اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 02:06 ص

ماجدة إبراهيم

سلوى لم تعد سلوى!!

السبت، 08 يوليو 2017 06:00 م

البيت هو رمز الأمان الوحيد لأى إنسان سواء كبيرا أو صغيرا.. فمن منا لا يجد مستقره وراحته فى بيته.. حتى ولو واجهتنا بعض المشاكل والعقبات.. فالحياة كلها تعب.. وما أجمل الراحة بعد الشقاء.. وما أسعد اللحظات بعد الفرج..
 
«سلوى عرابى» أو ما أطلقته الميديا ووسائل التواصل الاجتماعى فتاة كوبرى العباسية التى وجدت تعانى انهيارا عصبيا حادا وفقدان النطق والسيطرة على نفسها.. والتواصل مع الآخرين.
 
وقد تقدمت إحدى دور الرعاية النفسية مشكورة لمساعدة هذه النوعية من المشردين بالتكفل برعاية سلوى وعلاجها النفسى حتى الشفاء حتى تستطيع العودة لأهلها.
 
تفاصيل كثيرة ومؤثرة حكتها سلوى أمام كاميرات التليفزيون والمواقع الأخبارية التى أهتمت بقضيتها واعتبرتها سبقا صحفيا وعرت كل تفاصيل حياتها وفضحت عائلتها.. كان من الممكن أن نكتفى بتحويل الفتاة المريضة لدور الرعاية النفسية وكفى، ومن ثم تعالج وتعود لأهلها بدون فضيحه.
 
كثيرون رأوا برنامج 90 دقيقة وفيديوهات كثيرة للفتاة.. كلنا لاحظنا أن الفتاه ليست فى وعيها الكامل وتتحدث بطريقة مش طبيعية، وهذا ما أكده أحد المشرفين على المؤسسة التى تكفلها وتعالجها.
 
فهل من الأخلاق والمنطق الإنسانى أن نعرى البشر نفسيا وأسريا وأمام ملايين الجماهير والمشاهدين.
 
ماذا استفاد المشاهدون عندما تابعوا فتاة ليست سوية.. ماذا أضاف للمشاهدين عندما تبرأت الأم على الهواء من ابنتها وشتمها أخوها الأصغر؟
 
لا شىء سوى الفضيحة.. والشفقة على حال أهلها.. وعلى حال ابنتهم التى تعاملوا معها على أنها فتاة سوية.. عاقلة.. فى حين لم يفكروا لحظه أنها منذ وفاة والدها قد تغيرت حياتها بالكامل.. فقد أصيبت بصدمه نفسية عنيفة منذ ذلك الوقت وهى تهوى فى الحياة إلى مكان سحيق.. فجأة الحضن الدافئ والقلب الحنين مات.. ولم يتبق لها إلا مجرد شخوص فى حياتها.. هذه أمها.. وهؤلاء أخوتها.. لكن سلوى لم تعد سلوى؟!
 
سلوى الطفلة ذات العشر سنوات تحولت إلى طفلة كل حلمها أن تهرب من الحقيقة.. تهرب من البيت الذى لم يعد رمزا للأمان.
 
رمزا للحماية.
 
مات الأمان.. وتوفيت الحماية بوفاة والدها.
 
لم تدرك الأم فى مدينة المحلة الكبرى أن طفلتها لم تعد طفلتها؟
 
كانت فى حاجة إلى أن تحتويها.. لا أن تعاملها بمنطق «اكسر للبنت ضلع يطلع لها أربعة وعشرين».
 
كانت تحتاج سلوى من أمها أن تحتضنها وتكون لها بمثابة الأب والأم..
 
ولكن ككثير من أمهاتنا الفضليات اتجهن إلى الشدة والحزم كبديل عن فقدان الأب.. متناسين أن الأب لا يعوضه قسوة الأيام ولا شدة الكلمات.
 
أنا لا يعنينى فى الحقيقة تفاصيل حياة سلوى بعدما تركت أسرتها فما حدث قد حدث.. ولا تهمنى تفاصيل علاقاتها برجال، سواء تزوجتهم أو أكتفت بمصاحبتهم.. كل هذه الأحداث والتفاصيل حدثت وسلوى لا تحاسب على أفعالها.. «ليس على المريض حرج»، لكننى أعاتب الأهل الذين لم يفكروا للحظة فى أن ابنتهم فى حاجة إلى العلاج، لا إلى القسوة.
 
فى حاجة إلى أدوية وطبيب يتابعها.. لا إلى التوبيخ والإذلال.
 
سلوى كانت فى حاجة إلى بيت دافئ وحضن يحتوى وعقل يتفهم واعى
ياخذ بيديها إلى الطريق الصحيح.
 
اتركوا سلوى فى دار الرعاية فأعتقد أن هذه المؤسسة قد تفهمت وبادرت وبدأت فى حل أزمة سلوى.
 
هذه الدار وغيرها من المؤسسات التى تعمل فى صمت تحتاج منا أن نرفع القبعة وندعمهم ماديا ومعنويا.
 
فهناك مئات وربما آلاف مثل سلوى مازالوا يحتاجون إلى هذا النوع من الرعاية النفسية بعدما فقدوا أمان بيوتهم.. وأمن أسرهم.