اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 09:55 م

جبانة قويسنا الأثرية تطالب بطوق النجاة

جبانة قويسنا الأثرية تطالب بطوق النجاة.. زارها وزيران للآثار وطالبا بحمايتها من الإهمال.. برلمانى يشدد على تأمينها لحماية ما تبقى منها.. "الوزارة": أكشاك حراسة لإبعاد أيدى تجار الموروثات التاريخية

المنوفية – محمود شاكر الأربعاء، 12 يوليو 2017 05:09 ص

ما بين آمال وطموحات وخطط ودراسات، وزيارات لمسئولين، ومطالبات وإستغاثات بحماية ما بها من آثار تظل "جبانة قويسنا الأثرية" شاهدة على تاريخ ضم بين طياته صفحات مضيئة من التاريخ القديم لحضارات خلدت تاريخها برحوف من نور، ليأتى جيل جديد ما بين أمل فى الحياة والحفاظ على موروثات الجيل الماضى، وبين مجموعة أخرى لا تريد سوى مصلحتها بالاتجار فى تلك الموروثات التاريخية.

 

وفى جولة بمدينة قويسنا، بمحافظة المنوفية، والتى تقع على أحد أطرافها "جبانة قويسنا الأثرية" والتى تبعد عن المنطقة الصناعية بمسافة بسيطة، وتتبع مدينه قويسنا الحالية، وتعد من أهم المناطق الأثرية بمحافظة المنوفية والتى تم اكتشافها عام 1990 على يد الدكتور صبرى طه وتقع على مساحة 365 فدانا، واختلف العلماء فى الوضعية المكانية لمنطقه آثار قويسنا قديما حيث اعتبرها البعض أنها جزء من الإقليم التاسع من أقاليم الوجه البحرى وسمى قديما بـ"عنجتى" وعاصمته "جدو" وأطلق عليها الإقليم فى اليونانية "يوزيرس".

 

وكان يرمز إليه بالراعى الواقف فوق علامة الاقليم ويمسك فى يده عصا الحكم "الصولجان"، وكانت عاصمة الإقليم مدينة "بر أوزير" حاليا "أبوصير بمركز سمنود محافظة الغربية وكان الإله الرئيسى هو الإله أوزير وكان يرمز إليه بعمود "جد" لذلك عرفت قديما باسم "جدو" وعبده معه الإلهة "إيزه" والإله "حور" ليكونوا ثالث الإقليم ولذلك كانت مدينة مقدسة يحج إليها المصريون القدماء وكانت قويسنا تابعة لهذا الإقليم فى هذه الفترة من عصر الدولة القديمة وحتى عصر الدولة الحديثة، ثم أصبحت ضمن الإقليم العاشر من أقاليم الوجه البحرى فى عصر الأسرة الخامسة والعشرون، ويذهب فريق آخر من العلماء إلى القول بأن المنطقة كانت تتبع الإقليم الرابع من إقاليم الوجه البحرى وهو إقليم المنوفية وموقعه كان "زاوية روزين" ويضم أيضا قرية الكوم الأحمر بقرية منوف .

 

تقع جبانة قويسنا أعلى تل رملى على بعد خمسة كيلو مترات من مدينة قويسنا محافظة المنوفية إلى الجنوب الشرقى من المدينة وسط الأراضى الزراعية تعرف باسم حوض الرمال القبلى نمرة 11 يبلغ أعلى مكان مرتفع فيه عشرين مترا تقريبا، ومن خلال عدة مواسم متتالية من المسح الأثري والمجسات وأعمال الحفائر العلمية المنتظمة التى أسفرت عن جبانه أثرية هامة ضمت تصنيف لأماكن مميزة بها متتالية "منطقه أ، منطقه ب، منطقة ج" وحديثا وفى الأيام القريبة منطقه "د" وهو اكتشاف جديد للبعثة الإنجليزية التيفى الموقع وهى لفترة جديدة للدولة القديمة فى عهد الملك "خعبا" للأسرة الثالثة .

 

وتوجد الجبانة بالجزء الجنوبى من التل الرملى وتضم 6 وحدات معماريه تحتوى الأولى والثانية والرابعة والخامسة والسادسة على مجموعه كبيرة من غرف الدفن التى عثر بها على عدد كبير من التوابيت الحجرية والفخارية والمومياوات والتمائم والقلادات والمشغولات وأوانيكانوبية ورقائق ذهبية وتماثيل حجرية وفخارية والتى ترجع إلى العصر المتأخر والعصرين البطلمى والرومانى وهذه الوحدات المعمارية من الطوب اللبن وتدل الآثار المكتشفة لهذا الموقع على استخدامه للدفن بدءا من عصر الأسرة 26 وحتى العصرين اليونانيوالرومانى ومن خلال الاكتشاف الجديد للبعثة الإنجليزية تبين أن فى الشمال مصطبة ترجع إلى الدولة القديمة.

 

وقال علاء سعيد، أحد مفتشى الآثار بالمنوفية، أن عمليات الدفن فى المنطقة تميزت بالفقر الشديد مما يعكس سوء الأحوال الاقتصادية فى هذه الفترة المتأخرة ويوجد فى الوحدة المعمارية الأولى شواهد أثرية تحمل طابع العصر المتأخر والعصر البطلمى المبكر ولكن الآن المنطقة د هى الأقدم وهى دولة قديمة، لافتا إلى أن أهم المكتشفات فى الوحده الأولى تابوت ضخم من حجر الجرانيت الأسود وجدت عليه القاب كاهن يدعى "حور وجا أن ثاو" والوظائف الدينية التى شغلها والقاب وأسماء أفراد عائلته وكان غطاء التابوت مقبباَ ومزدانا بكتابات هيروغليفية جنائزية من أحد الكتب الدينية كذلك كانت جوانب التابوت منقوشه بمناظر ورموز دينية نقشاَ بديعاَ وأهمها قائمة ألقاب ووظائف صاحب التابوت وأفراد عائلته ومنظر يظهر ثامون "الأشمونين" آمون وأمونيت، ونون ونونيت، وكوك وكوكيت، وحوح وحوحيت.

 

ورصدنا حالة من الإهمال الشديد الذى تعرضت له الجبانة على مر العصور، فما بين الأحياء والأموات، ترقد المومياوات والتماثيل المختلفة والتى تعود إلى عصور فرعونية وبطلمية ورومانية، وما بين التوابيت واللوحات والعظام التى اختلطلت بالرمال التى أخذها اللصوص ستارا لهم ليتربحوا من الآثار المتواجده، وبدلا من أن يتم الاهتمام بتلك الآثار تحول الأمر إلى حالة من اللامبالاة وعدم الاهتمام وأدى إلى تدمير ثروة تركها الأجداد، وأحاطتها كميات كبيرة من القمامة التى وصلت إلى 30 فدانا من إجمالى المساحة والتى تم تدميرها نهائيا.

 

الجبانة يحيط بها القمامة بمساحات كبيرة، والتى يصدر منها الراوئح الكريهة التى تقلق الأموات قبل الأحياء، بالإضافة إلى أنها مساحات مفتوحة بشكل كبير تحرم من الأمان للمكان والحفاظ على الآثار المتواجدة بها ما أدى إلى السرقة للعديد من تلك الآثار، بالإضافة إلى تواجدها فى مكان مفتوح يقضى على الآثار ولا يحافظ عليها. 

 

شهدت الجبانة زيارات عدد من الوزراء والتى كان آخرها من أقل من أسبوع بزيارة الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، والذى شدد على ضرورة أن يتم نقل كمية من الآثار المتواجدة بها إلى المتاحف المختلفة، حتى لا يكون هناك أى إهدار لتلك الثروة، بالاضافة إلى أنه أكد على أن يكون هناك أكشاك تأمينية تساعد على الوصول إلى العراية بتلك الأثار لحين عمل الدراسة اللازمة لإقامة سور حول المنطقة التى تضم الأثار والتى تصل مساحتها إلى ما يقرب من 13 فدان من تلك المنطقة.

 

كما شهدت الجبانة فى الفترة الماضية زيارة الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار السابق والذى زار المنطقة عام 2014، وطالب الدكتور هشام عبد الباسط محافظ المنوفية، بإنشاء متحف خاص بالمحافظة، ليجمع آثارها المنتشرة فى عدة مراكز، بالإضافة إلى القطع الآثرية المحتفظ بها بمتاحف طنطا والقاهرة وكفر الشيخ، منتقدًا تراكم القمامة حول المنطقة، مشددا وقتها بالعمل على رفع تلك القمامة فى أقرب وقت وتنظيف المنطقة بالكامل، مؤكدًا ضرورة بناء سور حول المنطقة الأثرية لحمايتها من السرقة واللصوص، ومنع تهريب آثارها ودخول غير المتخصصين أو الزائرين للمنطقة وهو ما لم يحدث حتى الآن بالرغم من وعود المحافظ.

 

وما بين زيارات الوزراء المختلفة ووعود المحافظ بالتنفيذ تظل جبانة قويسنا الأثرية تعانى الإهمال وسط إهدار كبير للأثار التى تضمها بين طياتها، يشكوا القائمين عليها من عدم وجود الرعاية لهم، وعملهم فى مكان غير أدمى بعدم وجود أى خدمات وقالت نيفين محمود مفتشة أثار بالمنطقة، انهم يعانون المرار بالعمل فى تلك المنطقة منذ سنوات، وعلى الرغم من مطالبتهم بالعديد من المطالب بالتطوير والحفاظ على المكان إلا أن الأمر لم يتم العمل أو النظر إلية، وظل الوضع على ما هو عليه، مشيرة إلى أنهم تقدموا بشكواهم إلى أكثر من مسئول ولكن دون أن يتم تحريك لأى ساكن.

 

وقال رأفت كرم، أحد أهالى قويسنا أن المنطقة بها العديد من مشاريع المحاجر التى تتواجد من أجل خلق الغطاء القانونى الذى يحميهم ويقنن تواجدهم بهذه المناطق ويجعل لهم الطريق ميسورا للحصول على العديد من تلك الآثار داخل كميات الرمال التى يتم رفعها على السيارات المختلفة بتلك المناطق والتى تتعرض يوميا إلى السرقة.

 

من جانبه طالب العقيد أحمد رفعت عضو مجلس النواب عن دائرة قويسنا، بضرورة أن يتم الحفاظ على تلك الآثار وحمايتها، لافتا إلى أنه تقدم بالعديد من طلبات الإحاطة لوزير الآثار لحماية تلك المنطقة والنهوض بها، مشدد على ضرورة الاستجابة بالحفاظ على ما تبقى من أثار بالمنطقة والتى تحوى العديد من الآثار التى لا توجد فى أى مكان آخر، مشيرا إلى أن الملف يسعى جاهدا إلى حله مع المسئولين حتى يتثنى الحفاظ على الأثار التى تضمها الجبانة بشكل أفضل.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

285241-جبانه-قويسنا-(7)