اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 02:26 ص

ماجدة إبراهيم

أم آية.. ومنظومة علاج فاشلة

بقلم - ماجدة إبراهيم السبت، 26 أغسطس 2017 08:00 م

جاءتنى بكل هموم الدنيا وذرفت دموع خيبة الأمل على أبنائها الخمسة
كلماتها الممزوجة بحرقة قلبها قلبت على المواجع..
 
أم آية سيدة مصرية مكافحة لا تملك حتى قوت يومها تعيش كمئات الأسر المصرية على الكفاف يعنى يادوب بتقدر تسد جوع ولادها الخمسة لم تكن مشكلتها فى المأكل أو المشرب أو الملبس.. مشكلتها أعمق وأهم فقد أصيب اثنان من أبنائها بمرض عضال فى العمود الفقرى ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد طال زوجها أبو العيال نفس المرض وتحول البيت إلى مستشفى صغير.
 
توقف الزوج الذى كان يعمل على باب الله عن العمل ولم يعد للأسرة مورد رزق.
لم تجد بديلا إلا سؤال أهل الخير.. حاولت مساعدتها فاستطعت توفير الأطباء الذين تبنوا حالة عائلتها فى الفحص الطبى.. ومساعدتها فى شراء الأدوية التى تكلفها فى الشهر ما لا يقل عن 700 ج هذا الرقم للأدوية فقط؟؟!!
فمن أين لسيدة لا تجد قوت يومها أن توفر كل شهر 700 ج للعلاج فقط من أجل تخفيف آلالام بناتها وزوجها.
 
تساءلت لو أن هذه السيدة لم تجد من يساعدها بعض الشىء - فالطريق مازال طويلا أمامها – كيف سيكون تصرفها؟
واستفزتنى حالتها وشكواها فهى تمثل شريحة ليست بقليلة من المجتمع المصرى الذين لا يملكون ثمن الدواء ويمدون أيديهم للمساعدة.
وبحثت فى أمر منظومة العلاج فى مصر إلى أى مدى تستطيع أن تقوم بدورها لحماية هؤلاء المرضى الضعفاء. وتساءلت كم تمثل ميزانية الدولة للعلاج والصحة فى بلد تحاصرة أمراض وبائية مثل فيروس سى ومن قبلها البلهارسيا.. ولا ندرى من القادم.
 
وإذا كنت أرى أن ميزانية وزارة الصحة تعتبر من أهم ميزانيات القطاع الحكومى لكونها مصروفات خدمية تهم الجمهور فعلى سبيل المثال ميزانية الوزارة فى عام 2016 ، 2017 بلغت 48 مليار جنيه وتعتبر هذه الميزانية ضيئلة جدا بالنسبة للخدمات التى ينبغى أن تقدم للمرضى المحتاجين أولا وبقية المرضى بشكل عام.
 
وهذا يعنى أن نصيب الفرد المصرى من ميزانية الصحة حوالى 60 دولار فى حين الدول المتقدمة يبدأ نصيب الفرد ب500 دولار ويصل فى بلاد أخرى إلى ألفين دولار.
وقد شغلنى حقا..
 
كيف تنفق ميزانية الصحة بملياراتها؟؟
فكانت الأجابة الحقيقية مبكية ومضحكة فى نفس الوقت الوزارة الهمامة التى يطلق عليها وزارة الصحة تنفق 27 مليار جنيه على رواتب وحوافز موظفى الوزارة.. أى والله. وحوالى من 3 إلى 5 مليارات توجه سنويا لشراء التطعيمات الإجبارية مثل شلل الأطفال والثلاثى وأمصال الفيروسات.
وحوالى من 4 إلى 5 ونصف مليار جنيه ينفق على تطوير المستشفيات التى غالبا ما بتتطورش.
 
ومن 5 إلى 10 مليارات تنفق على بقية البنود ومنها توفير الأدوية والأجهزة الطبية والمستلزمات الطبية فى العمليات الجراحية وخلافة وتشمل بنود كثيرة لا تعد ولا تحصى.
 
وهناك تصريحات لكثير من المسؤولين وأعضاء البرلمان أن سوء إدارة الدولة لمواردها وراء إغفال قطاع الصحة حيث يتم صرف المليارات على الوزارات المنتجة كالكهرباء والبترول كمكافآت ومنح وأرباح فى حين لا تحظى وزارات استراتيجية مثل الصحة والتعليم بالحد الأدنى من الميزانية.
نحن فى حاجة إلى إعادة توزيع ميزانية الدولة.. حتى يجد من يمرض من يداوية.. نحتاج إلى منظومة تأمين صحى فاعلة مفعلة تأخذ فى اعتبارها الغلابة.. فى المقدمة.
 
لا أن يجد القادر فقط العلاج.
العلاج ليس رفاهية من رفاهيات الحياة لكنه هو أصل الاستمرار فى الحياة.. فهو مثل الأكل والشرب لا يمكن الاستغناء عنه.
أم آية يوجد مثلها مئات الآلاف من الأسر التى تتحمل أصعب الآلام على أن تمد يديها وتنتظر أن يتعطف عليها أحدا ليشترى لها الدواء وإن اشترته هذا الشهر فمن يشترى لها الدواء الشهور المقبلة؟