اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 10:17 م

الدكتور مجدى يعقوب

المشاهير فى رمضان.. مجدى يعقوب ملك القلوب عرف أسرارها ومنحها الحياة فمنحته الحب.. يعمل أكثر من 15 ساعة يوميا.. لا يأكل أو يشرب أمام الصائمين ويفطر مع العاملين بمركز القلب بأسوان.. ويقيم إفطارا جماعيا على نفقته

زينب عبد اللاه السبت، 17 يونيو 2017 12:11 م

لم يكن ذاك الطفل قد تخطى الخامسة من عمره، حين توفيت عمته وهى فى العشرين من عمرها بسبب ضيق صمامات القلب، تاركة طفلة رضيعة. رأى الطفل دموع والده، طبيب الجراحة العامة، وحزنه على شقيقته، وعرف من والده أن عمته كان يمكن إنقاذها بجراحة بسيطة تجرى فى الخارج، وحينها قرر أن يتخصص فى جراحات القلب حتى ينقذ من اعتلت قلوبهم.
 
يهتم بالقلوب أكثر من الوجوه، ينظر إليها ويتفحصها ويعرف أسرارها وطلاسمها، يمد يده يتحسسها برفق لينقذها من العلل والأمراض، استطاع أن يمنح آلاف الأطفال جرعات حياة وأن يزيل آلامهم ويعيد لهم طفشولتهم بقلوب أكثر قدرة على التحمل.
 
استطاع القديس، الذى ولد فى مدينة بلبيس بالشرقية عام 1935 إنقاذ القلوب فأحبته. إنه ملك القلوب الدكتور مجدى يعقوب، الذى ينتمى لعائلة قبطية أرثوذكسية ترجع أصولها إلى محافظة المنيا، وتخرج فى كلية الطب جامعة القاهرة.
 
لم يكن طريقه مفروشا بالورود، بل واجه الكثير من الصعوبات، عرف خلال رحلته أوجاع المرضى فى مصر وما يعانونه من عذاب لتلقى العلاج، لم يأت حلمه القديم بإنشاء مركز طبى عالمى للقلب وتحديدًا فى مدينة أسوان من فراغ، ففى سنة الامتياز كان يذهب إلى الأقاليم عن طريق الدواب ويرى أحوال البسطاء فى المناطق النائية.
انتقل لشيكاغو لاستكمال دراسته ومنها إلى بريطانيا ليتخصص فى جراحات القلب ويعرف أسرارها وأحدث تقنياتها.
 
لا ينام سوى 4 ساعات فقط ويبدأ يومه فى الثامنة صباحًا فى مركز مجدى يعقوب للقلب بأسوان، المكان الذى حلم بإنشائه منذ مايقرب من 30 عاما، فقديس القلوب أول من انتبه لما يعانيه الصعيد من مشكلات وقرر بشكل عملى أن يخفف عن مرضى الجنوب، الذين تتضاعف معاناتهم بسبب ظروف الفقر والبعد عن العاصمة. أيقن أن المسافات قد تحول بينه وبين إنقاذ قلب يحتاج خبرته، فحرص على أن ينقل خبراته لآلاف الأطباء فى العالم لينقذ قلوب أجيال لن يراها.
 
وضع نظاما فريدا وصارما للعمل بمركز القلب بأسوان يراعى ظروف المريض وأهله وييسر كل السبل للشفاء، بما يتجاوز المهام الطبية إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية.
يحرص على إرساء قيمة العمل بروح الفريق ويستمر فى إجراء الجراحات النادرة والمعقدة من الثامنة صباحًا وحتى الحادية عشرة ليلا، ورغم مهامه الدقيقة يتسم بالود الشديد ويحتفظ ببشاشة وجهه دائما، يدقق فى كل التفاصيل - كما يشير الدكتور وائل عبدالعال جراح القلب الذى يعمل مع الدكتور مجدى يعقوب منذ عام 1990- ويهتم بكيفية التيسير على أسرة المريض، وخاصة إذا كانوا من محافظات بعيدة، يخصص من يساعدهم فى السكن والانتقالات على نفقة المؤسسة، كما يهتم بالتخفيف عن الأطفال بمساحة من الترفيه بما لا يتعارض مع حالاتهم الصحية.
 
يقف فى الشارع إذا ما استوقفه أى مواطن ليستمع إلى مشكلته، ويتابع حلها، ولا يتهاون مع أى تقصير، خاصة ما يتعلق بمخالفة نظام العمل، يؤكد دائمًا أن المريض فوق الجميع مهما كانت الظروف. يحرص فى رمضان على ألا يأكل أو يشرب أمام الصائمين رغم طول فترة بقائه فى المركز، يشارك فريق العمل بالمركز الإفطار يوميًا بالمستشفى، ويحرص على إقامة إفطار سنوى لكل العاملين فى مكان عام على نفقته ونفقة الأطباء بعيدا عن أموال التبرعات، التى يحرص ألا يتم الإنفاق منها إلا لصالح المرضى.
 
ورغم الأوسمة والجوائز العالمية، التى حصل عليها ملك القلوب، إلا أنه يصل إلى أعلى مراحل السعادة حين يبتسم له طفل تعافى من مرضه. مغرم بالعلم والبحث حد العشق، لا يتحدث إلا فى الأمور العلمية والطبية ويستمتع كل من حوله بحديثه، فهو يقدم العلم بطريقة جذابة وغير منفرة. يرفع شعار لا وساطة فى العلاج، ولا أولوية سوى للحالات الحرجة، التى لا يمكنها الانتظار أو الحالات المعقدة، التى لا يمكن أن يتم إجراؤها خارج مركز مجدى يعقوب، وتكون الأولوية إذا تساوت الحالات لمرضى أسوان والصعيد.
 
حقق نجاحات علمية لم يسبقه إليها أحد، ففى عام 1983 أجرى عملية زرع قلب لرجل إنجليزى ليدخل بسبب تلك الجراحة موسوعة جينيس كأطول شخص يعيش بقلب منقول لمدة 33 عامًا حتى توفى جون فى 2016. منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب فارس، كما منحته وسام الاستحقاق البريطانى، واختاره تونى بلير ليكون أحد الأطباء المشاركين فى إصلاح نظام التأمين الصحى فى بريطانيا. أسس مركز علوم القلب فى لندن، ومنحته بريطانيا جائزة فخر لإجرائه أكثر من 25 ألف عملية قلب، كما كرمته معظم دول العالم وحصل منها على العديد من الأوسمة والجوائز.
 
تزوج ملك القلوب - وهو اللقب الذى أطلقته عليه الأميرة ديانا- من سيدة ألمانية ولديه ولد وبنتان، يعمل ابنه «أندرو» طيارا، وابنته «لويزا» أخصائية اجتماعية، بينما ابنته «صوفى» هى الوحيدة، التى درست الطب. 
 
الدكتور مجدى يعقوب، ماذا بينك وبين ربك كى يجرى على يديك الحياة بإذنه ويمنحك أسرار القلوب ومحبتها؟