اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-05-07

القاهره 11:59 م

د. رشا الجندى

العلاج بالضحك

بقلم - د. رشا الجندى الجمعة، 05 مايو 2017 11:00 ص

تعطلت سيارة أحدهم على الطريق السريع، ولم يكن لديه أى أدوات للتصليح، جلس هو وصديقه أمام السيارة يشيران إلى السيارات المارة، ولكن لن يقف أحد، أحدهما عبس وجهه وعبر عن أنهما فى موقف مثير للغضب والحزن، فنظر إليه الآخر وابتسم، معبراً عن أنها مغامرة جديدة وموقف مثير للضحك، وعندما بدا يهونان على أنفسهما الموقف بروح الفكاهة، استقبل جسد كل منهما طاقة إيجابية فتمكنا من الصمود أكثر وإيجاد بدائل لحل المشكلة، إلى أن تمكنا من حلها بالفعل بشكل سريع جداً. 
 
على عكس غيرهما على الطريق المقابل تعرضا لنفس المشكلة ولكنهما استمرا فى الغضب والعبوس، فتحول غضبهما إلى إشارات سلبية لنفسهما وجسدهما، فضعفت طاقتهما، وبالتالى ضعف عقلهما عن التفكير فطالت مدة حل المشكلة.
 
عزيزى القارئ، تتنوع أنواع العلاج فى علم النفس ما بين السلوكى والمعرفى والدوائى، ويضاف العلاج بالفن وأيضاً العلاج بالحب..... إلخ، وأراد علم النفس فى هذا المقال أن يقدم إليك علاجا جديدا وهو العلاج بالضحك. 
 
فى يوم ما قال أحدهم إن الإنسان يستطيع أن يضحك على مشاعر جسده بالابتسامة المتواصلة لمدة خمس دقائق، فسيجد نفسه يضحك بالفعل، وسيتغير شعوره من الضيق إلى الراحة، عندما سمع علم النفس هذه المعلومة شعر بالطبع أنها أشبه بمعلومات أفلام الكارتون، أى المعلومات التى نقدمها للأطفال لنشجعهم على القيام بعمل ما، لذا لم يعطها اهتماما واستمر فى أبحاثه ودراساته التى تتناسب مع طرق تعليم الكبار، ومع مرور الوقت بالتأكيد قابل عددا ضخما من البشر والمواقف التى تساعده على استكمال دراساته.
 
 وهنا كانت المفاجأة، وهى أن المعلومة صحيحة وأن الابتسامة والضحك هما علاج لأغلب المشاكل والخلافات الكبيرة، التى ربما لا يجول بخاطرنا تماماً أن علاجها بسيط لهذه الدرجة، فقد ظن أحدهم أن زميله بالعمل تنتابه الغيرة تجاهه ويدبر له مكائد، ولكنه عندما عاتبه وجده يستقبل عتابه بابتسامة، وظن نفس الظن تجاه جاره بالعمارة، وعندما عاتبه وجده يستقبل عتابه بالقسوة والعبوس، فسرعان ما انتهت خلافاته مع زميله بالعمل ولكن تفاقمت خلافاته مع جاره.. وأُخرى قسى عليها زوجها حينما لم يهتم بالتواصل معها أثناء سفره، عندما عاد من السفر قابلته أولاً بابتسامه وقالت (كنت بتمنى لو أنك تواصلت معايا وأنت مسافر)، فضمها إلى صدره وتبادلا المشاعر الجميلة، أما الأخرى فقابلت زوجها بعبوس وجه عقاباً له فتفاقمت المشكلة بينهما وحرما من بعضهما لفترات، وغيرها الكثير من الوقائع التى أكدت لعلم النفس أن كثيراً من المشاكل، سواء الجسدية أو العاطفية أو السلوكية أو الاجتماعية ...الخ، يمكننا اختصار مدة التخلص منها إذا كانت بدايتها الابتسامة.
 
 فأغلب البشر، خاصة مع ضغوط الحياة، أصبحوا دوماً تحت تأثير ضغط نفسى، وبالتالى أصبحوا مفتقدين للقدرة على تقبل ما يسمى بـ"العتاب"، حتى إن أخطأوا وكانوا مدركين لأنهم مخطئون، لأن أنفسهم وأجسادهم تحتاج للبدء بالابتسامة وتحويل المواقف الصعبة إلى مواقف كوميدية لكى يتمكنوا من استقبال أى كلام فيها وتغيير أنفسهم لعدم لتقبل عدم تكرارها.
 
 إذن ابتسم فيما رضيت وفيما لم ترض، فما لم ترضاه جاءك ليشعرك حلاوة ما آتيك لترضى.