اغلق القائمة

السبت 2024-05-04

القاهره 08:47 ص

صورة أرشيفية

محمد أبو هرجة يكتب: الفِكــــر والفقــــر

الخميس، 25 مايو 2017 10:00 ص

الفكر والفقر من أهم الأسباب التى تسببت فى معظم الأزمات التى نعانى منها، وهما أزمتان متلازمتان، وقد يظن البعض أنه لا يوجد ارتباط بينهما، ولكن تربط بينهما أمور كثيرة وسنوضحها فى نقاط صغيرة فيما يلى:

أزمة الفكر هى أزمة قديمة نسبيا وتزداد يوما بعد يوم، فنحن لا نريد أن نُفكر أو بمعنى أصح لدينا آفة الاستسهال فى الحصول على المعلومة الجاهزة تماما مثل الوجبات السريعة، فلا تفيد الجسم، ولكن تتسبب فى إصابته بالعديد من الأمراض. ونحصل على معظم معلوماتنا من الإنترنت وخصوصا الفيس بوك والتليفزيون مثل البرامج الحوارية التى تستضيف النُخب السياسية لتلقى برأيها، والذى قد يكون مُقنعا رغم أنه خاطئ تماما، لأن الجانب الثقافى للمتلقى ومستوى التعليم لهما عامل مهم فى قبول أو رفض الفكرة التى يتم طرحها على الشاشة ولا ننسى أن التعصب الذى يجرى مجرى الدم فى أجسامنا يجعلنا نقتنع بسهولة، لأن العاطفة هى التى تتحكم فى العقل بدون موضوعية وحيادية وعقلانية حتى أصبح المشاهد مُتعود ويبلع الطعم بسهولة ليسهل توجيه الأغلبية التى قد تكون أحيانا جاهلة إلى أى فكرة.

لدينا مشكلة كبيرة مع الآخر على كافة المستويات مثل تصديق أو تكذيب الآخر وحقوق الآخر والاستماع إلى الآخر والاختلاف مع الآخر بدون تصادم. وواجباتنا تجاه الآخر وحقوقنا لدى الآخر وهذا الآخر قد يكون زميلا أو جارا أو صديقا أو قريبا أو مُختلفا معنا فى العقيدة، ولكنه شريك أساسى فى الوطن، وهنا يحدث الصدام لأننا لا نفهم أساسا معنى المواطنة وشروط المواطنة وحقوق المواطنة ويتم استدراجنا بسهولة إلى الصِدام والخلاف وندفع ثمن هذا الجهل كثيرا.

الحرية الشخصية ليس معناها الاندفاع تماما لإبداء أى رأى فى أى وقت، ولكنها حرية مسئولة لابد أن يكون لها قانون ينظمها حتى لا تتحول لفوضى وهنا أيضا تجد أزمة الفكر فى فهم معنى الحرية والمسئولية والقانون والمصلحة العليا للوطن التى تقتضى أحيانا أن نترك الخلاف إذا كان سيؤدى إلى انتشار العنف.

ونأتى إلى الفقر الذى يعتبر آفة الآفات ومستنقع الأمراض وله دور كبير فى ظهور أزمات كبيرة وعنيفة. الفقر مرتع التطرف من الناحيتين سواء كان التشدد أو الانحراف فلا فرصة هنا للاعتدال أو التوسط . ومحاربة الفقر من أهم الأولويات التى تقضى على التطرف والتشدد والجريمة لأن العقول والبطون الخاوية هى بيئة خصبة للانحراف والإرهاب، وهو ما بدأت بالفعل الحكومة فى علاجه فإتخذت خطوات هامة فى تطوير العشوائيات، فكانت نقلة حضارية هامة ولكن ليست المعيشة فقط هى العلاج الأساسى لهم، ولابد من توفير فرص عمل لهؤلاء تجعلهم يشعرون بأمان وتبعدهم عن طريق الانحراف والتشدد .

الفكر والفقر أزمات لا تنتهى وصراعات ومحاولات للإصلاح دائمة ورغبة وإرادة فى تغيير أحوال الأغلبية الكاسحة إلى الأفضل لنُحد من النتائج المؤسفة التى تحدث وندفع ثمنها غالبا كل يوم فالنظرة الشمولية للوطن بالكامل تعطى صورة عميقة للمشاكل الحقيقية التى نعانى منها، وذلك من أجل وضع آليات وأولويات العلاج والمقاومة وبالتأكيد ستظهر النتائج حتى لو تأخرت على المدى البعيد.