من 10 سنوات خسر فيها كل شيء.

 

حمل ناصر حقائبه وأمتعته ليبدأ رحلة العلاج، ذهب إلى المستشفى حاملا معه الأشعة والتقارير التى توثق حالته المرضية، وصل إلى المستشفى ليجد استقبالا رهيبا والكل يتسابق لخدمته والعمل على راحته، وتابع ناصر: "دخلت المستشفى ولقيت مقابلة غير طبيعية بالمرة ظننت أننى أحلم فى عالم افتراضى، كان استقبال رهيبا كأنه استقبال لرئيس الجمهورية وليس لمواطن مريض وفقير، الكل يتسابق لخدمتى من أكبر درجة إلى أقل درجة، أحدهم قال لى: (اتفضل يا أستاذ ناصر، احنا تحت أمرك)".

ترك ناصر استقبال المستشفى وذهب إلى استراحة بداخلها بناء على تعليمات من الأطباء، لم يمض سوى دقائق معدودة حتى فوجئ بحوالى 7 أطباء ذو قامة عالية، يروى ناصر عن أول يوم يدخل فيه المستشفى، مؤكدًا على أن الاستقبال لم يقل عن اليوم الذى يبدأ فيه رحلة علاجه بينما نرافقه: "الوضع كان غريب وكأنى أعيش لحظات من الرعب والخوف، بالرغم أن منظرهم كان مهيبا لكن الابتسامة لم تفارق وجوههم، وحتى يهدئوا من فزعى قال أحدهم (كلنا ولاد تسعة، إحنا نتمنى إننا نعالج كل مرضى فى كل مكان)، أدخلونى بعد ذلك لعمل الأشعة والتحاليل اللازمة، ثم بعد ذلك عرضونى على طبيب المخ والأعصاب وعرض الأشعة والتحاليل عليه للتشخيص الذى أظهر إصابتى بانزلاق غضروفى فى القطنية وأيضا الغضاريف فى حالة ضغط على العمود الفقرى، مع تحديد عمل جلسات كهربائية لمدة 18 جلسة بمعدل 3 جلسات أسبوعيا ولمدة شهرين".

يتنهد عم ناصر تنهيده أراحت باله طويلا، ويقول بعد تحديد الطبيب 18 جلسة للعلاج: "أعطونى أدوية خاصة بإصابتى بدون أى تكلفة، الأغرب أن الطبيب خيرنى بين أيام "السبت، الاثنين، الخميس" وبين أيام "الأحد، الثلاثاء، الخميس" لعمل الجلسات الكهربائية، ليضحك بعدها ضحكة تحمل معانى الأمل والفرحة،مضيفًا: "حتى دى بيخيرونى فيها، إيه الكرم ده كله"، مستطردًا: "محدش حسسنى بأى فرق فى المستشفى، بالرغم أن تكاليف العلاج بالمستشفى باهظة الثمن، إلا أنهم كانوا يعاملونى كملك متوج أو رئيس جمهورية، وعند خروجى جاء أحد القيادات الكبيرة والهامة بالمستشفى وقال لى: الرئيس السيسى ومن بعده الفريق صدقى صبحى وزير الدفاع والإنتاج الحربى اتصلا بى وأبلغونى بسؤالك عن أى شيء آخر تحتاجه، كأنى مازالت أحلم".

صمت ناصر برهة من الزمن، انتظرته حتى تمهل قليلا، عائدا يستكمل قصته الغريبة كما أطلق عليها، الرئيس السيسى مش مجرد رئيس فقط: "كنت فاكرك رئيس بس.. لكنك إنسان عظيم، اللى يعمل كده عشان مواطن فقير وغلبان زيى يبقى إنسان كريم، مهما شكرته مش كفاية على اللى عمله معايا"، موضحا أن الإنسانية أرقى وأعظم رسالة من الرئاسة.

صمت ناصر مرة أخرى وعاد ليقول: "الجيش المصرى جيش عظيم بأبنائه، ناس محترمة لأقصى درجة ومؤدبين جدا فى تعاملهم مع كل الناس لا يفرقوا بين هذا وذاك، الكل عندهم واحد، وده شوفته بعينى، أنا يشرفنى إنى أتصور جنب أصغر عسكرى فى الجيش".

لم ينس عم ناصر من استغلوا مرضه سياسيًا من أجل إظهار الدولة تقسوا على أولادها، حيث قال ناصر: "كل دول العالم فيها فقراء، أقول لكم لن تستطيعوا استغلال حالتى لتشويه صورة مصر بلدى، نفوسكم مريضة وخبيثة".

 

لم ييأس "عم ناصر" فى رحلة مشوار للعلاج من آلام الإصابة بالغضروف العنقى وضيق بالقناة الشوكية، فتخطى الصعاب تحدى نفسه من أجل الوصول لمرحلة الشفاء، وتكلفت رحلة علاجه الكثير والكثير من الأموال، وهو العائل الوحيد أيضا لابنه عمر الذى يدرس حاليا فى الصف الثالث الثانوى العام، خاصة بعد وفاة والدته منذ فترة طويلة.

 

يروى ناصر، معاناته مع المرض الذى أفقده كل شيء يملكه من أجل العلاج، باع وحدته السكنية التى كان يمتلكها ويعيش فيها برفقة ابنه فى مدينة السلام، ليواصل تكاليف علاجه خاصة أنه ليس له مصدر دخل بعد أن ترك عمله مجبرا كسائق ميكروباص، قائلا: "منذ 10 سنوات وأنا أعانى هذه المعاناة الشديدة مع المرض الذى أفقدنى القدرة على الحركة وجعلتنى طريح الفراش دائما، كنت أعمل سائقا لـ"ميكروباص" وكانت الحياة تسير بشكل جيد، وبدأت الآلام تهاجمنى تدريجيا، فضلت أن أتحمل آلام المرض والعمل من أجل ابنى عبد الرحمن وتحقيق حلمى بأن يكون أحد أوائل الثانوية العامة على الجمهورية".