اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 01:55 م

قصواء الخلالى

" رامز حارق الدم"

قصواء الخلالى السبت، 03 يونيو 2017 09:10 م

ظهرت الفنانة فى أبهى صورها ومنتهى السعادة والفرحة فى أول الحلقة وهى تتحدث فى أمور كونية لولبية عميقة، عن قدراتها وشخصها العظيم وأمور أخرى أشد عمقًا، لا تعنينا حقيقة، فنحن لدينا ما يكفينا من العمق حد ابتلاعنا فى دوامة الحياة.. كما أنه للقاءات الفنية برامجها وجمهورها.

هى ظهرت سعيدة وقد تقاضت مبلغًا كبيرًا من المال وأقامت فى فندق "عشرميت نجمة" وانتقلت بطائرة عظيمة الأجنحة.

ثم بدأت الحلقة الحقيقية وهى المقلب، مخيف، مرعب، تنهار الفنانة، تنتفض الفنانة، تكاد تموت الفنانة، ونخسر جميعًا قامة وقيمة وقد لا نعرف كيف نحيا بدونها .

لكنها لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى لا تموت، تعيش لتمتعنا برسائلها الفنية الهادفة، وفجأة "suddenly" يظهر مقدم الحلقة من العدم.. من الفضاء.. فتنزعج الفنانة وتنهار وتصيح وتصرخ و و و.. وأخيراً تبتسم قائلة: أخص عليك يا رامز، كده بردو!.. وتنتهى الحلقة بسعادة الفنانة والفريق والمشاهدين أجمعين ..

إذا، لماذا ينزعج بعض الناس؟ حتى أننى بعد عرض برومو البرنامج أمامنا؛ قالت لى إحدى الصديقات "برنامج رامز ده بيحرق دمى" فلماذا؟

سمعتها وشردت بذهنى أفكر وأبحث فى الأمر :

أولاً: هذا برنامج لا هدف له إلا تقديم الضحك والابتسامة.. وقد نجح فيها .

ثانيًا: فكرة المقالب أو الكاميرا الخفية، فكرة عالمية قديمة ومصريًا أذكركم بالفنان إبراهيم نصر.

ثالثًا: الضيف يتقاضى مبلغًا ماديًا كبيرًا وإقامة سعيدة ويبدأ الحلقة مبتسمًا راضيًا ويختتمها منشكحًا مرضيًا، بل وأخف ظلاً وأكثر واقعية.

رابعًا: العنف والفزع وكل هذه الأمور المتشابهة، أصبحت متوفرة فى المسلسلات والبرامج والأفلام والإنترنت وغيره وغيره.. نحن أيضًا امتلأنا عنفًا وحزينًا وليس ضاحكًا .

خامسًا: أصبح الجميع يعلم أن رامز حاضر كل عام بأشكال مختلفة ولا أخفيكم سرًا أن البعض أصبح يتمنى الظهور معه حتى لو "هيسخطوه أرنب".

سادسًا: فريق عمل البرنامج أصبح يستطيع التمييز بين من يقبل ومن يرفض ولا أتصور أنه سيتم إذاعة حلقة بدون موافقة صاحبها والتى تظهر على الهواء.. وكله بالحب.. وعلى المتضرر اللجوء للقضاء ليستمر الضحك.

سابعًا: "مقلب أم حقيقة؟!"؛ ألا تعلمون أنه "لكل مقام مقال".

من هذا كله وبعد ما قيل وما سكتنا عنه، بكل بساطة، نحن نستطيع أن نمنع مثل هذه البرامج من دخول محيطنا إذا رفضنا المحتوى، بالجملة الشهيرة "غير القناة بالريموت"، لكننا لا نستطيع أن ننكر أننا أصبحنا متعطشين، حتى أننا سخرنا من أنفسنا وتهكمنا على خيبة أملنا.

كذلك معظم القنوات بدأت تتجه إلى هذا الفكر الترفيهى المقالبى بإمكانيات وفكر مختلف أو مقلد، ولن أحدثكم عن الإعلانات التى تحققها برامج المقالب والتى ترمز لنسب مشاهدتها، فى رمزية أخرى إلى حالة الكبت التى أصابت الكثيرين.. هذا عن الفكرة بذاتها .

لكن حقيقة، فى هذه الظروف؛ كنت أتمنى أن يتضامن الإعلام والفن وصانعوه ومقدموه جميعًا من أجل الوطن، من أجل الإصلاح، من أجل قضايا ضيعناها وضاعت فى خضم معاركنا بحثًا عن المال والأنا العليا.

- كنت أظن أنه يجب ألا أتابع عنف بعض مقدمى التوك شو فى التهديد والتجاوز والسب والقذف وإثارة الفتن، أو الصورة السيئة التى نروجها عن وطننا وأهله فى الفن والإعلام؛ حتى ظننت أننى أستطيع أن أشاهد برنامجًا كوميديًا واضح المعالم، بدلاً من برنامج أو فيلم غامض الرسائل مجهول الهوية مثير للتساؤلات.

- كنت أظن الإعلانات لن تتحدث عن "الدوندو" ولن تتاجر بهموم الكادحين والمرضى ولن تهددنا بسرطان الثدى والدور على مين.

-  كنت أظن أن للإعلام والفن ضابط ورابط وعواقب ومسئولين ومسئولية.. ولو نطق الضمير لاستغاث .

- كنت أظن أننا سنجتمع مالاً وقلبًا وعقلاً وكلمة حول الوطن.

- كنت أظننا ندرك قيمة ما لدينا ونشعر بما فقدنا، كنت أظننا غير ما وجدتنا.

هنا وفى هذه اللحظة عدت من شرودى إلى الواقع والتفت إلى صديقتى قائلة :

الحياة مليئة بـ"حرق الدم" وليس رامز فقط.

وابتعدت بذهنى عنها وأنا أغنى: "كنت أظن، وكنت أظن، وكنت أظن، وخاب ظنى".