اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 07:41 م

الأزهر

رسالة للفضائيات.. اللعب بالدين أخطر من اللعب بالنار

تحليل يكتبه أيمن رمضان السبت، 17 يونيو 2017 09:40 م

يعد الدين والمسائل الفقهيه الشائكة مادة خصبة للفضائيات المصرية خلال الفترة الأخيرة، بعدما نضبت حقول السياسة واحترقت بعد سنوات منذ ثورة 25 يناير وصولاً إلى ثورة 30 يونيو، وأصبح الشارع المصرى مصابا بتخمة سياسية جعلته لا يلتفت لما يدور بهذا الفلك عبر الشاشات - اللهم إذا تحدث أحدهم عن أسعار السلع الأساسية أو العلاوات وزيادة المعاشات وربطها بالأداء الحكومى - فما بين علماء الأزهر الشريف ومشايخ لا تربطهم صلة بهذا المنبر، سقط المشاهد والشارع المصرى فريسة للفتاوى والفتاوى المضادة والمثيرة للجدل بشكل واسع.

 

ربما تساهم القنوات الفضائية فى بث وذرع الفتنة دون أن تدرى، فى وقت أحوج ما يكون المجتمع للتماسك والحفاظ على وحدته لمواجهة موجة الإرهاب المستعرة التى تدعو وتحض على الخطاب الدينى الداعى للعنف والكراهية والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، بل والدين الواحد أيضاً، وفى ظل دعوة رأس الدولة للتجديد الخطاب الدينى ونشر الدين الإسلامى الوسطى الحنيف، فهناك بعض المشايخ يخرجون عبر الفضائيات بفتاوى تمس صلب العقيدة الإسلامية ما يتسبب فى إثارة الشارع المصرى.

 

دور الإعلام أن يناقش قضايا المجتمع ويبحث لها عن حلول من خلال متخصصين يقومون بنقاش موضوعى منظم هادف لحل القضايا التى تشغل بال الرأى العام، وأثناء مناقشة الإعلام لملف تجديد الخطاب الدينى وقع فى فخ بعض المغمورين الباحثين عن الشهرة أمثال الشيخ محمد عبد الله نصر، الشهير بـ"ميزو"، ومصطفى راشد مفتى أستراليا.

 

هناك بعض المشايخ أصبح همهم الأول هو إصدار فتاوى ساخنة والوصول لقائمة التريند عبر مواقع التواصل الاجتماعى، على سبيل المثال وليس الحصر، أفتى "ميزو" بأن الرقص الشرقى حلال ووصف صحيح الأمام البخارى بـ"المسخرة"، وأنكر عذاب القبر وقال نكاح الرجل غير المتزوج بامرأة غير متزوجة لا يعد زنا، بل هو أحد أنواع البغاء، وادعى أنه المهدى المنتظر، فيما قال مفتى أستراليا إن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان مسيحيًا قبل الإسلام، والحج يكون لجبل الطور وليس الكعبة المشرفة، بالإضافة إلى أن لحم الخنزير حلال، مثل هذه الفتاوى تسببت فى تشويش فكر المصريين، وزادت الطين بلة عندما تصدى لها مشايخ التيار السلفى المعروف عنهم الجمود والتمييز فى الفتوى، وظل الجميع فى انتظار دور الأزهر ليقول كلمة الفصل فيما يحدث بين هذا الخطاب والخطاب المضاد ليدلهم على الصواب نظراً لثقتهم العميقة فيه.

 

مبادرة الأزهر عبر الشاشات كانت فردية ففى الوقت الذى يواجه فيه الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق إلى جانب الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر مثل هذا النوع من الخطاب المتشدد وآخر متثيب، غاب دور أكبر مؤسسة دينية فى مصر بل فى العالم ولم ينشط الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعى.

 

فتحت فتاوى بعض المشايخ أمثال الشيخ سالم عبد الجليل، الوكيل السابق لوزارة الأوقاف، والشيخ عبد الله رشدى، إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة الموقوف، ثغرة جديدة فيما يتعلق بتجديد الخطاب الدينى، عندما قالا بتكفير النصار، وتساءل البعض هل كل أزهرى مؤهل للفتوى؟، وهل تجديد الخطاب الدينى على الهواء فكرة صائبة أم تحتاج إلى مراجعة.

 

الدين كرة لهب يرتفع خطرها كلما دفعها أحد وربما تؤدى فى بعض الأحيان لفتنة عظيمة وكبيرة يتكبد الناس نتائج اللعب بها، والتاريخ الإسلامى خير شاهد على المسائل الدينية التى أثارت القتال والنزاع والفتن بين أتباع الدينى الإسلامى، ففى الوقت الذى يطالب فيه رأس الدولة المؤسسات بتحمل مسئوليتها تجاه الخطاب الدينى بشكل مستمر وملح تجد الاستجابة بطيئة وتكاد تكون منعدمة فى أحيان أخرى، وما بين هذا وذاك ينتظر الشارع المصرى أن يجتمع علماء الدين والنخبة المصرية مع المؤسسات المعنية للوصول إلى حل شاف وواف فى هذا الملف المهم والخطير فى مرحلة من تاريخ البلاد، يستخدم فيه الأعداء الدين لضرب الدولة المصرية.