اغلق القائمة

الأحد 2024-05-05

القاهره 05:09 ص

د. رشا الجندى

علم النفس بين ريم البارودى وسمية الخشاب

بقلم - د. رشا الجندى الأربعاء، 24 مايو 2017 08:04 م

تناول الإعلام واقعة زواج المطرب أحمد سعد من الفنانة سمية الخشاب بعد زواجه غير المعلن من الفنانة ريم البارودى وطلاقها. قد يبدو حدث عادى ولكنه أثار الجدل لكونه غير متوقع لدى البعض.
 
واقعة قوبلت بالشفقة من أشخاص واستهزاء من آخرين وإثارة تفكير من غيرهم لإعادة النظر فى قرارات اختياراتهم لشريك الحياة، وهل المشاعر هى الطريق الأمثل للاختيار؟ أم العقل؟ أم الجمع بين كلايهما؟ كما أنها كانت غير مثيرة للمتابعة لدى مجموعة من الأفراد الذين يمتلكون قناعات محسومة تجاه تلك المواضيع وكانت وكانت وكانت ولكن فى النهاية وكعادة أى موضوع تنوعت وجهات نظر مستقبليه بعد طرحه فى الإعلام. فقد تعاطف البعض مع الفنانة ريم البارودى معتبرين أنها أخطأت فى اختيارها، وغيرهم قاموا بتوجيه اللوم للفنانة سمية الخشاب والبعض تعاطف معها، وآخرون انتقدوا المطرب أحمد سعد . وعدد لا يستهان به من الأنفس احتاروا بين تقدير الأمور وتصنيف التصرفات وفقًا للصح والخطأ، ومن الذى يستحق المساندة فى مثل هذه الوقائع؟ من الظالم ومن المظلوم؟ وما الاستفادة من تناول الإعلام لهذه التجارب؟
 
وكعادة علم النفس فهو يلعب دور المنصت أولاً ثم المتعمق فى طبيعة النفس البشرية ثانيًا لتحليل دواعى سلوكياتها، ومن ثم تحليل التجربة لإهداء القراء ما وراء الشعور فى الموضوع لنأخذ منه ما يلزمنا لصحتنا النفسية للوقاية من الأضرار النفسية الناجمة عن بعض التصرفات وتوضيح الرؤى لعدم التسرع بظلم الآخرين فى الحكم على تصرفاتهم وبالتالى حماية أنفسنا من أن نظلمها فيما بعد بتكرار التصرف غير السوى.
 
عزيزى القارئ: ليتمكن علم النفس من أن يصل معك للهدف من كتابة هذا الموضوع، اسمح له أن يطرح عليك التساؤلات التالية:
 
هل لك أن تضمن عدم تغير مشاعرك تجاه شخص ما؟.. قد تكون إجابات بعض ممن يعيشون حالة حب هذه الأيام بنعم طبعًا ولكن البعض أيضًا ممن عاشوا قصة حب وكانوا يقولون نعم ولكن القدر لم يسمح بأن تكتمل القصة فشعروا بالطبع بقسوة القدر ولكنهم فيما بعد قام القدر بتحريك مشاعرهم تجاه أخر بدرجة أكبر مما كانوا عليها فى القصة الأولى، وتعجبوا لأنفسهم من أنهم عندما يرون الحبيب الأول ربما يقولون كيف كنا نشعر تجاهه هذا الشعور؟! فهؤلاء الآن يجيبون على سؤالى بـ "لا". ليس فقط هم ولكن أيضًا من تزوجوا عن قصص حب ولكنهم تفاجأوا من أن مشاعرهم تتحرك تجاه آخر، أو أن مشاعرهم أصابها الملل أو ... أو ...الخ. 
 
هنا علم النفس يطرح باقى تساؤلاته: هل لك أن توجه مشاعرك لإنسان؟ هل للمشاعر قيود؟ هل لك أن تمنع مشاعرك عن إنسان؟ وهل لك ان تتحكم فى سلوكياتك وردود أفعالك؟ 
 
عزيزى القارئ: علم النفس يؤكد لك أن جميع أطراف الواقعة التى نحن بصدد تناولها فى هذا المقال هم ضحايا للمشاعر التى لا تستطيع أى نفس أن تمتلكها. ولكنهم بإمكان تصرفاتهم تجاه المشاعر أن تجعل منهم ظالم ومظلوم لأن سلوكياتنا نمتلكها. المطرب احمد سعد هو إنسان. إن اخترق علم النفس أحاسيسه قد يجده ربما كان غير كاذب فى مشاعره تجاه الفنانة ريم البارودى ولكن ربما تغيرت مشاعره تجاهها وتحركت لغيرها، وربما لم يكن مدركاً لحقيقة مشاعره تجاهها، وربما يحيا حالة من التخبط أو الضغوط التى تجبر مشاعره على الانتقال بسرعة من شخص لآخر، وربما وربما .. فلا تلوموا الاخر على مشاعره ولكن ماذا عن التصرفات الناجمة عن المشاعر؟ كيف نعبر عن تغير مشاعرنا تجاه الآخر؟ تستحق الفنانة ريم البارودى التقدير لرفضها الإعلان عن أسراره أو عيوبه، هل هذا يعنى أنها لا تتألم؟ بالطبع فراق من تهوى أنفسنا البقاء معه أمر شديد الألم وتغير مشاعر من كان يحبنا تجاهنا هو أمر شديد القسوة من القدر ولكن ما بعد الفراق هو الأمر الذى يكشف حقيقتنا أمام أنفسنا والأخرين. فمن طبيعة النفس البشرية أن تشعر بالألم عند الفراق ولكن النفس الراقية لا تلوم الآخر على تغير شعوره لأنه ليس ملكه، فلا تحمل الآخر ما لا طاقة له به، ولكن أن تلومه على تصرفاته فهذا الأرقى. وكذلك الحال بالنسبة للفنانة سمية الخشاب فلا أحد يلومها على توجه مشاعرها تجاه نفس ما، ولكن من الأرقى أن يتم انتقاد تصرفات ما بعد الإحساس بالمشاعر، فليس من الضرورى أنها قصدت ظلم آخر بمشاعرها. ولكن هل كان لها أن تعبر عن مشاعرها تجاهه وهى تعلم ان مشاعره مع أخرى؟ هل ضمن المنتقدين أنها كانت تعلم ذلك؟ ربما كانت لا تعلم. وربما كانت تعلم ولكنها كانت أضعف من أن تتحكم فى مشاعرها. ربما هو أخبرها بأن مشاعره ليست مع غيرها. ربما أخبرها بأن مشاعره تضمهما الاثنين سويًا. ربما وربما فجميعها احتمالات قد يُتهم فيها علم النفس بالقسوة ولكنها حقيقة لابد من تقبلها. فلا تعاتبوا المشاعر لأنها ملك للأقدار وليست للبشر، ولكن عاتبوا التصرفات .
 
أعزائى أطراف هذا الموضوع. علم النفس يؤكد إليكم جميعًا أن ما حدث هو اختبار حقيقى لمشاعركم جميعًا. فقد يتحول أهم أناس بحياتنا لذكرى بأفراحها وأحزانها.. أكثركم حزن على الفراق وبحثًا عن الأخر هو من أحب بصدق.. وأكثركم قسوة هو من خسر الصدق.. وقد تأتيك الصدمة ممن لا تتوقع، ولله حكمته فى قدره.. قد يصدمك ليقويك، أو ليعطيك، أو لينور بصيرتك تجاه من قلبك إليه يخضع . 
 
إذن لتفادى صدمات الفراق عليك بالإيمان بحقيقة الحياة وطبيعة النفس البشرية.. فإن وجدت من يحبك بصدق فكن أصدق منه ولا تستهن بمشاعره، فكم من نفوس تألقت وبفقدان الحب تدهورت .. ولكن عندما تحب الاخر لا تتوقع أن حبه مستمر، أن تفعل كل ما بوسعك للبقاء، وتقدم له كل الخير، ولكن توقع فراقه فى وقت ما، فإن استمر خير، وإن لم يستمر فقد حفظت نفسك من الصدمة.. استمتعوا بلحظات البقاء ولا تستعجلوا الفراق ولكن إن شاءت الأقدار للفراق فلتكونوا على استعداد نفسى لذلك ولتتأكدوا أن الخالق عز وجل لم يأخذ من الإنسان الصادق شيء إلا ليعوضه بخير عنه.
 
إذن من يستحق التصفيق من الجمهور فى هذه الواقعة الآن هو من يستطيع التحكم فى تصرفاته تجاه مشاعره سواء كانت إيجابية أو سلبية .. أما عن تحديد من هو الظالم؟ فلا لأحد أن يستطيع الجزم بتحديد ذلك سوى أطراف الواقعة أنفسهم لأن هذا شيء يتعلق بضمائرهم ومشاعرهم الداخلية التى لا يمكننا رؤيتها.. ولذا، فليترك الجمهور الرغبة فى تحديد الظالم ولنركز على ماذا استفدنا من الواقعة لصحتنا النفسية.